تبقى تجربة المسرح في المملكة العربية السعودية عامة، وفي منطقة تبوك خاصة؛ تجربة متواضعة وخجولة، إذا ما تمت مقارنتها بالتجارب العربية. ولعل أكبر معاناة يواجهها المسرحيون هي عدم وجود إستراتيجية رسمية لمعرفة الواقع المسرحي، وانعدام البنى التحتية للمسرح، وغياب الجمهور الواعي بأهميته ودوره بوصفه رافداً ثقافياً مهماً، ومنصة تشخص حالة المجتمع لتطرح حلولاً لمشكلاته، أو ترفيهاً لأفراده، فضلاً عن نقص الدعم المالي الذي يُمكّن المسرحيين من الإبداع والتوهج واستمرار العطاء. وفي صورة المشهد الثقافي التبوكي فإن المسرح الذي يعد (أبا الفنون) ظل يشتكي عقوداً من الضياع والافتقار إلى بنية تحتية، وإلى جحود اجتماعي، وكانت الفرق المسرحية تعامل باعتبارها مناشط هامشية في الحياة الثقافية، وظلت الثقافة المسرحية تشتكي من فرز اجتماعي لا يتقبل الصورة التعبيرية للفن المسرحي، خصوصاً إذا اقترن المسرح بأدوات عرض تتناقض مع الثقافة السائدة، بل إن مفهوم المسرح الشعبي ظلّ محدوداً ومحصوراً، ونما هذا الفن ضمن النشاط المدرسي والجامعي، وداخل قاعات مغلقة لجمعيات الثقافة والفنون. والمسرح في منطقة تبوك ما زال يعاني من معوقات مزمنة من أهمها: عدم وجود قاعات عروض دائمة وحديثة، وكذلك عدم وجود أكاديمية أو معهد متخصص حتى الآن من شأنه أن يرفع من مستوى الأداء المسرحي، إضافة إلى ضعف الميزانيات المخصصة للإنتاج المسرحي المرتبط أصلاً بضعف الإعانة السنوية الممنوحة لجمعية الثقافة والفنون؛ كل هذه المعوقات لها الأثر السلبي البالغ على المشتغلين بالمسرح، كما يضعف من الجهود المبذولة لإبراز دوره اجتماعياً. وقد استطاعت لجنة المسرح في فرع جمعية الثقافة والفنون بتبوك أن تقدم منذ عام 2005 نشاطاً مسرحياً جيداً في ظل إمكاناتها المحدودة، ما بين عروض مسرحية أو دورات أو ورش مسرحية أو ندوات في ذات المجال، إضافة إلى المشاركة في المهرجانات والمناسبات الداخلية.
لذا يمكن القول إن المسرح لا يعيش أفضل فتراته، ولابد من فتح المجال للاستثمار الخاص لتبقى أبواب وستائر المسرح مشرعة للجمهور من خلال بناء مسارح خاصة أو إنتاج المسرحيات وتقديم الدعم المادي واللوجستي لها طيلة أيام السنة، وليس في المواسم فقط، وذلك حتى يصبح حضور المسرح سلوكاً اجتماعياً لجميع أفراد المجتمع.