تتعرض تبوك (شمال غرب السعودية) لهزات أرضية أكثر من عدد التجارب المسرحية، بينما الرقم خمسة في عنوان مسرحية (قرية خمس نجوم) أكبر من الرقم ثلاثة المتكرر كثيراً على مقياس رختر زلازل تبوك.
كانت (قرية خمس نجوم) ولادة قيصرية لمسرحية، تشارك في إنجازها فريق وجد نفسه في مواجهة خشبة المسرح والجمهور لأول مرة (عدا المخرج: علي مسامح)، جمعتهم مسرحية، وفرقهم هروب صاحب الفكرة، وكاتب نصها، ومنتجها من تكرار تجربة الكتابة والإنتاج، لدرجة هروبه من اسمه المسرحي (خالد صالح البلوي) إلى (خالد الفاضلي)، كستارة أكثر عتامة. تماماً كدلالات زلازل، لا يوجد مؤشرات أولية عند (خالد صالح البلوي) أو قدرات إنتاجية (مالية أو إبداعية)، بينما كتابته لنص المسرحية لا يزال مكاناً لشك، لأنه لم يكررها، كما أنه ليس منتمياً أو مثقفاً في عالم المسرح، فلم يُجالس مسرحاً إلا على ناصية شاشة تلفاز (أبيض وأسود) في قرية نائية، وعندما تعلق بأطراف رحْلِ أسرته المتجهة إلى تبوك كان ابن (ما بعد الثانوية بخمسة أعوام) وما قبل حيازة شهادة جامعية بخمسة أعوام أيضاً. وقف خالد من جديد على ناصية حظ، داخل المساحة الفاصلة بين أبيض الحظ وأسوده، لكنه مزجهما نحو اللون الرمادي، صنع منه طريقه، ومشى عليه نحو (تأسيس فرقة مسرحية) والذهاب بعروضها إلى (مهرجان الجنادرية) بصفته (أوسكار) السعودية.
(طاح وجهي) هذه رمزية محلية معناها (يا كسوفي)، عفواً معناها (يا خجلي)، لقد نسيتُ في أي عام كانت عاصفة المسرحية تجتاحني (المتحدث خالد الفاضلي في عام 2017)، مضيفاً، كانت تجربة قابلة للنسيان، ليس لأنها لم تك صادقة، أو عميقة، بل لأنها كانت طفرة (بوهيمية) في (عقل متشرد بطبيعته) يعيش كل يوم في وادي تيه جديد، لم يكن الخطأ (انفلات) خالد، بقدر كونه عدم (انضباط) الثقافة في تبوك لناحية تثبيت وترقية كل تجربة فردية أو جماعية.
كان نص المسرحية نتاج عشرين ساعة من العزلة، والضحك بهستيريا أثناء (تخليق شخصيات) صنعتهم قرية نائية، كانت آمنة مسالمة إلى حين تم تحميلها (أمانة انتخابية) لتقرير منح (ختم مشيخة القرية) لأحد اثنين، أحدهما قادم بالوراثة، والآخر منازع لها بالمال واللسان، بينما كان تصنيع الممثلين والعثور عليهم نتاج جهد أكبر، تشاركت في ممارسته قطع قماش مكتوب عليها -بما معناه-: إن أردت المشاركة في تمثيل مسرح فاللقاء في فندق العادل مقر فريق المسرحية (لقد كان صاحب فندق العادل، يراقب بصمت وحب، ويتغاضى عن كثير من الفواتير).
كان (علي مسامح) ربان سفينة المسرحية لناحية اختيار الممثلين، (بروفة الطاولة)، وإخراج المسرحية حتى استقرت مدة ستة أيام على خشبة مسرح رعاية الشباب بتبوك، ويوماً سابعاً على مسرح الجنادرية بالرياض، بينما لا أحب، كخالد الفاضلي حالياً -خالد البلوي سابقاً- أن أعود لقراءة كل علامات طريق (مسرحية قرية خمسة نجوم)، لأنني حتى الآن لم أتجاوز عذابات تحديات التجربة، وأقرب وصف لصعوبة التجربة تجده بين أضلع عاشق صادق، جلب لحبيبته عقد ماس، وعندما وضعه حول عنقها، بصقت في وجه، وهو مصير أغلب التجارب المسرحية والإبداعية.
المجلة العربية: تبوك
حظيت منطقة تبوك برعاية ودعم حكومي رسمي على امتداد عهود ملوك المملكة الراحلين رحمهم الله إلى أن حل عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله.. الملك المثقف الذي عرف بحبه للثقافة والقراءة والتاريخ.. وفي هذا التقرير نستعرض أبرز مؤسسات الثقافة في منطقة تبوك:
المكتبة العامة
تأسست المكتبة العامة في تبوك عام 1392هـ وتحتوي على أكثر من 40 ألف عنوان وتهدف إلى خدمة الزوار بتزويدهم بالمراجع ومصادر التعلم وتقنية المعلومات وتقدم خدمة الإعارة والتصوير، والإحاطة الجارية، وتعمل على فترتين، الفترة الصباحية للرجال والفترة مسائية مخصصة للنساء.
النادي الأدبي
تأسس النادي الأدبي في تبوك عام 1415هـ ويهدف إلى تفعيل النشاط الثقافي والأدبي بإقامة المحاضرات والندوات وطبع الكتب، ويحتوي النادي على قاعتين ثقافيتين الأولى للرجال أطلق عليها صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان قاعة الأستاذ (محمد عرفة) الثقافية وتحتوي على 200 مقعد وهي مجهزه بكافة التقنيات الحديثة، وأيضاً قاعة أخرى للنساء ترتبط بالقاعة الرجالية عبر شبكة دوائر الاتصال المرئي والصوتي، كما يضم النادي قاعة لإقامة ورش العمل والدورات بالإضافة إلى مكتبة كبيرة تحتوي على أكثر من 5 آلاف عنوان، ولقد أصدر النادي عدداً من الكتب والدوريات حتى بلغت عدد إصداراته من الكتب أكثر من (105) عناوين تنوعت بين الإبداع والدراسات الأدبية والنقد والتاريخ واللغة العربية. أما الدوريات فقد أصدر ثلاث دوريات هي (أفنان) وهي مجلة علمية نصف سنوية ومجلة ضفاف وهي نشرة اجتماعية ربع سنوية، ومجلة (حسمى) وهي تعنى بالإبداع كالقصة والشعر والمسرح والأدب المترجم وتصدر نصف سنوية، كما يواظب النادي على إقامة صالونه الثقافي (الأحدية) وذلك كل يوم أحد من كل أسبوع.
الجمعية العربية للثقافة والفنون
افتتح فرع الجمعية في تبوك عام 2005م وانطلقت في رعاية الأنشطة الثقافية في مجال المسرح، والفن التشكيلي والتصوير الضوئي والخط العربي ودعم المبدعين من أبناء المنطقة وتشجيع الطاقات الشابة في تنمية هواياتهم، وشكلت بذلك عدداً من اللجان لكي تستطيع من خلالها تفعيل الحراك الثقافي في المنطقة ومنها (لجنة التراث والفنون الشعبية، لجنة والمسرح، لجنة الفنون التشكيلية والخط العربي، لجنة التصوير الضوئي ولجنة المنتدى الثقافي، لجنة العلاقات العامة والإعلام)، وقدمت من خلالها عدداً من الفعاليات المسرحية والمعارض التشكيلية والضوئية ومسابقات الإنشاد، واستضافة المبادرات الاجتماعية، كما طرحت عدداً من الإصدارات الخاصة التي توثق النشاط الإبداعي بالمنطقة ومن أهمها الدليل المعرفي لصناع المبادرات عام 2016م.
مؤسسات ثقافية في تبوك.. شمول وتنوع وإنماء