كثير من السيدات يفكرن ويسرحن بخيالهن، وهن جالسات مع أزواجهن في جلسات الصمت الطويلة وحالات الخرس الزوجي التي تتنابهما بعد مرور سنوات على زواجهما، ويتساءلن في أنفسهن ترى فيم يفكر زوجي؟ ولماذا لم ينتبه إلى قصة شعري الجديدة أو طلاء أظافري الذي غيرت لونه؟ لماذا يفضل القراءة أو مشاهدة التليفزيون على الحديث معي وتبادل الحوار، فهل أصبحت مملة إلى هذه الدرجة؟
والموضوع ببساطة أن هناك اختلافات بيولوجية بين الرجل والمرأة، ينبغي أن يفهمها كل منهما لكي يقتربا من بعضهما البعض بالقدر المناسب مع الاحتفاظ بمساحة معقولة من البعد، الذي يمكن أن يطلق عليه (البعد الحميمي) لأنه يزيد من شوق كل منهما للآخر، وينشط الحب والعلاقة الحميمية بينهما، وربما نرى الشريك الآخر أكثر وضوحاً إذا ابتعدنا عنه بدرجة معقولة.
يقول الدكتور عبدالهادي مصباح: على الرغم من وجود اختلافات في الطباع والنشأة والتعليم والثقافة من رجل إلى آخر، إلا أن هناك اختلافات بيولوجية بين الرجال والنساء بصفة عامة تم اكتشافها خلال السنوات العشر الأخيرة وربما تساعدنا معرفة هذه الاختلافات على الإجابة عن بعض الأسئلة السابقة التي ينبغي أن تفهمها وتعيها أيضاً بعض النساء المتحمسات للمساواة بين الرجل والمرأة، فالرجل لا يمكن أن يتساوى مع المرأة، فهما ليسا متطابقين ولكنهما متكاملان، خلق الله أحدهما بصفات وخلق الآخر بصفات أخرى مختلفة لتكملها.
ولعل هذا ما أظهره تصوير المخ من خلال الفحص المقطعي باستخدام البوزيترون، وهو فحص يستطيع أن يصور الأجزاء المختلفة من المخ وهي تعمل، ومن خلال هذه التقنية نستطيع أن نكشف خداع الرجل لزوجته أو العكس، عندما يقول لها إني أحبك أثناء التصوير، وذلك من خلال قياس مدى النشاط الذي يسري في مركز العاطفة في المخ والموجود في منطقة تلافيف المخ، والحقيقة أن الفحص قد مكن العلماء من اكتشاف فروق كثيرة بين كل من الرجل والمرأة، فمنذ بداية تكوين كل منهما تبدأ ظهور هذه الاختلافات وتنمو مع مرور الزمن، فالرجل على سبيل المثال يفرز كمية أقل من المرأة من هرمون الحب الأساسي (الأوكسيتوسين) وهو الهرمون الذي تفرزه الغدة النخامية ويزيد من علاقة الارتباط والحميمية بين الزوجين، وكذلك يفرز الرجال كمية أقل من مادة السيروتونين التي يساعد توازنها في المخ على عدم حدوث الاكتئاب وبينما يظهر فحص أن المرأة تصبح أكثر هدوءاً وراحة نفسية من خلال الحوارات والكلام وربما الثرثرة، نجد أن الرجل عكس ذلك تماماً فهو يسترخي بعيداً عن هذه الثرثرة، إذا شاهد مباراة للكرة أو فيلماً من أفلام الإثارة أو الأكشن لكي يخرجه مما هو فيه من تفكير وهموم.
ومن خلال دراسة مخ الرجال تبين أنهم في الغالب لايهتمون بالتفاصيل الدقيقة داخل البيت، ولكنهم يهتمون بذلك في أعمالهم ولذلك نجد أن الرجال أقل ميلاً لممارسة الأعمال المنزلية ولا تستهويهم بينما نجد الزوجة يمكن أن تقوم بها بسهولة وسعادة أيضاً، وذلك حسب ما جاء في الأبحاث التي قام بها العالم النفسي مايكل جوريان، الذي ظل لسنوات طويلة يدرس الفرق بين مخ الذكور والإناث من خلال تصويرهم بالفحص المقطعي بالبرزيترون. ولأن الرجال يفرزون هرمونات التستوستيرون الذكورية وكذلك الفازوبريسين بكميات أكبر من إفرازها عند الإناث، لذا فإننا نجد أن الرجال في الغالب أكثر تحفزاً ورغبة في إثبات الذات، وأكثر محاولة للقتال من أجل الترقي في السلم الوظيفي وذلك على الرغم من أن هناك نساء نابهات لديهن نفس الحافز والرغبة الشديدة في التفوق في مجال عملهن وإثبات ذاتهن.
والحقيقة أن كلمات الحب بين الزوجين حتى لو كانت في بدايتها غير حقيقية أو من وراء القلب، إلا أنها مع التكرار تستطيع أن تنبه إفراز إندورفينات أو فيونات طبيعية من المخ، وكذلك تنبه إفراز هرمون الأوكسيتوستين من خلال لمسة حانية أو قبلة تحفز الكثير من الشحنات العاطفية بين كل من الزوجين، ولا تحاولي عزيزتي الزوجة أن تعرضي زوجك للفحص المقطعي لكي تكتشفي كذبه، فلقد ستره الله ولن تفضحه التكنولوجيا.