(غمامة فوق المحيط) هكذا وصفها الرحالة العرب.. تلك الجزيرة الساحرة، كقطعة فنية عجيبة تطفو على مياه المحيط الهندي. إذا وطئت قدماك أرض اليمن فلا بد أن تيمّم وجهك شطر بحر العرب متجهاً نحو جزيرة العجائب، جزيرة دم الأخوين والصقور والجبال والرمال البيضاء.
(سقطرى) اسم مشتق من السنسيكريتية وتعني (أرض الهناءة)، وأما المصريون القدامى أسموها (مدارج البخور)؛ لأنها من مناطق إنتاج البخور. عُرفت سقطرى كموطن قديم جداً للأعشاب الطبية، وعرفت في زمن الرومان باسم (جزيرة ديوسكوريديس)، وكان طبيباً عسكرياً كرّس حياته لجمع النبات الطبي وتصنيفه، وخدم في جيش الإمبراطور نيرون، واُعتبر مؤسساً لعلم النبات وألف مرجعاً طبياً في ذلك.
عاصمتها: (حديبو)، وتبلغ مساحة الجزيرة نحو 4100 كيلومتر مربع. ويتمركز سكانها الأصليون في الداخل؛ أما على الشاطئ فغالب السكان من العرب الذين اختلطوا بالهنود والأفارقة، ويعتاش الأكثرية على الرعي وقطاف المرّ والبخور والعسل، وهي من أشهر منتوجات الجزيرة، وعلى الساحل يعيش الأهالي على الصيد.
يُحكى أن الإسكندر المقدوني عندما شرع يجهز لحملته على المحيط نصحه أرسطو أن يعرج على جزيرة بها نبات عجيب يعالج الجراح الخطيرة ويوقف النزيف.. وكان يقصد بالجزيرة (سقطرى)، وبالنبات (دم التنّين) أو كما يسميه الإنجليز Dragon,s blood، وأما العرب فتسميه (العَنْدم)، وفي الجزيرة وسائر اليمن يسمونه (بدم الأخوين)، وفي هذه التسمية إشارة لقصة هابيل وقابيل بالتوراة. وتشبه هذه الشجرة الصنوبر المظلي، وتنمو في التلال، وتتجول حولها طيور ضخمة تسمى بواشق.
في سقطرى شجرة أخرى لا تقل أعجوبة، وهي شجرة (تريمو)، ومن أسمائها (أسفيد، وقمحين)، جذعها أملس يشبه خيارة منتفخة تتفرع منه أغصان قصيرة تتوّجها أزهار نرجسية صغيرة فاقعة الألوان، هذا بالإضافة لمئات النباتات النادرة والخاصة والتي لا وطن لها بالعالم سوى سقطرى، وغالب هذه النباتات تصنف بأنها طبية.
كانت هناك جهود سابقة للعمل على جعل الجزيرة محمية بيئية تحت إشراف الأمم المتحدة إنقاذاً لثرواتها النباتية، ومحاولات للاستثمار والتنقيب، ولكن بقيت جزيرة بدائية هانئة هادئة معزولة لفترة طويلة من الزمن.
سقطرى التي توزع على العالم دواء الجراح بحاجة لطبيب يداوي جراحها!