إذا سمعت عن قصة نجاح..
في المجالس، في الأخبار، في الصحف.
ما المتوقع أن يخطر في بالنا حينها؟
نعم.. تحدّى الصعاب وأكمل تعليمه وحصل على شهادة مرموقة..
أو كان موظفاً بسيطاً متواضعاً وأصبح مدير شركة..
أو.. تحدّت الفقر وظروف الحياة الصعبة إلى أن أصبحت وزيرة يُشار إليها بالبنان.
أو.. تحدّت إعاقتها فأصبحت رسامة يذاع صيتها في كل مكان.
لا أحد ينكر كل هذا ولكن..
نتحدث عن،
محدودية النظرة تجاه النجاح..
وكأنه محصور فقط على النجاح المهني أو التعليمي أو المالي، لكنه أكبر وأعمق بشكل قد لا يستوعبه عقل الإنسان وقصور نظرته وتفكيره.
هناك أم:
نجحت في تربية وتعليم أبنائها وإدارة حياتها الزوجية رغم ضعف تعليمها الأكاديمي وضعف الموارد.
هناك أب:
نجح في تغذية أبنائه (عاطفة، أمان، احتواء، ترسيخ مفاهيم، تربية إسلامية) رغم مشاغله الكثيرة وغيابه الشبه دائم بحكم أشغاله لبناء بيت العائلة.
هناك ابنة:
نجحت في إعالة والديها المسنين ورعايتهم.
وهناك أخرى:
دائما تنجح بإخماد حرائق ونزاعات بين أفراد العائلة بحكمتها وعقليتها الراجحة ورأيها السديد وما تتمتّع به من دبلوماسية وذكاء عاطفي.
وهناك موظفة بسيطة، كانت تنفق على يتيم في الخفاء طوال سنوات عملها، حتى أصبح يافعاً وصنع مستقبله كباقي عظماء العالم.
وهناك رجل: أعطاه الله من العلم والحكمة ما يعطي عباده الصالحين، حتى استثمرها في مساعدة كل من يحتاج معلومة أو استشارة بدون مقابل.
تظل الأمثال لا حصر لها، وتظل النفوس مُكدّرة لشعورها بعدم احتفائها بنجاح يُذكر!
وتظل الأصوات تعلو تمجيداً لكل هؤلاء السابقين، ويُنسى نصيب أولئك الأبطال، فينتابهم الشعور بالنقص وبأنهم عاديون جداً وهم بخلاف ذلك، بالإضافة إلى هاجس التقدّم بالعمر دون إنجاز يُذكر، فتصبح حياتهم بلا معنى.
كل عمل يؤدي إلى نفع الخلق، خدمات إنسانية، واجبات اجتماعية ومجتمعية، إلى عطاء، إلى أثر، هو نجاح هو إنجاز يستحق الاحتفاء به طول العمر.
تتأثر القلوب، والألسنة تبني وتهدم، وما أن تدخل المقارنات بين الأحاديث وابن فلان وابن فلانة فتتحسّر القلوب وتضيق الأنفُس وتقل اجتماعات الأحباب، فلا تجعل لنظرتك الضيّقة وتفكيرك المحدود وأحكامك الشخصية غير المنصفة صوتاً يُسمع.
وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين.