محمد الشنيفي ورقميات الرمال
راضي جودة: مصر
يعد الفنان التشكيلي السعودي محمد الشنيفي المدرس بمدارس الهيئة الملكية بالجبيل من أبرز الأسماء العربية في فن الرسم الإلكتروني، والذي اعتمد السير بمحاذاة فن التصوير التقليدي وعدم الابتعاد عنه، ولكن (بأسلوب حداثي وتقني)، ومن معرضه الأول رقميات الرمال وصولاً إلى لوحات مهندس الرؤية ومحارب الفساد سمو ولي العهد، حيث تختلط مشاعر الحب والولاء للوطن والإبداع والاحترافية، نرى نقلات نوعية مبهرة من الفن بعيدة كل البعد عن فن الفوتوكولاج والقص واللصق الذي نراه ببعض الأعمال الرقمية، والتي تعتمد الفلاتر، وتأثير بعض الأدوات دون المرور بالدراسة العلمية والتجريب والتدريب الحر خارج أجهزة الحاسوب.
تواصلت مع الفنان محمد الشنيفي للاقتراب من تجربته الفريدة في الرسم الإلكتروني وتحاورت معه، فقال:
فيما يخص التكوينات ذات الزوايا الفنية الموجهة في أعمالي بشكل عام وتحديداً في البورتريهات كما تعرف.. فالبورتريهات لها خصائص فنية من خلالها تكتسب قوتها وثباتها ورسوخها في ذاكرة المشاهدين.. فالأعمال ذات التكوين الضعيف والزاوية الرديئة والتي لا تحتوي على خط سير جيد للبصر سرعان ما تنتهي من ذاكرة المشاهد.. نشاهد الكثير ممن يهتمون اهتماماً بالغاً بالتفاصيل كضرب من ضروب الاحتراف، والحقيقة أن الضرب الحقيقي للاحتراف الفني يكمن في التكوين المدروس بناء على أسس وضوابط فنية، لذلك جرت العادة على الاهتمام بهذه الأمور في أعمالي الفنية.
اللوحة الفنية لها حبكة يجب أن تسير خطواتها كما يجب أن تكون.. إذا أردنا رسوخها على المدى البعيد، خصوصاً وأنا أعمل على شخصيات وطنية لها ثقلها المجتمعي والعالمي، لذا لابد أن تتم العملية الإبداعية بطرق مدروسة ابتداء من الاختيار الجيد مروراً بإضافة اللمسة الجمالية المتفردة وتحديد الفكرة بقصدية الهدف وانتهاءً بالإخراج الفاخر، لنضمن رسوخها واستمرارها عبر الأجيال وتكون أيضاً مثالاً للأعمال الجيدة بمشيئة الله.
اقتناص الفكرة مسألة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمتابعة وقوة الملاحظة.. والميديا مادة مليئة بالمشاهد التي يمكن أن تصبح أعمالاً تشكيلية، ولدي لوحات كانت جزءاً مقتنصاً من صور أو مقاطع أبدعتها البيئة وتحتوي على العديد من المشاهد الفنية غير المقصودة، ويأتي دور الفنان برؤيته كي يستجلي ما تغفل عنه عين المشاهد العادي بسبب وجودها في كم هائل من الصور المسرودة.
وفيما يخص أعمالي لسمو ولي العهد، فهي مشروع وطني وبإذن الله سيستمر دعماً لمسيرة الرؤية ومؤازرة تشكيلية من نوع خاص.. يحتوي على الفكرة والهدف في كثير من اللوحات، والفن من أجل الوطن وليس الفن للفن، وسيستمر العمل متواصلاً مع أفكار متجددة بعون الله تعالى، لاستكمال مشروعي رقميات الرمال بمراحله الثلاث.
وكما تعرف أخي راضي الأجواء الهادئة والمنظمة والطابع الحضاري المتقدم في مدينة الجبيل الصناعية كان له الأثر الإيجابي في مسيرتي التشكيلية الرقمية والجبيل مناخ جيد وفاعل لتطوير الذات، ومنذ عام 2004م كانت بداية تحولي من التصوير التشكيلي التقليدي إلى عالم الرقميات والذي اخترت فيه بالتحديد الفرشاة الرقمية والسير بمحاذاة الأسلوب التقليدي للتصوير وعدم الابتعاد عنه، والحقيقة أنني لا أحب البقاء على وتيرة واحدة واتجاه واحد أو أسلوب أبدي، وأخاف على أعمالي وجودتها، وجميع أعمالي أقوم بطباعتها على الكانفس في منزلي لسببين، الأول الحفاظ على حقوق الفنان والعمل الفني والثانية كما نوهت ضمان جودة الخامات.
بدأت بتحضير أعمالي الرقمية منذ العام 2008 حين قررت أن يكون للشنيفي بصمة دون التفكير نهائياً في المردود المادي وقضيت خمس سنوات لتجهيز عشرين لوحة فنية كانت نواة معرضي الأول رقميات الرمال بمدينة الخبر في العام 2013، وأعمل على برنامج corel painter كولر بينتر وهو برنامج يحاكي بأكبر قدر من الإتقان والاحترافية الفن التشكيلي ولكن بالرسم الإلكتروني، ويحتوي على ترسانة هائلة من الفرش الذكية والحصرية، كما أعمل على برنامج الفوتوشوب الذي هو أيضاً يختص برسم اللوحات ومعالجة الصور، وكل أعمالي أقوم برسمها من الصفر ولست من الفئة التي تعتمد تعديل الصور وإضافة كالفوتوكولاج فهذا شيء ولوحاتي المرسومة شيء آخر، كما أن بعض الأعمال أقوم بنقل تفاصيلها كما هي والكثير منها أتدخل في صياغته من جديد، والعين الفاحصة تدرك أن هناك أشياء نقلتها بشكل أفضل مما في الصورة.
وفي رأيي لا يوجد على الإطلاق فنان رقمي انطلق من الكمبيوتر، وإن لم يكن فناناً تشكيلياً فلن يستطيع التعامل مع الكمبيوتر من خلال البرامج بإحساس الفنان فالخبرة التي اكتسبها من العمل مع الخامات التقليدية تسانده في اختيار أدواته وألوانه وأشكاله تقنياً في سهولة ويسر، وبمناسبة حديثك عن المنافسة بوجود منافسين أو عدم وجودهم، فإن أعمالي تنطق بالأسلوب التشكيلي بين التشكيليين، أتابعهم وأتعلم من الكثير منهم، والفن أسلوب بغض النظر عن الخامة، وبخصوص خلفية اللوحات التي تبدو صافية ونهارية فقد خرجت من الألوان الداكنة من فترة طويلة لقناعتي بأنها أسلوب كلاسيكي لا يتناسب مع أعمالي، وغياب صورة المرأة في أعمالي مرتبط بالدين والتقاليد والعادات، وأنا أعمل بشكل خاص وشخصي.
عموماً نحن بحاجة لناقد محايد قادر على القراءة التشكيلية من منطلق أسس التكوين الفني، والعلاقات التشكيلية داخل اللوحة، والمعاني ذات الوميض بعيداً عن الأسلوب الأدبي الذي أصبح لا يخدم الفن ولا الفنان، وأحياناً يحمل وصفاً مبتذلاً مطعماً بالمجاملة والشللية والمحسوبيات .
....................................
* الفنان محمد الشنيفي حاصل على بكالوريوس فنون من جامعة الملك سعود بالرياض، ولديه مشاركات وطنية مختلفة من خلال مهرجانات ومناسبات وطنية ومجتمعية مختلفة، منها الجنادرية، ومهرجان الملك عبدالعزيز لمزاين الإبل، ومعرض التراب العالمي في أوكرانيا