فيلم اجتماعي بامتياز يبحث في قضية من أهم القضايا الاجتماعية والإنسانية بالدرجة الأولى وهي قضية رعاية الأيتام، وأهمية البحث الدقيق عند اختيار الأسرة البديلة التي ترعى هؤلاء الأطفال الأيتام، وقد يبدو غريباً أن نرى يُتماً في الحيوان، تلك المفارقة التي يعرض لها الفيلم مع عدم تصور الإنسان وليس أي إنسان إنما محب وعاشق للخيل لا يتصور أنه يتعامل مع عاطفة ومشاعر إنما يتعامل مع حيوان يأكل كي ينمو ثم يبيعه أو يشارك به في سباق، أما أن يتعاطف معه كيتيم ويحنو عليه ويشاركه أحزانه ويعتذر له عند الخطأ فذلك مما لا يعقل ولا يمكن تصوره، من هنا كان نجاح الفيلم الذي نتحدث عنه اليوم.
فيلم من إنتاج ستيفن باول وللمخرج شين ماكنامارا، والموسيقى من تأليف جون كودا، السيناريو لمارك هيفتي، التصوير السينمائي لـ(آر مايكل غيفنز) ومن تمثيل كل من: أليكسا نيسنسون، جون فويت، فايل بروم، إيفا لا روي، وفليب بويد.
الجمال الأسود، الحصان الأسود، وقد أصبح الآن هنا، ووجود عائلي لأورفان الفرس الودودة، ندرك أنه في بعض الأحيان ينجح كل شيء على الرغم من سوء الاحتمالات. قدم للفيلم طاقم عمل رائع، حصان جميل وقصة رائعة عن فتاة مراهقة هاربة تختبئ في حظيرة مدرب خيول متقاعد وتشكل رابطة مع مهرته المضطربة، مشاهدة الفيلم تستغرق ساعة و45 دقيقة.
البداية مع هروب الفتاة ميشيل ذات الاثني عشر عاماً أو شيلي كما يناديها البعض. بعد تعرضها للتعنيف والاستهزاء من الأم (البديلة) والضرب من الأب (البديل)؛ تهرب من المنزل الذي قررت دار رعاية الأيتام أن تلتحق به مع ثلاثة أطفال آخرين، ويصور لنا الفيلم هجوم الأم على الطفلة فيما تهاجم الذئاب على فرس بجوار أمها (فريدم)، في الجانب الآخر من المشهد في مزرعة الرجل الطاعن في السن، الذي يخرج لإبعاد الذئاب دون قتلهم لأن القانون يمنع إطلاق الرصاص على تلك الذئاب، فالأبواب لا توصد بشكل جيد والذئاب لا تبتعد بمجرد التهويش، وتصل الفتاة إلى المزرعة وتحديداً لمكان وجود الفرس فريدم وابنتها أورفن، في ذات الوقت الذي تعاود الذئاب تكرار الهجوم، ويخرج الرجل على صراخ الفتاة والإصابة القاتلة للفرس الأم.
وتشاهد الفتاة الرجل وهو يطلق الرصاص على فرسه التي أمضت معه السنوات الطويلة ولكنها أصيبت إصابات لا تستمر معها حياتها، وكانت رصاصة الرحمة هي الحل الأقرب، وتختلط مشاعر الفقد بين الفتاة التي فقدت أمها نتيجة إصابتها بمرض لم تنجُ منه، وهنا مهرة تفقد أمها التي كانت تجاورها منذ قليل وتدافع عنها، مشاعر مختلطة في لحظات مضطربة، فيما كان هناك في (المنزل البديل) من يستعدون لحمل الأطفال إلى مركز رعاية الطفولة كي تراهم المشرفة في مظهر أنيق، وصحة جيدة من الظاهر والابتسامة تملأ وجوههم، والبعض يحمل لعبته المفضلة كي تنال الأسرة قيمة ونظير خدماتها ورعايتها لهؤلاء الأيتام شيكاً يحوي نقوداً كثيرة تجعلهم أغنياء بلا عمل، وكانوا في عجلة من أمرهم للدرجة التي لم يهتموا بمرض شيلي المزعوم ويغادرون للمركز، حيث يتم السؤال عن الطفلة الغائبة! وحرصت المشرفة كارولين على رؤيتها والاستماع لها بعد ملاحظة ارتباك وتلعثم في إجابات طفلة من المجموعة.
تكتشف الأسرة غياب شيلي المفاجئ في لحظة إصدار الشيك، ويخرج الزوج جيرالد والزوجة للبحث عنها في كل مكان بالمدينة الصغيرة، حتى يصلوا للمزرعة لدى بن كرولي ولكن المدرب المتقاعد ينكر وجودها لإحساسه بمشاعرهم الكاذبة، كما أنه قد بدأ التعاطف مع الصغيرة المشاكسة، والتي أكدت له أنها سوف تعترف بأنها اقتحمت المكان واختبأت به دون علمه تجنباً لأي مخالفة قانونية، وبدأت تتشكل علاقة بينها وبين الفرس اليتيمة، حيث تلاطفها وتتحدث معها وتدفعها للأكل وللتريض حتى تحسنت حالتها وفكرت في ركوب الفرس، فيما ساءت أحوال الأسرة البديلة التي فقدت أعصابها بعد بلاغ مشرفة البوليس عن الفتاة المفقودة، وكادت تفقد الأسرة البديلة مصداقيتها لدى إدارة رعاية الأيتام.
عندما تصادقت الفتاة شيلي مع الفرس أورفان كانت تتحدث معها عن الفقد الذي جمع بينهما: (نحن الاثنتين كلانا فقد أمه)، وفي الوقت الذي فكر بن كرولي أن يبعدها عن المكان حتى لا تسبب له المشاكل كانت قد اقتربت من عالمه، وعرفت أنه يعاني فقداً كبيراً بسبب حادث تصادم راحت ضحيته الزوجة والابنة الصغرى المدللة، وسيطر الاكتئاب على حياته، مما أفقده السيطرة على مشاعره، وخرجت الابنة كارولين من حياته التي تصادف أنها المشرفة على دار الأيتام، ولم تستقر عاطفياً لأخذ قرار الزواج من ضابط التحقيق، وتجتمع الخيوط على وجود شيلي بالمزرعة التي كانت تتسارع علاقتها بالمدرب المتقاعد الذي يحاول مساعدتها لركوب الفرس أورفان، وكيفية وضع الرسن والسرج، والتمسك فوق ظهرها حتى تتجنب السقوط من جديد، وبعدها عليها أن تغادر المكان في أسرع وقت ممكن.
شيلي التي علمت بكل الذي دار بالماضي للرجل الذي يعاني فقد أسرته، ولم يعد يرغب في المزيد من التعاطي مع أحداث جديدة، ويعيش حالة من الفوضى داخل المنزل، ولكنها فوضى يأنس لها مع ذكرياته وأشيائه وبطولات الفرس فريدوم التي لم يستطع توفير الحماية لها بمجرد توفير قفل للباب، وهذه الصغيرة تريد إعادة أشياء يحاول نسيانها بالجملة، وهي تحاول الاعتياد على عصبيته وتعد له الفطور والقهوة، ولم توفق تماماً في إحداث تغيير كبير عليه كما أحدثت التغيير لصديقتها الفرس اليتيمة التي تمكنت أخيراً من امتطاء ظهرها والركض بها في مساحة المزرعة الشاسعة، ولكن هناك من يطارد الفتاة لإعادتها للمنزل الذي ألهب أصحابه ظهرها من الضرب والجلد، فلما رأى ظهرها والإصابة بها في ذات الوقت الذي وصلت فيه كارولين بمصاحبة البوليس لملاقاة الفتاة التي تحولت من المفقودة إلى الهاربة من جحيم العذاب والتنكيل، دون أي سبب غير أنها تعيش وحيدة بعد وفاة والدتها ولا تدري عن أي مستقبل ينتظرها، ولما كان القرار أن تغادر وعليها تدبير أمرها، هنا تدخلت اليتيمة أورفن لتحسم الأمر باتجاه مغادرة الحياة طالما سوف تغادر رفيقتها اليتيمة المكان خصوصاً بعد أن تجاوزت محنتها، وتنطلق باتجاه الطريق العام ناحية السيارات المسرعة لتصطدم بسيارة كارولين التي تتفاجأ تماماً بتلك الأحداث المتسارعة بشكل غريب وتطلب العون من العيادات البيطرية وتدخل لتواسي الوالد وتواسي شيلي التي ارتعبت مما حدث، وفي ذات اللحظـــة تصـــــــــل الأســـرة البديلـــــــة لتسترد المفقــــــــودة الهاربـــــــــة، ويعترض بن كرولي للزوج المجرم جيرالد ويلكمه في وجهه ويعلن عن تجاوزاتهم واعتدائهم على الفتاة وقد تركوا آثار اعتدائهم ندبات فوق ظهرها، ثم تطلب منه شيلي أن يقترب من ابنته كارولين والجميع حزين للفرس التي تنازع الموت وعندما تم التصالح وفكرة إتمام الزواج بين كارولين وضابط التحقيق كي يتسنى لهما تبني الأطفال الأربعة والعيش معهما في سلام بعيداً عن الضرب والإهانة والشعور باليتم والفقد هنا تنتعش أورفن وتقف على قدميها وسط فرحة الجميع بعزل الأسرة البديلة وتعريضهم للقانون والحياة الجديدة للجميع في المزرعة وبيت المدينة بمصاحبة الفرس الصديقة العزيزة أورفان.