الجائزة في حد ذاتها أداة معنوية تُقدَّمُ لصاحبها الحقيقي المنتج الفعال في أي مجال من مجالات العلم والمعرفة، والإبداع في الفن والأدب، وفي جميع المجالات التي تسهم في تقديم المنفعة والخدمة للإنسانية.
إن للجوائز العامة أو المتخصصة قيمة لا ينكرها أحد في بناء المجتمع، لأن المجتمع المتقدم أو النامي يحتاج إلى التركيز على النجاح والتميز وإبرازهما، ويحتاج إلى محفزات وآليات لتحقيق ذلك، والجوائز هي إحداها. كثير من الجوائز أسهمت في تطوير قطاعات بعينها، فكما أسهمت جائزة بوليتزر في تطوير الصحافة، وأسهمت جائزة أوسكار في تطوير الصناعة السينمائية، فإن جوائز أخرى أقل شهرة وأكثر تخصصاً، أو أكثر محلية صنعت الأمر نفسه. عندما يطمح الإنسان أو تسعى المؤسسة جاهدة إلى تحقيق جائزة ما، ثم يُعطي المجتمع المؤسسة أو الفرد الأولوية بسبب الجائزة ويجعل طريقه ممهداً، فهذا يعني تحول الجائزة إلى أداة مُرشحة تحدد أولئك الذين يعبرون من ضفة الاجتهادات إلى ضفة التميز.
من الواضح الآن أن الجوائز عموماً بالمضمون والشكل المعاصر غربية المنشأ، لم يهتم بها الوطن العربي إلا من وقت قريب، بل فجأة حيث تكاثرت وازدحمت ساحة الإبداع بالعديد منها في صحوة بعد جدب طويل غاب فيه الاحتفاء بالإبداع والمبدعين. فقد ظهرت في السنوات الأخيرة العديد من الجوائز المتخصصة ذات السمعة العالية في عديد من البلدان العربية.
والواقع أنَّ للجوائز بعدين الأول منهما مادي ويتمثل في المبالغ التي يحصل عليها الفائز، والآخر إنساني معنوي، وهو الذي يخلد صاحبها ويرفع من رصيده عند زملائه ورؤسائه في العمل وأصدقائه..
الأمر الآخر الذي قد يكون جديراً بالملاحظة؛ هو تعدد الجوائز ذات المنشأ العربي في نفس المجال ولنفس الأهداف في نفس المجتمع، وعليه فإن هذا التوازي في الفكر والأداء قد لا يؤدي إلى النتائج الأفضل والتي يمكن أن يحققها التضافر والتعاون فيما بينها.
والحق أن الجائزة أياً كان نوعها ما هي إلا صدى لعملٍ مميز، وفي الوقت ذاته يجب أن تمنحها جهة قادرة على تمييز العمل من خلال معايير علمية دقيقة، تمكنها من القدرة على الحكم الحيادي والموضوعي، بحيث تكون الجائزة في النهاية شهادة للجهة الممنوحة لها على تميز الأداء في مجالها، وبرهاناً للجهة المانحة يؤكد قدرتها على الحكم والتفريق بين مَن يستحق ومَن لا يستحق.