مجلة شهرية - العدد (578)  | نوفمبر 2024 م- جمادى الأولى 1446 هـ

تاريخ الانشاد والغناء واللعب الشعبية بمدينة جدة التاريخية

اشتهرت جدة القديمة بألوانها المتعددة في الغناء والأناشيد، فطالما كانت منبعه وموطنه ومن حازت قدم السبق في اكتشاف ألوانه وأنواعه، منها ما زال رهن الوجود مصاحباً أهل جدة في أفراحها ومناسباتها، وآخر انقضى واندثر ولم تعد له سوى الذكرى. وفيما يلي استعراض شامل لتاريخ الغناء والأناشيد في جدة القديمة لكافة أنواعه، ولمن كان يؤديه نساء ورجالاً من أهل جدة القديمة.
وهو يشبه إنشاد وغناء أهل مكة مع اختلاف ببعض الإيقاعات والأغاني واللعبات (الرقصات)، وبلغ عدد ألوان وأنواع غناء أهالي جدة ومكة الرجالية والنسائية التي بقيت حتى الآن ما بين 22 - 24 لوناً. وحول أصوله، ذكرت معظم مخطوطات وكتب العرب والمستشرقين وبقية مخطوطات ورسائل وكتب الغناء والموسيقى بالعصر الأموي والعباسي وعمالقة الغناء من أمثال إبراهيم وإسحاق الموصلي وزرياب؛ أن أصل الإنشاد (الحداء) والغناء والمقامات الصوتية السلالم (السلم الموسيقي العربي) أسسه مغنو الحجاز. وغناء سكان أمهات القرى المدن بالحجاز -الحضر- هو الغناء القديم ربما الجاهلي المعروف بغناء (ليلي أو الليالي)، ذُكر ذلك في المنقوشات الصخرية للعصر الآشوري، وفي كتبي ذكرتها. وهذا الغناء العربي الحجازي الأصيل، بجانب غناء (ليلي)، وما يغنى حتى الآن؛ يظهر جلياً في استخدام كلمة ولازمة (ليلي لال أو الليالي لال أو لالي لال أو يالالال) في غناء المجس والحدري والفرعي والكسرة والجمّالي (جميع أشكال الموالات الحجازية)، ثم في كل أو معظم أغاني الصوت والدور والموشحات (الصهبة) ودانات الكف والدانات الحجازية، وكل أغاني الفنون واللعب الشعبية مثل أغاني المزمار والبحري والخبيتي.. وغيرها، ويغنون غناء النصّب المتطور والسنّاد والموقع والمتقن والهزج، ويغنون غناء البدو والركباني (الحداء والجمّالي ..إلخ). وغناء النصّب- غناء الهزج وإيقاعه (استنتاج مثبت وهو أصل إيقاع المزمار والخبيتي)؛ يُغنيه ويلعبه الحضر والبدو. والغناء المتقن والموقع- غناء السنّاد (هو غناء مطور من الغناء القديم). ومن هذه الألوان الغنائية اشتقت الألوان الموجودة الآن في مدن منها جدة وقرى الحجاز، وقد ذُكرت هذه الحقائق والمعلومات في كتاب الأغاني لأبي فرج الأصبهاني، خطت عن أصل الغناء، ص95. وفي كتاب العقد الفريد ذكر أن الغناء على ثلاثة أوجه (النصّب والسنّاد والهزج). فأخذت جدة هذه الأنماط والأساليب الغنائية الحجازية الأصيلة وتأثرت بها وحافظت عليها حتى الآن، كما ذكر في كتب التاريخ، ثم تطور الغناء القديم في مكة كذلك وفي جدة التاريخية وتغيرت أسماء معظم الإيقاعات والمقامات الموسيقية فأصبحت كما نعرفها الآن.
والغناء في مدينة جدة الآن ينقسم إلى قسمين: غناء الرجال (الحضر والبدو)، وغناء النساء (الحضريات والبدويات) وهو كالاتي:
غناء الرجال الحضر أهل البلد بجدة التاريخية منذ القدم حتى الآن  
أولاً: إنشاد المجس والموّال الحجازي، إنشاد فقط بدون إيقاع، وهو الحداء المتقن، أي حداء أهل المدن الحجازية الكبرى، وغناء ليلي أو الليالي. وبدو جدة ينشدون الحدري/الفرعي/الكسرة/الموّال، ويسمى إنشاد القهقهة، ومن أوائل من غنّى الحداء المتقن بطريقة القهقهة الحجازية المميزة في العصر الأموي ابن سريج. والمجس مصطلح قديم من جس النبض أو لمسه -جس نبض الجمهور- ثم بعدها أطلق اسم المجس على غناء الموال الحجازي والمجس الحجازي المميز لا يستطيع أي مُغنٍّ أو مُغنّية أن يؤديه غير مُغني الحجاز (مكة/جدة/المدينة/الطائف)، ويتفرع إلى:
- إنشاد الحداء المتقن (قبل الإسلام تقريباً بـ100عام)، أي إنشاد أهل المدن مكة والمدينة والطائف وما حولها.
- إنشاد القهقهة (والقهقهة هي مد الصوت وترجيعه وتعد من أفانيين الحجاز).
- إنشاد الصيحة، وتميز بها الإنشاد الحجازي كافة عند معظم المغنين والمنشدين الحجازيين حوالي 80- 100هـ.
- إنشاد الّالا أو اللّالات الحجازية.
- إنشاد المقرون، ويسميه مغنو الحجاز جس بالصوت وأنشد، وجاء في العقد الثمين أن غناء المقرون ينشده أهل الحجاز قبل الغناء نوعاً من النصّب، وذكرها أيضاً أحمد تيمور باشا في كتابه الموسيقى والغناء.
- وما عرف باسم المجس الحجازي اشتهر من قبل 70- 100عام أو أكثر وحتى الآن، وهناك استنتاج مثبت أن المجس هو إنشاد القهقهة الحجازية، وغناء الصيحة وغناء الّالا أو اللالات الحجازية. وهذه الطرق الغنائية تشبه ما يسمى في المصطلحات الموسيقية بالسنكوبات والاربدات الموسيقية، وهذا ينطبق تماماً على أداء المجسّات والكسرات والحدري والفرعي الحجازي القديم الذي لا يزال مستعملاً حتى الآن. ولقد حافظ على أدائه كبار المنشدين والمطربين في الحجاز.
ثانياً: غناء الصوت الحجازي (إيقاعات وأغانٍ بعضها برقص) 20هـ، (تسمى في العصر الأموي والعباسي أغاني صوت)، وقد اندثرت معظمها، وإيقاعاته القديمة الثمانية المذكورة بكتاب الأغاني: الثقيل الأول والثاني وخفيفهما والرمل والهزج..إلخ، ومنها: الخبيتي/المزمار/ القُصمي المجرور وإيقاعات الموشحات (الصهبة)/ الزير/ البحري/الزفة/ التتريب/التزحيف/إيقاعات دانات الكف/ وبقيت بعض أغاني الصوت تغنى كموشحات وأدوار وغناء الكف والدانات أو كمجسات تختم أغاني الصوت الحجازي، ثم تغير مصطلح الصوت كأغنية وسميت بعضها بغناء الكف.
ثالثاً: غناء الموشحات العربية الأندلسية والأدوار: دخلت وانتقلت إلى الحجاز عبر طريقين من شمال العراق الدولة العباسية والشام، ومن الغرب من الأندلس والمغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر حتى الحجاز، فغناء الموشحات منذ العصر العباسي بين (400هـ – 600هـ) استمروا بغنائها بنفس ألحانها وإيقاعاتها.
وعن الموشحات الحجازية، والتي اشتهرت قبل حوالي 70سنة باسم الصهبة الحجازية؛ غنى أهل الحجاز الموشحات الأندلسية، وقاموا بتغيير بعض ألحانها وإيقاعاتها، وقد أطلق المصريون على مغني الأدوار والموشحات العربية الأندلسية ما بين 70-120 اسماً الصهبجية والغناء، وسُمّوا الصهباء وهو مصطلح أطلق عليهم نتيجة انسجامهم وهيامهم بالغناء ووصفوا بالهائمين في الغناء، ثم انتشر هذا الاسم لغناء الموشحات والأدوار القديمة بمصر وانتقل الاسم فقط إلى الحجاز وباسم الموشحات ثم الموشحات المصرية نسبة للأمصار من أهل المدن الحضر وليس نسبة لمصر، وبعض الأدوار والأغاني المصرية سميت وعرفت هذه الأغاني باسم دور صهبة مصرية. ولأنها تغنى بالكف وببعض آلات الطبل الصغيرة - الرق والمصقع والنقاقير- التي تغنى أيضاً بغناء الكف والدانات ويمان الكف؛ يسميها البعض غناء كف مصري أو مصري الكف. وكما قلنا من هنا ظن البعض أن غناء وأغاني الصهبة مصرية، والحقيقة أن أغاني الصهبة الحجازية هي أغاني الموشحات العربية والأندلسية، ومنها حجازية الكلمات واللحن وأيضاً الإيقاع كما وضحت سابقاً. وقمت ببحثي في كتابي هذا بذكر وتحديد الصهبة الحجازية الأصيلة والصافية، وذكرت أغاني الصهبة المصرية والشامية الدخيلة علينا. ومنذ 1000عام ألّف بعض شعراء الحجاز قصائد بشكل ووزن الموشحات، فغناها أهل الحجاز وعرفت بالموشحات الحجازية، حتى انتشر غناء الموشحات الحجازية المميزة المختلفة عن شعر الموشحات العربية الأندلسية، واستمروا بغنائها بنفس الاسم، وعند انتشار ودخول بعض أغاني الصهبجية المصرية قبل حوالي 70 سنة إلى الحجاز تغنى بعض رواد أغاني الموشحات بمكة وجدة والمدينة بأغاني الصهباء المصرية، والتي من شعر الموشحات ومن الشعر العامي المصري، ولذلك يسمون بعض أغاني الصهبة الحجازية بأغاني الصهبة المصرية أو الكف المصري أو مصري الكف، ومن هنا حصل الالتباس والاعتقاد الخاطئ بأنها مصرية.
رابعاً: غناء الكف أو دور الكف، إيقاع وغناء فقط كإيقاع امتداد لبعض إيقاعات الصوت، أي منذ 20هـ، وتحول للون غنائي حوالي 550هـ، واشتهر باسم غناء يمان الكف في مكة وجدة والمدينة، وبقيت بعضها بنفس الاسم، ثم غُيرت بعض أغانيه وسميت بالدانات، حيث اختلف المؤرخون بظهور اسم الدانات كأغاني، قيل قبل 300 أو 200 سنة و120 أو 100 سنة، أو اشتهرت بالدانات قبل 70 سنة. أطلق على بعض أغاني الكف الحجازية (إيقاع الكف بطيء) اسم الدانات لأن مجموعة مكة لغناء الكف استعملوا ترنيمة ليل دانه يا دانه كلازمة بدلاً من الموسيقى، ثم بعدها انتشرت الأغاني المشهورة باسم الدانات الحجازية (الدانات في الحجاز صنفت كدانات حجازية) لأنه توجد دانات خليجية ويمنية تختلف عنها، وللعلم غناء يمان الكف حجازي مكي الأصل وليس من اليمن.
خامساً: غناء الأدوار الحجازية، وسميت قبل 70سنة (بالدانات) والدانة لؤلؤة كبيرة داخل المحار فهي غناء بإيقاعات فقط، ومسماها بأدوار يعود لعام 600هـ - 1350هـ، أمّا كإيقاعات فهي امتداد لإيقاعات الصوت الحجازي، وكأغاني بعضها منذ 600 هـ، وكلازمه غنائيه لمناداة الليل للحلول والاقتراب وقيل الليلة دان كليلة القمر المضيء، وهو مصطلح أخِذ من تسمية بعض أنواع الغناء الخليجي والحضرمي اليمني بالدان أو الدانة التي انتشرت بعدها في كل شبه الجزيرة العربية، وتغنّى بعض الدانات الحجازية بكلمات وشعر الدان اليمني (الحضرمي العدني والصنعاني)، حتى حصل الالتباس في أغاني الدانات الحجازية واليمنية وصعوبة تفرقتها (إلا قليل من الفنانين يعرفون الفرق بينها)، ثم بقيت للآن باسم الأدوار أو الدانات الحجازية وعدد إيقاعاتها أكثر من سبعة إيقاعات.
سادساً: غناء الصهبة الحجازية: هي حجازية اللحن والإيقاع والكلمات، مع أن بعض كلماتها من قصائد موشحات قديمة، واشتهرت بالصهبة. قال القدماء إن شخصاً من أهل الحجاز -جدة أو المدينة- اسمه محمد بن إسماعيل شهاب الدين انتقل إلى مصر وعاش فيها إلى أن توفي، وأثناء ذلك كتب عن غناء الموشحات الحجازية المشهورة تلك الفترة، وأضاف إليها بعض أدوار الموشحات الأندلسية، وغناها أهل الحجاز، كما غناها مصريون وعراقيون ولكن بلحن مختلف عن الحجاز.
سابعاً: غناء المزمار لعبة إيقاع ورقصة غنائية، وهي كإيقاع منذ 20 هـ، وكلعبة (رقصة غنائية) من قبل 400هـ، ذ كر في المخطوطات أن إيقاع الهزج (20 هـ) أصله من الحجاز (المدينة ومكة)، وقام المؤرخون والمستشرقون والموسيقيون والعرب بتفسير إيقاع الهزج، فكان مطابقاً بالنوتة لإيقاع المزمار المعروف الآن، فنستنتج أن إيقاع المزمار قديم حجازي الأصل، وكانوا يلعبونه بالسيوف والرماح، ثم أصبحت تلعب بالعصي، واستعملت آلة المزمار في غناء ولعب المزمار، فارتبط اسمها بالمزمار حسب أقوال كبار السن ولاعبي المزمار وعمد الحوائر (الحارات)، فهي منتشرة في كل مدن وقرى الحجاز، وشهدت تطوراً، وسنت لها قوانين وأصول معروفة الآن (كتب عن أصول اللعبة في بعض الكتب منها: الأغاني الشعبية)، وقاموا أيضاً بصياغة كلمات وألحان حجازية حديثة بسيطة وكلمات عاميّة من الحارة ومن المقامات الحجازية المشهورة. فاللعبة بنظامها وطريقتها وقوانينها لا توجد أي رقصة في العالم بنفس أسلوبها وإيقاعها الهزجي المُميّز. ومن أشهر أغاني وأدوار المزمار الحجازي القديمة (التراثية الشعبية) ذات اللحن أو السلم السباعي الحجازي العربي: (ياالله يا والي) وكذلك يلعبونه عبيد وموالي أعيان الحارة (السودان) بغناء حجازي بالسلم الموسيقي الخماسي، ومن هنا حصل الالتباس بالاعتقاد أن لعبة المزمار أفريقية سودانية أو مصريّة.
ثامناً: غناء المكي المدني المشهور بالـ(عدني) خطأ، وهي لعبة (إيقاع ورقصة نسائية) بين 1360-1390 هـ. ونظراً لاختلاط الأغاني الحجازيّة بالأغاني العدنيّة، ولجهل بعض المغنين؛ أطلق على هذا الإيقاع الغناء العدني، وسمّوا الإيقاع أيضاً بالعدني، وهذا الإيقاع المكي لُحِنت به أغانٍ خفيفة وانتشرت هذه الأغاني بعد ما لحّنوا عليها كبار فنانينا، والرقصة النسائية الحجازية لحضر مكة وجدة والطائف تسمى عدني، وبعد مراجعتنا لرقصات عدن لم نجد أي علاقة بها. لذلك فالغناء والرقصة النسائية والإيقاع المُسمّى بالعدني حجازي وليس عدنياً.
تاسعاً: غناء القُصمي والمجرور وهو لعب تكون من قصمي ومجرور قصمي، ذكر في كتاب الأغاني أن (لأهل الحجاز رقصة يضربون الدفوف بها ذهاباً وإياباً، تميزوا بها وهي تطابق لعب القُصمي والمجرور الآن). والمجرور حجازي الأصل وليس أفريقياً.
عاشراً: غناء البحري، لعب (إيقاع ورقصة)، هو غناء البحّارة أو الغناء الساحلي، وكلعبة (رقصة مغنّاة) تشابه رقصات بحارة سواحل البحر الأحمر مثل بحارة مصر والإيقاع الصعيدي.
ملاحظة: غناء البحري أو الساحلي أو الينبعاوي حجازي، وليس مصرياً حسب اعتقاد البعض. وتوجد به أغانٍ مصرية. وإيقاع البحري هو إيقاع المصمودي باختلاف بسيط وهو يطابق إيقاع تختيمة الموشح أو الصهبة ويشبه المصري.
الحادي عشر: إنشاد وغناء المدائح النبوية (إيقاعات وأناشيد)، وتنشد بعدة إيقاعات بالكف.
الثاني عشر: غناء الطنبرة أو الطمبرة، لعب (غناء وإيقاع بطيء ورقصة)، ويقال إنها قدمت من أفريقيا إلى جدة منذ صدر الإسلام عهد بلال الحبشي من أفريقيا في عهد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقيل إنها حوالي عام 1200هـ، وقيل حوالي عام 1250هـ، فاختلفوا فيها، وقيل إن جماعة من الأحباش كانوا يلعبونها ثم صاغ أهالي مكة وجدة عليها كلمات وألحاناً حجازية بالمقامات الحجازية ذات السلم السباعي بدلاً من الألحان الأفريقية ذات السلم الموسيقي الخماسي المعروف بالمقام السوداني.
غناء نساء جدة (الغِناء الحريمي الحضريات والبدويات)  
كانت المُغنيّة قديماً تُسمّى قينة وجمعها قينات، ثم سُمّيت بعد ذلك اللعّابة أي التي تلعب وتؤدي لعبات غنائية أي تُغنّي، وأشهر من غنى الغناء الحجازي القديم مثل غناء الأصوات والموشحات والدانات هن السيدات. وأنواعه:
أولاً: إنشاد وغناء الفُرعي والحدري والموال النسائي (إنشاد فقط بدون إيقاع)، ينشدنه الحضريات والبدويات الجداويات، وهو امتداد لغناء الحداء والليالي والموال والمجس كلحن وحداء قديم منذ القدم وكاسم وأسلوب بكلمات الكسرات النسائية. وربما ظهر من حوالي 600هـ عند ظهور الطبريات (عالمات في الفقه والدين والأدب والشعر) ثم الفراعن (أديبات وشاعرات)، وقيل إنه سمي فرعي نسبة لرعاة وادي فرع شمال جدة، إذ ينشدون هذا النوع من الحداء أو الحدري القديم المتوارث والذي ينشد بالمقامات الحجازية وهو امتداد لغناء الركبان أو الركباني منذ قبل الإسلام، حيث أن البدو يسمون هذا النوع من الإنشاد بالحدري والحضر سكان المدن الكبرى يسمونه فرعي، ويمتاز الحدري أو الفرعي بإنشاد خاص بالمقامات الموسيقية الحجازية البدوية وبطريقة الجمّالة الحداة، ولذلك يسمون هذا الإنشاد أيضاً بالجمّالي، فيقولون فُرعي جمّالي. وكان مُعظم نساء جدة ومكة والطائف والمدينة وينبع (الحضر منهن والبدو) يجدن إنشاد وغناء الحدري.
ثانياً: إنشاد وغناء زفة العروسين الجداوية (إنشاد وإيقاع بطيء) كإيقاع الزفة فهو من إيقاع الرمل 20 هـ، إنما بُطّئ، وكطريقة وطقوس وزفة قيل ربما ظهرت حوالي 400هـ أو عام 900هـ. وهو زفتان:
 أ- زفة الولد: وهي الأكثر شهرة وانتشاراً، وتُسمّى زفة حجازية أو سعودية، ولحنها من مقام (الحراب الحجازي)، وإيقاعها إيقاع مميز بطيء جداً، من أبطأ الإيقاعات في العالم وأصعبها باعتراف كبار الموسيقيين الأجانب (فرنسيين وإنجليز وأمريكيين وكل من استمع إليها) والعرب ومنهم كبار الموسيقيين.
ب - زفة البنت: ولحنها من مقام (المكي المدني دوكاه) ونفس إيقاع الزفة الحجازية.
ثالثاً: غناء الرجيحي أو الرجيعي لعبة (إيقاع ورقصة نسائية)، وهي رقصة نسائية ترقص عليها فتيات ونساء جدة ومكة، وتغنّى بعد زفة ونصّة العروسين على الكوشة، وأغاني الرجيحي أو الرجيعي قليلة.
رابعاً: غناء الليحي وهي لعبة (مثل الخبيتي النسائي إيقاعاً ورقصة)، فهي أغانٍ وإيقاع ورقصة نسائية يرقصن بها بعد رقصة الرجيحي، إنما برقصة نسائية.. وغيرها.
خامساً: غناء التتريب وهو إيقاع وغناء بدون رقص، وهو نفس غناء الدانات الرجاليّة إنما بالإيقاع نفسه، وهي الدانات (النسائية أو الحريمي).
سادساً: غناء القُصمي والمجرور الجداوي النسائي، لعبة (إيقاع وغناء).
سابعاً: غناء المكي المدني المشهور بالعدني خطأ: لعب (إيقاع ورقصة نسائية)، وهو إيقاع بسيط مأخوذ من بعض الإيقاعات الحجازية.
ثامناً: غناء التزحيف الجداوي (إيقاع وغناء)، وتلعبه البدويات والحضريات من أهل جدة  أيام الحج حتى حوالي عام 1370هـ. وأول من غناه من أهالي جدة النساء في الأفراح. وغناء القيس، وهو غناء ورقصة نسائية، وكلعبة ربما تعود لقبل عام 1000هـ، وكانت متداولة خارج أو في أطراف المدن جدة/ مكة/ القرى المجاورة.
تاسعاً: غناء الزير النسائي، وهو زير الخليف، لعبة وإيقاع ورقص، يقام في المناسبات والأعياد، حيث تجتمع النساء ويغنين الزير، علاوة على أغانٍ أخرى كغناء الغزالة، وغناء الجكر، وغناء النافي، وهي أيضاً ذات إيقاع ورقص.
تنويه
المصادر والمراجع والأشخاص الذين أخذت منهم هذه المعلومات عن مدينة جدة وأهلها وفنانيها:
من المخطوطات والكتب والرسائل القديمة المختلفة أهمها: العقد الفريد/ كتاب الأغاني/ مروج الذهب/ بهجة التواريخ/ الأدوار/ مخطوطات الكندي/ ابن سينا/ الفارابي/ هنري فارمر. ومن الكتب المتوافرة حالياً: تاريخ مدينة جدة لعبدالقدوس الأنصاري طبع 1383هـ/ مُختصر تاريخ جدة لحسن أبوالحمائل طبع 1396 هـ/ موسوعة تاريخ جدة لعبدالقدوس الأنصاري طبع 1401هـ/ عدد خاص عن مدينة جدة في مطلع القرن الخامس عشر 1401هـ/ ملامح الحياة الاجتماعية في الحجاز في القرن الرابع عشر الهجري لمحمد باعشن 1402هـ/ جدة القديمة م.فؤاد سروجي وم.عبدالله تلمساني 1404هـ/ أعلام الحجاز لحمد مغربي 1404هـ/ تاريخ جدة العمراني لهشام محمد جمعة 1409هـ/ الأغاني الشعبية لهند باغفّار 1414هـ/ جدة في مطلع القرن (10) لنوال شِشه 1414هـ/ أهل الحجاز بعبقهم التاريخي لحسن قزاز 1415هـ/ الحرفيون بمدينة جدة للمهندس وهيب كابلي 1425هـ.. وغيرها.
أما الأشخاص الذين أخذت منهم المعلومات  فهم كثر، ومن أبرزهم: الشاعر عبدالعزيز أبو مجرد النجيمي/ من والدي رحمة الله عليه، ومن الشيخ سعد الحربي (الأسود). ومن خالاتي وأقرباء أمي وصديقاتها من أعيان جدة وصديقاتها الفنانة الكبيرة توحة وغيرها؛ أخذت وكتبت كل ما يتعلق بغناء نساء جدة القديمات. بالإضافة  للمقابلات التلفزيونية والإذاعية والجرائد والمجلات التي أجريت مع كبار السن ووجهاء وأعيان وعمد حارات جدة وفنانيها: الموسيقار غازي علي/ فوزي محسون/ الكدرس/ حسن عبدالرحيم/ طلال مداح/ محمد عبده/ عبادي الجوهر/ علي عبدالكريم.

ذو صلة