يشهد قطاع الرياضات الإلكترونية في تونس، خلال السنوات الأخيرة، تطوراً ملحوظاً، خصوصاً على مستوى المسابقات التنافسية المحلية والدولية، تحت إشراف الجامعة التونسية للرياضات الإلكترونية التي تنظم خلال كل موسم رياضي 13 بطولة رسمية في مختلف الاختصاصات بمشاركة 26 جمعية رياضية رسمية منخرطة في صلب الجامعة.
وتنقسم هذه البطولات إلى عدة أصناف، منها البطولات الترشيحية للبطولات العربية والأفريقية والدولية، ويقع من خلالها انتقاء رياضيي النخبة الوطنية الذين يحملون الراية الوطنية في المحافل الدولية، وبطولات أخرى وطنية رسمية تنتظم على امتداد الموسم الرياضي بجوائز مالية مشجعة للاعبين والأندية، ويقع من خلالها أيضاً انتقاء اللاعبين الواعدين لإدراجهم بمختلف اختصاصات النخبة الوطنية.
إلى جانب المسابقات الرسمية الوطنية تشارك الجامعة في مختلف البطولات الدولية على غرار بطولة العالم وبطولة أفريقيا والبطولة العربية. ومن أبرز النتائج المحققة خلال هذه المشاركات الحصول على بطولة أفريقيا في اختصاص COUNTER STRIKE 2 التي أقيمت بالمغرب شهر أغسطس المنقضي، والترشح إلى نهائيات بطولة العالم التي ستقام بالرياض/المملكة العربية السعودية شهر نوفمبر من سنة 2024، وتحصلت المنتخبات النسائية المشاركة في هذه البطولة على الميدالية الفضية في اختصاصي Mobile legends BB وCouter stike2.
هذه النتائج المشرفة تحققت بتضافر جهود مختلف الأطراف المشرفة على القطاع على غرار وزارة الشباب والرياضة التي ساهمت في تخصيص فضاء بمقر الجامعة لتدريبات مختلف أصناف النخبة الوطنية، مع توفير أحدث التجهيزات وأفضل الظروف. وباعتبار أن الرياضات الإلكترونية هي رياضة ذهنية بامتياز؛ تقوم الجامعة، بالإضافة إلى تنفيذ البرامج الفنية، بإعداد وتنفيذ إستراتيجية للإعداد الذهني لمختلف لاعبي النخبة الوطنية تحت إشراف مختصين في المجال من أجل بلوغ الأهداف الفنية وتشريف الراية الوطنية.
إلى جانب تنظيم المسابقات الرسمية الوطنية والمشاركة في مختلف البطولات الدولية؛ تهتم الجامعة التونسية للرياضات الإلكترونية بمجال رياضة المواطنة وتنظيم الملتقيات والمعارض الخاصة بقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، من ذلك تنظيم أيام تنشيطية بالمؤسسات التي تضم الفئات الهشة على غرار تنفيذ برنامج شمل 4 مراكز إيواء الأطفال فاقدي السند sos وتنظيم معرض سنوي يضم مختلف الشركات والهياكل الخاصة المتداخلة في القطاع على غرار معرض Tunisia gaming show الذي انتظم سنة 2023 بمعرض سوسة الدولي ومعرض Bigtech الذي انتظم شهر يونيو من سنة 2024.
كما تسعى الجامعة إلى تعزيز علاقاتها الدولية من خلال ربط علاقات متميزة مع البلدان التي لها وزن في هذا المجال على غرار المملكة العربية السعودية، حيث تم خلال شهر أبريل من سنة 2024 استضافة الأمير فيصل بن بندر بن سلطان آل سعود رئيس الاتحادين السعودي والدولي للرياضات الإلكترونية من قبل السيد ماهر السرولي رئيس الجامعة، حيث قام بزيارة رسمية لمقر الجامعة للاطلاع على أبرز أنشطتها وحضي بجلسات رسمية مع السيد رئيس الحكومة السيد أحمد الحشاني ووزير الشباب والرياضة السيد كمال دقيش خلال تلك الفترة.
الرياضات الإلكترونية تتميز بخصوصيتها الهيكلية، خصوصاً مع وجود العنصر الأكثر فاعلية ألا وهو الشركات المنتجة للألعاب التي تلب دوراً مهماً في تحديد العلاقات وإسناد التراخيص وهو ما يجبر الاتحادات والهياكل المنظمة على العمل على إرساء علاقات إستراتيجية مع مطوري الألعاب الإلكترونية لتكون العلاقة علاقة تكامل وليست علاقة تضارب، وبخاصة على مستوى تنظيم البطولات باعتبار أن هذه الشركات المطورة للألعاب لا تقتصر مهامها على إصدار ونشر الألعاب وإنما تلعب دوراً مهماً في تنظيم المسابقات التنافسية بجوائز مالية عالية لا تقدر الاتحادات الوطنية أو حتى القارية على منافستها. كذلك هو الشأن بالنسبة لشركات الاتصالات والإنترنيت التي تخصص جانباً مهماً من أنشطتها في مجال تنظيم المسابقات التنافسية في الألعاب الإلكترونية الشعبية وتستقطب عدداً مهماً من الشباب ضمن إستراتيجياتها المستقبلية في تحديد الفئات المستهدفة للترويج لخدماتها.
ومن جانب آخر فإن الاعتراف بالرياضات الإلكترونية رياضة رسمية يجب أن يكون عبر منظومة وهيكلة كلاسيكية مروراً بالهياكل/الاتحادات الوطنية إلى الهياكل/الاتحادات القارية إلى الهياكل/الاتحادات الدولية والأولمبية، هذه الهيكلة وبالنظر إلى الواقع الراهن لقطاع الرياضات الإلكترونية حول العالم بصدد التشكل ولم تكتمل بعد باعتبار أن عديد البلدان لا تعترف بالرياضات الإلكترونية رسمياً، والدليل على ذلك أن عديد الدول الأوروبية منها والأفريقية ليس لديها اتحادات رسمية، وينشط هذا القطاع عن طريق إما جمعيات أو شركات محلية وهو ما يدعوها إلى الإسراع في بعث اتحادات رسمية للرياضات الإلكترونية لمسايرة التطور الحاصل في المجال الرياضي، وبخاصة مع الإعلان عن النسخة الأولى من دورة الألعاب الأولمبية لسنة 2025 التي حظيت بشرف تنظيمها المملكة العربية السعودية البلد الأكثر اهتماماً بمجال الرياضات الإلكترونية في العالم.
من جانب آخر فإن الرياضات الإلكترونية نعتبرها أحد مقومات التنشئة الاجتماعية السليمة، حيث تتوجه بعض الدول إلى إدراج بعض الألعاب بالمناهج التعليمية ليتم ترسيخ بعض القيم أو تمرير بعض المعطيات خلال ممارسة الطفل أو الشاب أحد الألعاب، وهنا نشير إلى دور الدولة والسلط التعديلية لتحديد الألعاب التي من شأنها تقديم الإضافة البيداغوجية لممارسيها والمساهمة في التنشئة الاجتماعية السليمة وعدم التشجيع على الألعاب التي من شأنها إلحاق الضرر بالأطفال من خلال أحداث مجانبة للحقيقة أو تسلسل غير منطقي داخل اللعبة.
ختاماً، الرياضات الإلكترونية هي ممارسة تشهد أرقاماً متزايدة واهتماماً واسعاً ساهمت في تطوير اقتصاد عديد الدول التي تجاوزت فكرة الاستهلاك إلى فكرة المساهمة في تطوير المنظومة الاقتصادية من خلال تطوير التجهيزات أو الألعاب ليصبح أحد الركائز الأساسية لتوجيه السياسات الاقتصادية وتمكين الشباب من إبراز مهاراتهم وإبداعاتهم.
ومن هذا المنطلق قامت الجامعة التونسية للرياضات الإلكترونية بتمرير قانون يتعلق بإحداث اللجنة الوطنية لصناعة الألعاب التي من أبرز مهامها دعم المبادرات الخاصة والشركات الناشئة في مجال صناعة وتطوير الألعاب وكذلك تطوير الكفاءات في هذا المجال وتنظيم الملتقيات المحلية والدولية.