تعد بوركينا فاسو (فولتا العليا سابقاً) إحدى أهم دول القارة السمراء التي تتوسط غرب أفريقيا، تحيطها ست دول هي مالي من الشمال والنيجر من الشرق وبنين من الجنوب الشرقي وتوجو وغانا من الجنوب وكوت ديفوار من الجنوب الغربي وتقع بوركينا فاسو ضمن دول الصحراء الكبرى في أفريقيا ويبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة (عام 2020) واستقلت عن فرنسا عام 1960.
سكان بوركينا فاسو ينتمون إلى عناصر عديدة منهم (الموس) ويشكلون نصف السكان تقريباً ثم الماندج ومنهم الديولا والسامو والتنجا ومن سكان بوركينا فاسو السنوفو والهوسة والفولاني والطوارق.
كانت بوركينا فاسو (فولتا العليا) منذ القرن 11 أو 12 مجموعة من ممالك مستقلة عرفت باسم ممالك موس وهم مملكة تينكودوجو ومملكة ياتنجا ومملكة واغادوغو، تصدت تلك الممالك لهجمات ممالك الشمال لتخضع في نهاية القرن 15 لسيطرة إمبراطورية سونجاي حتى عادت تلك الممالك بعد سقوط سونجاي وظهرت أيضاً إمبراطورية كونج ومملكة جويربكو في الجنوب الغربي وهي ممالك إسلامية تكونت بعد تفتت مملكة مالي حتى خضعت أخيراً للاستعمار الفرنسي أيام تقدمه في أفريقيا عندما وقع مع ممالك موس معاهدة في عام 1866 وضمت لمستعمرة السنغال العليا ثم أصبحت مستعمرة منفردة في عام 1916 وعرفت بفولتا العليا وفي الرابع من أغسطس عام 1984 أطلق الرئيس البوركيني توماس سنكارا عليها اسم بوركينا فاسو حيث وجد أن هذا الاسم هو الأنسب ليطلق على شعب ثائر أراد أن يتخلص من براثن الاستعمار فالاسم يتكون من اللغات الثلاث الأكثر أصالة في البلد: اللغة الموشية وهي لغة أكبر القبائل الموجودة في بوركينا فاسو وتعني السكان الأصليين والغالبية، ولغة جولا أو البمبارا وتعني بلد الأحرار أو الأشراف أو الطاهرين وهي لغة تجارية يعرفها أكثر التجار.
لا توجد إحصائيات دقيقة لنسب الأديان في بوركينا فاسو ولكن استناداً لإحصائيات حكومية في البلاد أجريت عام 2006 فإن 60.5 % من السكان مسلمون سنة كما أظهرت دراسة ظهرت عام 2003 أن 63 % من التلاميذ تعلموا باللغة العربية في مدارس دينية مجانية وأن السكان وبخاصة المسلمون يفضلون العربية على الفرنسية.. لغة البلاد الرسمية.. كما يتحدث السكان لغات الموري (البمبارا) وقد بدأت اللغة العربية تدرس في بعض المدارس أيضاً.
وصل الإسلام إلى بوركينا فاسو في القرن التاسع الهجري وذلك عندما امتدت طرق التجارة بين تمبكتو وجنى حيث اعتمدت في وقت لاحق لهجة قبيلة ماندينكا التي أصبحت تعرف باسم ديولا، واستقر أهلها بعد ذلك في مدن بوبو - ديولاسو - كونج - بوندوكو وغيرها من الأماكن التي تؤدي إلى حقول الذهب، ففي القرن الخامس عشر الميلادي اجتذبت منطقة فولتا العليا التجار المسلمين والمستوطنين من قبيلة أكان وذلك لإتاحة الفرصة أمام التجار في تبادل الذهب والمكسرات والملح والكاكاو.
اعتمد العمل الإسلامي في بوركينا فاسو على الجانب الدعوي حيث يمثل الشيخ في القرية الدين الإسلامي فهو يقوم بدور الواعظ والمفتي ويقوم بعلاج المرضى ويحفظ الناس القرآن الكريم ثم ظهرت المدارس الدينية أو القرآنية التي أصبحت بديلاً للكتاتيب وظهرت أيضاً مدارس التعليم الحكومية المتبنية للتربية والتعليم الفرنسي والقائمة على اللغة الفرنسية.
في القرن التاسع عشر لم يكن في بوركينا فاسو سوى 30 ألف مسلم ولكن بحلول عام 1959 كان هناك نحو 800 ألف مسلم أي ما يقرب من 20 % من السكان فقد تميز الحكم الفرنسي من قبل النخب العلمانية بتعزيز مجموعة ممتازة من السكان الأصليين لكنه ساعد أيضاً في انتشار الإسلام سلمياً فكان ينظر إلى المسلمين ثقافياً وتربوياً نظرة أكثر تقدماً من الأفارقة غير المسلمين كما تم تعيين رؤساء مسلمين وكتبة وإداريين في المناطق غير المسلمة.
ينظم المسلمون في بوركينا فاسو صلوات في المحاكم المحلية وتوزيع التعويذات والمشاركة في طقوس مكافحة السحر ونتيجة لذلك فإن المسلمين في المنطقة ليسوا أغراباً ولكنهم يعتبرون أنفسهم جزءاً من مملكة موس وفي بوركينا فاسو يعتبر المستعربون وحركة المقاومة الإسلامية مضادة للثقافة والنمط الأوروبي من الحداثة وأيضاً وسيلة لدمج الجماعات العرقية المختلفة التي تشكل السكان المسلمين في البلاد.
تعتبر بوركينا فاسو إحدى أهم دول القارة السمراء التي تتوسط غرب أفريقيا وتتميز بثرواتها الطبيعية التي لامثيل لها مثل الذهب والنحاس والحديد والفوسفات والقصدير والفضة والزنك كما تمتلك ثروة حيوانية قوية فهي أكبر مصدر للماشية للدول المجاورة وأراضيها يملؤها الخير والأمطار الغزيرة التي تساعد على الزراعة طول العام.
توجد أصناف عديدة من التعليم العربي الإسلامي أسهمت بشكل ملفت للنظر في ازدهاره وتقدمه العلمي في العصور الحديثة وتتمثل في الكتاتيب وهي مدرسة تقليدية غير نظامية تعقد في أماكن مناسبة كالمسجد وتحت الأشجار أو في سطوح أحد المباني لتعليم أطفال بوركينا فاسو مبادئ القراءة والكتابة وحفظ أجزاء من القرآن الكريم وهي تعد من أقدم مؤسسات التعليم ومركز التحصيل العلمي المعرفي في بوركينا فاسو.
إن العمل الإسلامي امتاز في المرحلة السابقة بمحاولة تعليم العربية والنطق بها على خلاف الشيخ قديماً فهو يعلم ويدرس القرآن والحديث ويفسر ويشرح معتمداً على تلقيه من شيخه السابق دون إلمام باللغة العربية فالتحدث باللغة العربية والقدرة على القراءة بها من مميزات هذه المرحلة وبدأ البوركينيون يبحثون عن الدول العربية لمواصلة سير الدراسة فالدول العربية بنظرهم أم الإسلام وحاضنته وهكذا دخل العمل الإسلامي طوراً جديداً.
يعاني الدارسون باللغة العربية للعلوم الإسلامية والشرعية من تردي أوضاعهم المعيشية لضعف حضورهم في المؤسسات لأن كل المتخرجين من الكليات العربية والجامعات الإسلامية لا تقبل مؤهلاتهم مهما كانت لكون المدارس التي تعلم اللغة العربية لا تزال ضعيفة لذلك لا تقبل الدولة توظيف أي شخص ليس متخرجاً من مدرسة فرنسية لاسيما الدعاة والأئمة بسبب عدم اعتراف الحكومة المسيحية بهم.