إن تاريخاً لا يبقى عبرة حين تقوله الأرقام، فليس الأندلس عبور وهجرات، وإمارات وطوائف، وثورات وحروب، وإبادة وتدجين..
كانت الأندلس محاولة من محاولات التاريخ لتوائم الإرادة الإنسانية وإقامة العمران البشري، وفي هذا الكتاب (الموجز في التاريخ الأندلسي والموريسكي «ما بعد الأندلس»).
ينقسم الكتاب إلى اثنين؛ الأول «طيف الأندلس» وأما فصوله: صقر قريش، عاقل الأندلس، الإخوة الأعداء، زرياب عصفور من الشرق، القديس قاتل العرب، الزهراء وأخواتها، عرب وبربر: قصة مدينتين، ألفونسو الحكيم، زمردة الموحدين، حلم ابن الأحمر، أرباب المثلثات، برتقالة ابن خلدون، سان كريستوبال، في تاريخ المدجنين والموريسكيين، رسول الأجراس، فتنة كتب الرصاص، الخراف ومحاكم التفتيش، ما لم يعرفه كولمبوس. والثاني «ذاكرة الشتات». وأما فصوله: تطوان ابنة غرناطة، في ضيافة الموريسكيين، قراصنة هورناتشوس، تمبكتو عاصمة السراب، أندلسيو حوض النيجر، وهران: سانتا كروز -سيدي هواري، تلمسان وأشباح وهران، بربروس كابوس اللحية الحمراء، تستور حفرية أندلسية، عروس الفقراء، الإسكندرية عاصمة الذاكرة، خطى وإرث المقام، الأندلسيون في الشرق.
وضعت صفحات لمصطلحات أندلسية: الموريسكيون، محاكم التفتيش، المدجنون، الأندلس، ومسرد تاريخي لأحداث أندلسية، وفهرس الأسماء الإسبانية.
إن المقدمات التاريخية باتت معروفة في مسألة الهجرة الأولى إلى الأندلس، سواء كانت طوعية أو قسرية، وما شجع عليها حركة الملاحة البحرية والأسواق التجارية البعيدة بينما جاءت بدايات انهيار هذه الحضارة مفاجئة، فلم يكن يدرك أن كل من كان في ظلالها ستناله نيرانها.
ففي القرن الحادي عشر وبسقوط مدن الأندلس اضطر المجتمع الأندلسي إلى مواجهة الحكم المسيحي مطلقاً عليهم «المدجنون»، ففي حين قبل المسيحيون المستعربون تحت ظل الحكم الأندلسي - الإسلامي، لم يرحم الحكم المسيحي حتى الأقلية اليهودية في الأندلس -السفارديم لاحقاً- فطردت من غرناطة بعد تخييرها إما بالتحول إلى المسيحية وإما الطرد خارج المدينة. لم يكن التخيير يسيراً فقد انهالت المجازر والمحارق متوالية عليهم في مدن إشبيلية وبرشلونة، فأجبروا على النزوح إلى البرتغال والشمال الأفريقي والدولة العثمانية التي آوتهم في سالونيكا.
وفي القرن السادس عشر ثار الموريسكيون – المسلمون المتحولون إلى المسيحية قسراً- لاتهامات وتضييقات أثناء حكم فيليب الثاني أولها تهمة التقية – إظهار المسيحية وإبطان الإسلام-، فمنعوا من التحدث بالعربية، وفتشت بيوتهم لتخلى من المصاحف والكتب العربية، وأجبروا على تغيير لباسهم، وحرمت الاحتفالات الشعبية، ومنعوا من ارتياد الحمامات العامة.
أقصي الكثير من الموريسكيين نحو قشتالة ونشطت في الصناعات على ما سواها من مدن الأندلس الرازحة تحت الحكم المسيحي آنذاك، وفي مطلع القرن السابع عشر أصدر فيليب الثاني مرسوماً طردهم ما جلا أكثر من تسعين بالمئة من المجتمع الأندلسي!
هذا الكتاب جولة في تاريخ منسي!
محمد حسن الرزاز من مواليد القاهرة عام 1976، أسس مجتمع PTP الثقافي عام 2002 من أجل إثراء الحياة الثقافية في مصر. انتقل إلى إسبانيا عام 2008 حيث درس التاريخ بجامعة غرناطة والإدارة الثقافية بجامعة كاتالونيا الدولية في برشلونة. شارك محاضراً في فعاليات العديد من المؤتمرات الدولية في مصر وإسبانيا وإيطاليا وسلوفينيا وغيرها. له العديد من المقالات والأبحاث المنشورة حول تراث البحر المتوسط من قبل مؤسسة التراث الأندلسي بإسبانيا وغيرها من الجهات. يعمل بالأمانة العامة للاتحاد من أجل المتوسط ببرشلونة منذ عام 2013، كما يعمل كأستاذ في الثقافة وتاريخ الفن وتراث حوض المتوسط بجامعة كاتالونيا الدولية منذ حصوله على درجة الماجستير من الجامعة ذاتها في عام 2010.
الناشر: دار الربيع العربي 2017