بادرت جريدة «النهار» اللبنانية بفتح ملف «أدب الخيال العلمي في العالم العربي» قبل عامين، وأتبعها «مختبر السرديات» بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء في المغرب، بعقد ندوة دولية موضوعها: «الخيال العلمي والأدب العربي»، بمشاركة عدد من الباحثين المتخصصين والمبدعين، وانتقل الحماس والاهتمام إلى سورية، فعقدت مؤتمرين في العامين الماضيين، ونتج عنهما إطلاق مجلة «الخيال العلمي». مما سرب للقارئ شعوراً ببدء حركة موسعة للاهتمام بهذا الصنف من الكتابة الإبداعية، ويزداد التفاؤل خطوة مع إنجاز المسرحي المصري محمد علي عبدالهادي: «موسوعة الخيال العلمي لأدباء الشرق والغرب» بتقنية الـ(سي دي)، وهو كاتب مسرحي متخصص في مسرح الخيال العلمي، وإن لم تُمسرح كتاباته حتى الآن.
تولدت فكرة الموسوعة لديه، أثناء حواره مع كاتب الخيال العلمي المخضرم نهاد شريف في مارس 2005، والذي أشار عليه بالفكرة للرد على مقولة الغرب إنه لا يوجد أدباء للخيال العلمي في الوطن العربي. ليبدأ الباحث جولته الموسعة في لقاء الباحثين والمهتمين بالخيال العلمي، في الرواية، والقصة، والنقد، والمستقبليات، والأعمال الفنية التشكيلية.
ولفقر المكتبة العربية في التوثيق لهذا النوع من الكتابة الأدبية، يتبين للقارئ مدى مشقة البحث والتنقيب، عن أعمال مخبأة في أرشيف الجرائد، والمجلات، بين المكتبات وأرصفة بيع الكتب القديمة «سور الأزبكية»، و«السيدة زينب» في القاهرة، من خلال ما رصده محمد علي عبد الهادي، مثل حصوله على نسخة من «طفيليات العقل» للكاتب والمفكر البريطاني كولن ويلسون، وهى روايته الوحيدة في أدب الخيال العلمي، طبعت في العراق من ترجمة محمد درويش. ونسخة من رواية «طعام الآلهة» للكاتب البريطاني هربرت جورج ويلز، طُبعت سنة 1946 بدار الكاتب المصري، من تعريب محمد بدران، مما أفاده بوضع مفهوم جديد في الموسوعة أسماه مكتبة أغلفة الكتب، تضم أعمالاً لـ(38) كاتباً من الغرب، منهم: ماري شيلي، جول فيرن، غورغ أورويل، فيليب إيبلي، روبرت ستيفنسون، وموراي لاينستر.. إلخ. وسيجد القارئ أعمالاً إبداعية كثيرة، لم تنل حظها من الدراسة والبحث، مثل: قصة «7 نوفمبر» المنشورة بجريدة الشعب عام 1956 لإيهاب الأزهري، مؤلف رواية «الكوكب الملعون». والقصة الطويلة «سادة الفضاء والوجود»، لزكريا البرادعي. ورواية «مرآة المستقبل» لمحمد عبدالكريم خلف.
الموسوعة تقع في (2 سي دي)، الجزء الأول يحتوي على مجموعة من المكتبات، منها: مكتبة أغلفة الكتب، مكونة من (200) غلاف، لمؤلفات في الخيال العلمي، صدرت خلال الفترة (1946-2009). مكتبة السيرة الذاتية المفصلة لـ(76 كاتباً)، وأهم أعمالهم الأدبية، وأحاديث صوتية للبعض. وهو جهد بذله محمد علي عبد الهادي لإضافة ملمح حي، للتفاعل والحوار. ومكتبة المسلسلات والبرامج، بها خمس عشرة ساعة استماع، لأعمال مسرحية وقصصية، منها: «السيد من حقل السبانخ» لصبري موسى، «الشيء» لنهاد شريف، «لو عرف الشباب» لتوفيق الحكيم، «إنهم يأكلون الهامبورجر» لبهيج إسماعيل. مكتبة القصص والمسرح تضم أعمالاً كاملة: أربع مسرحيات له، قصة «الاختراع العجيب» لتوفيق الحكيم، «الناقوس الصدئ»، و«جولة المساء» لنهاد شريف، «الإنسان الآلي»، و«البحث.. بعيداً عن المدينة» لرؤوف وصفي، «عيون آينشتاين»، و«العمر خمس دقائق» لصلاح معاطي، و«7 نوفمبر» لإيهاب الأزهري. موسوعة أدباء الغرب، وفيها إطلالة لعرض معلومات توثيقية عن أهم الكُتاب الغرب في أدب الخيال العلمي.
الجزء الثاني من الموسوعة عبارة عن اللقاءات المرئية (الفيديو)، مع (23) كاتباً من مختلف الاتجاهات الأدبية، لعرض آرائهم في قضايا أدب الخيال العلمي، مشكلاته، والحلول المقترحة، في (250 دقيقة) مجمل اللقاءات، منهم: نهاد شريف، رؤوف وصفي، صلاح معاطي، عصام بهي، قدرية سعيد، حسين قدري، محمود قاسم، مها مظلوم، نبيل فاروق، هالة حسين عمر، شوقي بدر يوسف، محمد مورو، يوسف الشاروني، ومحمد العشري.
«موسوعة الخيال العلمي لأدباء الشرق والغرب» لمحمد علي عبد الهادي عمل فردي مبتكر، جامع لكُتاب الخيال العلمي في مصر، يحتاج إلى من يتبناه ليشمل كُتاب الوطن العربي، ويرعاه تسويقياً، لتوسيع دائرة انتشاره، والاستفادة منه.