مجلة شهرية - العدد (581)  | فبراير 2025 م- شعبان 1446 هـ

مغيراء الطبيق

موضوع مقالنا اليوم عن قرية نشأت في بدايات العهد السعودي، ثم هجرت بعد عقود قليلة، هذه القرية هي مغيراء الطبيق.
ومن المستحسن أولاً أن نتحدث عن منطقة الطبيق بصورة مختصرة:
الطبيق
الطبيق هضبة تقع في أقصى شمال المملكة على حدودها مع الأردن، متوسطة بين منطقة الجوف من الشرق ومنطقة تبوك من الغرب.
هذه المنطقة يبلغ طولها من الشرق إلى الغرب أكثر من 80 كم، وعرضها من الشمال إلى الجنوب أكثر من 60 كم، ويقع جنوبها سهل به موردان مهمان، هما: مغيراء (موضوعنا اليوم)، ومورد فجر الذي كان يسمى ثجر قديماً.
وينقسم الطبيق من الناحية الطبيعية إلى قسمين:
- الشرقي الشمالي، يسمى طبيق الحمر (الأحمر)، لدكونة لون هضابه، وهو جبلي وأوعر من الغربي.
- طبيق العفر (الأعفر)، وهو النصف الغربي، وهضابه متفرقة، وأكثر رمالاً.
أما الاسم القديم للطبيق فخلاصة ما توصلنا إليه أن منطقة طبيق الأحمر كانت تسمى جَوش، وطبيق الأعفر يسمى العَلَم.
ومن شواهد اسم جَوش قول النابغة:
ساق الرفَيدات من جَوش ومن حدد
وماش من رهطِ ربعي وحجار
ومن شعر عدي بن الرقاع يصف الإبل:
فنتجنا قناعساً رعت الحرة
أو جوش فهي قعسٌ نواء
جِمال نواء: أي سمان، فهو يمدح مرعاها.
ومر بهذه المنطقة الشاعر المشهور المتنبي في طريقه هارباً من مصر إلى العراق فقال:
طَردتُ من مصر أيديها بأرجُلها
حتى مَرَقن بنا من جَوشَ والعَلَم
وأحياناً يقال جوشين، وبه قال الشاعر:
تجاوزْنَ من جوشين كل مفازة
وهنَ سَوَامٍ في الأزِمة كالإجل
وأحياناً أخرى تكون تثنية الجبلين بقولهم العَلَمين، وهذا له نظائر في اللغة العربية بما يسمى (المُثنّى التغليبي)، فإذا ما أُفرد صحّ إطلاقه على المتغلب من الاثنين، ومنه: الأبوان والقمران.
قال الهَجَري: وزعم الأشجعي أن بنات مخاض تحمل في بلد بلقين بن جسر من قضاعه بالصوان والعلمين، وقال هذا سمع نسمعه ولم نره، وذلك لطيب بلدهم ومرائه.
قلت كانت المنطقة في العصور القديمة من مراعي كلب وبني عمهم بلقين بن جسر، وفي القرون الأخيرة من مراعي قبيلة الشرارات، وأيضاً تنتابها الحويطات من الشمال وبنو عطية من الغرب وعنزة، أما إذا لم تُمطر فإنها تصبح خلاء لقلة مواردها.
أما مورد مغيراء فلم نجده يذكر كثيراً إلا ما ورد في معجم البلدان: (مغرة: بالفتح، وهو الطين الأحمر، قال الحازمي: هو موضع بالشام في ديار كلب). وهذه المنطقة تعد من بلاد الشام في عرف القدماء.
مغيراء ودرب الحج
مع أن هذا المورد والقرية ليس فيهما أي شيء من مقومات الحياة؛ فإن لهذا المورد أهمية تنبع من كونه يقع على درب قديم يربط بلاد الشام بالجزيرة العربية. ومن المعلوم أن تيماء لها أهمية في العصور القديمة، حيث ارتبطت بحركة القوافل في الشرق الأدنى لسببين رئيسين: أهمهما: هو الموقع المتوسط بين الشام وجزيرة العرب وبين بلاد الرافدين ومصر؛ والسبب الثاني وفرة الماء بحيث تصلح محطة توقف رئيسة في أراضٍ واسعة بلا مدن أو حواضر. وفي العصور القديمة قبل أن يطور الإنسان السفر البحري كانت سفن البر وهي الإبل وقوافلها مصدراً للمتاجرة بما يماثل ناقلات النفط أيامنا هذه، لهذا لا ينبغي أن نستغرب شهرتها في تلك الأزمان.
وقد ورد أن قوافل قريش قد تطرق درب الشام عبر تيماء أحياناً، ومن شواهد هذا ما ورد في دلائل النبوة للبيهقي عن طفولة رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه لَمَّا نَاهَزَ الحلم ارتحل به أبو طالبٍ تاجراً قبل الشام، فلما نزل تيماء رآه حبرٌ من يهود تيماء، فقال لأبي طالبٍ: ما هذا الغلام منك؟ قال: هو ابن أخي، قال: أشفيقٌ أنت عليه؟ قال: نعم، قال: فوالله لئن قدمت به الشام لا تصل به إلى أهلك أبداً، لتقتلنه اليهود، إن هذا عدوهم، فرجع به أبو طالبٍ من تيماء إلى مكة.
وبعد فتح الشام تجدد النشاط لهذا الدرب، ليس للتجارة فقط؛ بل لأن عاصمة الدولة الأموية صارت دمشق، والعاصمة الثانية -إن صح التعبير- المدينة المنورة، وكثرت التنقلات بينهما سواء للحج أو لغيره.
ورغم تعدد خيارات دروب الشام أيام الخلافة الأموية؛ بقي للدرب التيماوي نصيبه، وقد روى ابن عساكر أن عبدالملك بن مروان كان يرسل كسوة الكعبة عبر طريق تيماء.
من حسن الحظ أن يترك لنا الجغرافي المقدسي البشاري وصفاً جيداً لدروب الحج في زمانه، ويهمنا هنا أن المقدسي قد حج بنفسه مرتين (356 - 367 هـ)، وسلك درب تيماء، وكتب كتابه عام (375 هجري تقريباً)، فهو يكتب عن اطلاع.
في كتابه ذكر ثلاثة دروب من الشام إلى الحجاز كلها تمر بتيماء. فقال:
وأما طريق وبير فتأخذ من عمان إلى وبير ثلاثة مناهل، ثم إلى الأجولي أربع مراحل، ثم إلى ثجر منهلين، ثم إلى تيماء ثلاثة مناهل.
وهذه المحجات الثلاث طرق العرب إلى مكة، وفيها كان بريد ملوك بني أمية وقت كونهم بدمشق، وإياها سلكت جيوش العمرين وقت فتح الشام، وهن قريبات آمنات، أصحابها بنو كلاب، ويصحبهم كثير من أهل الشام، يجتمعون في عمان، وقد سلكتها غير مرة.
ثم يخبرنا البشاري أن هذه الدروب ليست مأمونة، وأن الركب يحتاج إلى خفارة، ويعطي نبذة عن بادية الشمال ونبات السمح:
وعلى الجملة لا يمكن أن يعبر أحد هذا الطريق إلا بخفير أو قوة، وترى الحاج مع قوتهم يهتكون وتؤخذ أباعرهم وخزائنهم.
وكانت الفترة الذهبية لهذا الدرب ما بين 487 و611هـ، ففي هذه المُدَّة تفكّكت الدّولة في الشَّام ومصر، وانتفى الأمن، وضعفت الدولة الفاطميّة، ولم يوجد مَن يلجم القبائل عن تهديد قوافل الحجّ، ثم دخل الفِرَنج (الصّليبيّون) الشَّام، وقطعوا درب الحجّ، أَو هدّدوه مِراراً، واستولَوْا على أيْلَة، بل إن أحد قادة الصليبيّين -وهو البرينس أرناط- وصل إلى تبوك عام 577هـ. وانقطع الدَّرْب التبوكيّ، وهو الدَّرْب السُّلْطانيُّ الأهمّ، بل يمكننا القول إنّ كلّ الدّروب انقطعت بما فيها درب السّاحل، واعتمد الحُجّاج القادمون من الشَّام على طريقِ تيماء فقط بصورة متقطّعة.
ودرب تيماءَ في هذه المُدّة كان يبدأ من دمشق فبُصْرَى، ثمّ الأزرق، ثمّ القريّات، ثم مغيراء ثم فجر ثمّ تيماء، ثم جَفْر عَنَزة، ثم خيبر، ثمّ المدينة المنوَّرة. وفي بعض الأحيان من الأزرق إلى الطبيق إلى مغيراء.
ولم يصل إلينا أيُّ وصف مفصّل أو رحلة مكتوبة عن هذه المدّة المظلمة من تاريخ الدَّرْب، لكن هناك شواهد كثيرة لاستعمال درب تيماء من الشَّام، فمن مشاهير الفقهاء طاهر بن أحمد القاينيّ من دمشق، حجّ عام 461هـ، وكانت وفاته بعد عَودَته من الحجّ في تيماء، كما ذكر ابنُ عساكر في (تاريخ دمشق).
كما حجّ شيركوه في سنة 555هـ من دمشق على طريق تيماء وخيبر.
وتوفي شُعَيْب بن أبي الحسن بن حسين بن أحمد الأندلسيّ الفقيه في طريق مكَّة سنة 596 هجريّة، ودُفِنَ بين تيماء وجَفْرِ بني عنزة، وكان من الفقهاء المعروفين.
وبقيَ درب تيماء مطروقاً بشكلٍ متقطّع إلى بدايات القرن السّابع، ففي عام 610هـ -كما قال المؤرّخ ابنُ شدّاد- كان هناك ركبانِ لحجّاج الشَّام: الأوّل مِن عَلى عقبة أيلة بحجّاجِ الكَرَكِ والقدس‏، والثاني بقيادة الملِكِ الظّافر خضر بن السّلطان صلاح الدّين يوسف بن أيوب مِن على تيماء، ومعه حجُّ الشَّامِ بإذْنِ عمِّه السُّلْطان الملِكِ العادل.
ثم لما أعاد الملك المعظّم افتتاح الدرب التبوكي هُجر درب تيماء إلى العصر الحاضر.
شاهد عيان أجنبي
في عام 1909م مر بمغيراء الطبيق رحالة إنجليزي اسمه دوقلاس كورذيرز ( Douglas Carruthers) في رحلة للصيد وزيارة تيماء، وقال عن مورد مغيراء: بعد يومين من المشي بين جبال طبيق وصلنا السهل أسفل منه، حيث مورد مغيراء، هذا المورد فتحاته كثيرة وماؤه قريب وعذب، لكنه أحمر اللون، هناك صادفت فرعاً من قبيلة الشرارات يروون إبلهم التي تقارب الثلاثة آلاف.
مغيراء في العهد السعودي
كما ذكرنا كانت مغيراء في الأصل مجرد مورد للبادية والمسافرين العابرين، ثم بعد تأسيس المملكة تأسس هناك مركز حدودي مع الأردن، فانتعش المكان واستقر به موظفو الحكومة وبعض البادية، وبخاصة أن الحدود كانت ميسرة تلك الأيام.
ومن تولى رئاسة المركز لسنوات محمد بن فرهود، وأورد الأستاذ نايف السنيد عدداً من رؤساء مركز مغيراء منهم، عايض ابن ثامر، ثم تولى سليمان ابن فرهود رئاسة المخفر في سنة 1359هـ/ 1940م، حيث قام هذا الأخير بتسليمه لإبراهيم المزيد، ثم أورد أسماء أخرى.
وكانت بدايات المخفر بسيطة جداً، ومقرّه مجرد بيت شَعر. ففي وثيقة طريفة تشمل ممتلكات المخفر التي سلمها نائب المخفر سليمان بن فرهود إلى النائب القادم إبراهيم المزيد؛ كانت الممتلكات تتكون من: (بيت كامل مثولث وثلاث دلال ومحماسة ونجر وقدر معدن مشقوق وست ركايب ذكر كل منها باسمه!).
ومن أسباب ازدهار مغيراء النسبي في بدايات العهد السعودي أن الحكومة كانت تمنع وصول البضائع من الشام إلا عن طريق مراكز حدودية معينة، منعاً للتهريب ولأخذ التعرفة الجمركية. وفي بيان حكومي في عهد الملك عبدالعزيز ورد ما يلي، ونثبته بنصّه:
(بيان الطرق المراد لأرباب البضايع سلوكها
ثانياً: الطريق الذي يخرج ويدخل من جهة مغيرا الطبيق ويبتدي طريق تجار المواشي من نجد والعلا وتيماء فمن تيماء إلى جريش/ ثم العقيلات ثم مشاش الحازم او الغمارية ثم مغيراء الطبيق. ويحظر على العموم مرورهم في وادي فجر الا بحالة ضرورية من نقص ماء بالغمارية ومشاش الحازم ويحظر عليهم ايضا ورودهم مغيرا البدع والأمشة الذي-غربي وشمال مغيرا الطبيق بدون استثناء.
اما القادمون من شرق الأردن وبرفقتهم بضائع فيحرم عليهم ورود مشاش دابس والمفحم والكفوف وخشت الثور وقليب والمق؟ الواقعة غربا من جدعان ويحرم عليهم ايضا ورودهم فجر والقليبة بل يكون طريقه إلى مغيرا الطبيق رأسا.
وبعد ترسيم بضاعتهم في مغيرا الطبيق يتوجهون بطريق تجار المواشي المذكور آنفا. ويشترط على العموم مرورهم في مغيرا الطبيق ومن يخالف يعد مهربا الا في اثبات عذر شرعي).
وفي تلك الفترة نفسها أيضاً عاد استخدام تيماء من قبل حجاج الشام، وكانوا يمرون على مغيراء بعد أن تركها الحجاج قروناً عديدة، وفي مقابلة قام بها الأستاذ نايف الشراري مع أحد سائقي حجاج الشام عام (1369هـ/ 1950م) قام الأخير بتعداد المحطات كما يلي: (القريات، العيساوية، مغيراء، القليبة، الأقرع، وعند هذه النقطة يلتقون بسكة الحديد القادمة من تبوك، ثم خور الحمار، خشم النعجة، مزحم الناقة، الحجر، العلا، وادي هدية، المدينة المنورة، العشاش، المسيجيد، رابغ، ذهبان، جدة، أم الدود، أم السلم، مكة المكرمة).
الزيارة الميدانية
زيارتنا لمغيراء الطبيق كانت في خريف عام 1433هـ/ 2012م. عبر طريق بري يخرج من مركز فجر على طريق تيماء-الجوف. حين وصلنا الموقع لم نرَ فيه أي مبانٍ حديثة ماعدا مركز أمني يتكون من مبنى صغير به موظف وعامل مساعد فقط.
لكن أكثر ما يشد نظرك في مغيراء بلدتها الطينية المهجورة بلونها الأحمر المميز. هذه البيوت التي تآكل أكثرها وسفا الرمل الأحمر على جدرانها؛ كانت لموظفي المركز الحدودي الذي أنشئ في العهد السعودي المبكر أيام الملك عبدالعزيز ولبعض التجار والعاملين.
والقرى المهجورة تعجبنا وتثير العواطف حين تدخل بيوتهم وتفتح أبوابها المتهالكة، وتذكر من كان طفلاً صغيراً ومن مات ومن بقي ومن كبر. وتطل مع النافذة تستنشق الهواء البري وتسمع صفيره عبر الأطلال. بيوت مغيراء الطينية زادها جمالاً لونها الشديد الحمرة، بل إن كلمة مغيراء مأخوذة من المغرة وهي الطين اللازب الأحمر، وقد لون كل شيء هنا حتى أيدينا وملابسنا.
وفي القرية رأينا هذه السيارة القديمة جداً، ويقال إنها سيارة أبو حنيك (قلوب باشا)، لكن هذا غير مؤكد. ويبدو أنها عسكرية وصناعتها كندية (Ford Canada).
وفي شمال القرية وتحت القارة التي في الأفق؛ تقع آبار مغيراء القديمة التي ذهبنا لتفقدها، وهي في مجرى وادٍ صغير، وهذا المورد عبارة عن مشاش يتكون من فوهات ضيقة تمتليء إذا سال الوادي.
ويلفت الانتباه ماء مغيرا الأحمر، وغم اللون فقد شربنا منه، وهو طيب الطعم.
الساكن الأخير
بعد تفقد الآثار والآبار، ومع حرارة الشمس قرب الظهر قررنا اللجوء إلى الظل للفطور المتأخر والراحة، وقلت لرفيقيّ في السيارة ابحثا عن أفضل جدار من جدران هذه القرية المهجورة لنجلس في فيئه، فدرنا على البيوت ووصلنا إلى أكبرها وقرّبنا السيارة، وبدأنا بتنزيل الأغراض. كان أحد الزملاء ينظر إلى باب البيت ويقول لعل فيه أحد لأنه مغلق! ضحكت من هذا الظن البعيد، وقلت سلّم عليه فسلم بالفعل، وسرعان ما جاء الرد المفاجئ، صوت ضعيف بالكاد يسمع: عليكم السلام!
وخرج مع الباب شيخ كبير السن جداً، نحيف الجسم، سَمْح الوجه كما بدا من ملامحه، قد لوّحته الشمس ربما مئة عام أو أقل أو أكثر. تذكرنا فوراً ما قاله لنا الأخ محمد العنزي رئيس الحمّاية، فقد نصحنا بمقابلة الضبيب في قرية مغيراء.
قلنا له (أنت الضبيب العنزي؟)، قال نعم. كان وجه الضبيب يبعث على الارتياح، فاستأذنا منه أن نتقهوى ونفطر في ظلال منزله على شرط أن يشاركنا، فوافق رغم أنه مفطر كما يقول، لكن سيأخذ فنجال قهوة معنا.
كانت جلستنا مع هذا الشيخ المعمر في فيء جداره مع سواليفه ولهجته الشمالية المحببة من أفضل أوقات رحلتنا، فهو يتمتع بكل قواه العقلية والبدنية ماعدا نظره الضعيف جداً، ولايزال الزملاء يذكرون تلك الجلسة، ويذكرونه بكل خير. وهو يعيش كآخر بشر بقي في هذه القرية الطينية وحيداً بمعنى الكلمة، لولا المبنى الحكومي الصغير الذي يبعد مئات الأمتار، حيث يتناول زاده ويتقهوى عند رئيس المركز والعامل الموجود هناك -كما يقول.
وقد استفدنا من مجالسة الضبيب عدة فوائد، منها: أن أكثر التجارة في مغيراء كانت مع الأردن، وخصوصاً بلدة معان. وكانوا يمرون على آبار محدّدة، منها باير والجفر والحِسا. وذكر أن التجارة كانت نشطة وانتعشت منها مغيراء. كما ذكر لنا أن غرفته الحالية كانت مركز البرقيات.
وحول الآبار ذكر أنها تعتمد على السيول وتنقطع بانقطاعها. وذكر أنه شاهد الثلج عدة مرات غطى الطبيق بارتفاع ذراع، وقد يمكث أياماً حتى يصبح الطور أبيض.
يعيش الضبيب وحيداً هنا بدون أهل، وهو غير متزوج، وليس عنده أثاث ولا كهرباء ولا ماء.
لماذا هجرت مغيراء؟
كانت أهمية مغيراء أنها تقع على الحدود، وكانت هضبة الطبيق الجبلية في حدود شرق الأردن، لكن بسبب كثرة التهريب وصعوبة السيطرة على الحدود الجبلية تم تعديل الحدود بين الأردن والسعودية حوالي عام 1964م، وألغي مركز جمارك مغيراء، وفَقَدَ المركز أهميته التجارية، وهجره سكانه إلى القريات والجوف وغيرها من الأماكن، ولم يبق به إلا مركز حكومي صغير.
مستقبل الطبيق
من المؤكد أنه بعد عقدين أو ثلاثة ستكمل الرياح عملها بسفي الرمل على ما بقي من جدران مغيراء، وستنسى هذه القرية التي كانت ثم زالت. لكن يبقى هناك احتمال أن تنتعش هذه القرية، فقد رأينا في وقت رحلتنا أن العمل جارٍ لإقامة خط مسفلت من فجر إلى مغيراء. ثم إن هناك تنظيماً جديداً للمحميات صدر قبل سنتين، حيث ضمت محميات الخنفة والطبيق وحرة الحرة والمناطق المجاورة إلى بعضها بمساحة 130700 كيلومتر مربع، وسميت: محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية. مما قد يؤهلها لتكون متنزهاً لمحبي الصحارى، والله أعلم.
.........................................
المراجع:
(معجم البلدان)، الحموي، ياقوت، دار صادر، بيروت، الطبعة الثانية، 1995م.
(الأماكن أو ما اتفق لفظه وافترق مسماه من الأمكنة)، الحازمي، محمد بن موسى. تحقيق حمد بن محمد الجاسر، دار اليمامة، 1415هـ.
(منطقة القُريَّات في عهد الملك عبدالعزيز: 1344-1373هـ) (دراسة تاريخية حضارية)، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر، إعداد نايف بن علي السنيد الشراري، جامة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1432هـ/ 2011م.
A Journey in North-Western Arabia، Douglas Carruthers، The Geographical Journal، Vol. 35، No. 3 (Mar.، 1910)، pp. 225-245 (32 pages).
Abu Athera، Said Salman (1995) Tribal poetry of the Tarabin and Huwaytāt tribes and its relationship to that of neighbouring tribes. PhD thesis

http://theses.gla.ac.uk/3057/

ذو صلة