مجلة شهرية - العدد (581)  | فبراير 2025 م- شعبان 1446 هـ

الافتتاحية

تعد المناهج البحثية من الأدوات الأساسية التي يعتمد عليها الباحثون في جميع المجالات الأكاديمية والعلمية لتحقيق نتائج دقيقة وموثوقة. من هنا تبرز أهمية تطوير هذه المناهج لمواكبة التغيرات المستمرة في مجالات المعرفة المختلفة، والتحديات المتزايدة التي تواجه الباحثين، خصوصاً بعد ما شهدته البشرية من تحول جذري في إنتاج المعرفة وتداولها ضمن منظومة التقدم الرقمي، بما يضمن تطوير المناهج البحثية، ليس فقط فيما يتعلق بتحديث أساليب جمع البيانات أو تحليلها، بل إعادة النظر في الأسس النظرية والفلسفية التي تقوم عليها عملية البحث.
هذا التحديث في المنهجيات البحثية يستوجب النظر إلى جملة من المحددات منها: مواكبة الابتكارات التكنولوجية والرقمية في مجال الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، والتحليل الكمي الذي باتت تطبيقات جمع البيانات وتحليلها من خلالها متحققة بصورة أكثر فعالية، مقارنة بأساليب المعاينة والعينات التقليدية، فضلاً عن تحسين جودة البحث العلمي، وتعزيز التفاعل بين مختلف التخصصات في عصر تخصصات المعرفة المتزايدة والمتداخلة والبينية، وذلك من خلال تعزيز وتنمية الاتجاهات الحديثة في تطوير المناهج البحثية.
الجانب الذي أتمنى استحضاره بعين الانتباه والحرص، يتمثل في تطوير آلية تضمن حفظ حقوق الملكية في المنصات الرقمية، خصوصاً بعد أن أتاحت التقنيات الحديثة سهولة الوصول إلى المحتوى ونسخه واستخدامه. وللأسف الشديد باتت ظاهرة السطو والتزييف والسرقات العلمية والبحثية منتشرة حتى بين طبقات الباحثين، الذين ينتظر منهم النزاهة العلمية والبحثية وحفظ حقوق الملكية الفكرية. فكما يسّرت التقنية الوصول إلى المحتوى وسهولة سرقته، فإنها بالمقابل تتيح أيضاً سهولة كشف التزييف والسرقات، وهو الأمر الذي يجعلنا نترقب جهوداً رسمية تنظيمية قادرة على مواجهة هذه الظاهرة من خلال المؤسسات الرسمية التي من صلاحياتها إقرار الأنظمة وسن القوانين وتحديد العقوبات، بالتوازي مع تقديم نماذج أداء قادرة على تتبع عمليات السطو الرقمي على حقوق الملكية الفكرية.
أهلاً بكم إلى ملف (المجلة العربية)، الذي يبحث آليات تطوير المناهج البحثية، مستهدفاً تجويد مدخلاتها كما مخرجاتها، بصورة يمكن من خلالها تشكيل بيئات بحثية منهجية رصينة وخلاقة.

ذو صلة