تعد صناعة السينما من الصناعات والاقتصادات التي تقوم عليها أغلب الدول المتقدمة، كما توجد ولايات معروفة في الولايات المتحدة الأمريكية أمثال كاليفورنيا ونيويورك وسياتل تعد صناعة الأفلام فيها أشبه ما تكون المصدر الرئيسي للاقتصاد في تلك الولاية، بل إن كاليفورنيا تعتبر أن صناعة السينما هي العامل الأول تليها السياحة وأخيراً البترول كمصدر دخل اقتصادي للولاية.
أهمية صناعة السينما لا تتمثل في بعض المشاريع الصغيرة، بل ببناء مجتمع متذوق ومُطلع على أهمية ومكانة هذه الصناعة، ودورها بتغيير الكثير من العادات والتقاليد والأفكار وكذلك تغيير الرؤية الخارجية للبلد نفسه. فصناعة السينما والأفلام تفتح مجالاً للتوظيف والتفكير الإبداعي المُغاير لبعض الوظائف والصناعات المحدودة بطريقة معينة للقيام بها، لكن ما يميز صناعة الأفلام هو تعددها وتنوعها وتطورها بشكل دوري ضمن جميع مجالاتها من كتابة السيناريو، التمثيل، الإنتاج، الإخراج، المونتاج والمؤثرات البصرية والصوتية. هذا التطور في الصناعة يعمل بشكل شبه متوازٍ مع ما يلاحظه المشاهدون من تطورات تكنولوجية وعلمية، ومن خلال الأفلام يكون هناك علاقة ربط بينها وبين الواقع، في حال لم تقم الأفلام مسبقاً بعرض بعض الأفكار والاختراعات المستقبلية قبل وجودها فعلياً على أرض الواقع. يمكن اعتبار أن أوروبا تحتوي على المدارس الأصلية للسينما بينما الولايات المتحدة الأمريكية أخذت هذه المدارس ودمجتها مع بعضها البعض وأضافت الطابع الأمريكي عليها فقط.
من هنا بزغت مهرجانات الأفلام العالمية التي كان هدفها هو التبادل الثقافي والخبرات والتعليم وكذلك رؤية تنوع الأساليب في الطرح السينمائي من الشخصيات، السرد القصصي وأخيراً طريقة التصوير أو الإخراج. فعندما نذكر تلك المهرجانات العالمية التي لعبت دوراً كبيراً في صناعة الأفلام وأخرجت لنا قصصاً وشخصيات لا تنسى؛ لا يسعني سوى ذكر أهمها مثل مهرجان فينيس للأفلام منذ عام 1932، مهرجان كان السينمائي منذ عام 1946، مهرجان كارلوفي فاري، من التشيك منذ عام 1946، لوكارنو، سويسرا منذ عام 1946، مهرجان إدنبره للأفلام، في أسكوتلندا منذ عام 1947 ومهرجان برلين السينمائي منذ عام 1951، وهناك الآلاف من المهرجانات المتعلقة بالأفلام لكنها متواجدة في مُدن صغيرة وعديدة إلا أنها ليست بمثابة هذه المهرجانات التي أثرت بشكل واضح على الصناعة وجعلت المتخصصين يعملون جاهدين للمسابقة في عرض أفلامهم وقت المهرجان.
في المملكة العربية السعودية ومع رؤية 2030 وتطلعاتها المستقبلية في بناء صناعة تختص بالسينما وصناعة الأفلام كأحد أهداف الرؤية، يمكننا القول إننا نسير في الطريق الصحيح، ومع جميع ما تقوم به وزارة الثقافة من دعم لهذه المبادرات الثقافية المتعددة والمتنوعة فهي خير دليل على أن المساعي الحثيثة تصب في المصلحة العامة والتي ستعود بفائدة كبيرة على مستوى الدولة والأفراد. فمن ضمن أهداف المبادرة تشجيع شركات الإنتاج العالمية لإنتاج بعض أفلامهم في المملكة والتي ستعود عليهم بالمميزات والتسهيلات، وكذلك تعليم المهتمين من المواطنين في الانخراط ضمن آلية العمل في هذا المجال بشكل أوسع. لذلك، وفي سبيل تشجيع تلك الشركات للقدوم وإنتاج وتصوير أفلامهم هنا، كان إطلاق مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2020 كخطوة أولى لبناء جسر التواصل بين المملكة والغرب في هذه المسألة، والذي سينطلق من 12-21 مارس 2020 في مدينة جدة التاريخية.
المهرجان له برنامج ينقسم إلى 11 قسماً كالتالي:
- مسابقة البحر الأحمر للفيلم القصير: تقتصر المشاركة فيه على عشرة أفلام قصيرة تتنافس على جائزة اليُسر الذهبي الخاصة بالأفلام القصيرة.
- خارج المسابقة: تختص بعرض الأفلام التجارية المعروفة بعد طرحها ضمن السينما المحلية أو التجريبية وهي فرصة للمشاهدين للالتقاء بالمخرجين المخضرمين وأبطال الأفلام.
- المسابقة الرئيسية: تتنافس فيها الأفلام الروائية الطويلة من مختلف بقاع الأرض على جائزة اليُسر الذهبي لأفضل فيلم روائي طويل وعدد من الجوائز الأخرى.
- أفضل الأفلام: يتم فيه عرض أهم الأفلام التي عُرضت ضمن المهرجانات العالمية السابقة وحازت على إعجاب النقاد وهي فرصة للمشاهدين المحليين لرؤية تلك الأفلام التي ضجت بها الصحف والعناوين.
- الأفلام الكلاسيكية: تعرض أهم الأفلام التي أحدثت ثورة نوعية في صناعة السينما منذ نشأتها وتجسيداً للتراث وإبقاء ذكرى لهؤلاء المُلهمين أن يبقوا أحياء في ذاكرتنا من خلال عرض أفلامهم.
- السينما التفاعلية: استخدام الواقع الافتراضي للخروج بالمشاهدين من العروض السينمائية إلى تجارب حية مع فنانين تمكنوا من خلق سرد قصصي معين من خلال البيئة المحلية المُحيطة.
- سينما السعودية الجديدة: عرض بعض الأفلام الروائية الطويلة السعودية التي تعكس النشاط الحراكي ضمن الوسط الفني.
- تجريب: فيديوهات لا تخضع لأي قيود أو أطر فنية، يتم تصويرها عن طريق كاميرا الجوال وتتراوح الفيديوهات من دقيقة إلى 13 ساعة، كما يمكنها أن تكون فيديوهات للرحلات أو تجارب شخصية.
- العروض الاستعادية (Retrospective): سيكون هذا البرنامج مُخصصاً لترميم وعرض أعمال المخرج المصري خيري بشارة كاملة.
- الكلاسيك: سيكون مخصصاً لعرض وترميم أفلام نادرة للمصور المحلي الراحل صفوح نعماني.
- أجيال: قصص وأفلام خاصة بالأطفال والجيل الشاب لتحفيز النقاش وتوسيع دائرة الحوار.
معمل البحر الأحمر: سيكون هناك تعاون بين المعمل وشريك أكاديمي مؤسسة تورينو فيلم لاب، لاختيار 12 مشروعاً (6 مشاريع سعودية و6 مشاريع من دول عربية) ليتم إدراجها ضمن برنامج حاضنة مكثفة لمدة خمسة أشهر، تكون مجزأة على ثلاث ورش يجتمع فيها أعضاء المشروع مع خبراء التدريب والمشرفين في مدينة جدة.