يصادف هذا العام احتفاء (المجلة العربية) بمضي خمسين عاماً من الإشراق والريادة في خدمة الثقافة العربية. نصفُ قرن من الزمن كانت خلاله فاعلةً وشاهدةً على مسيرة حافلة بالعطاء الثقافي، والتنوير الفكري، والتواصل الحضاري، ما جعلها رمزاً ثابتاً ومضيئاً في سماء الصحافة الثقافية العربية، منذ صدور عددها الأول عام 1975م، في عهد جلالة الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود، بعد أن كان قد وجّه بتأسيسها جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، رحمهما الله.
واليوم تحتفي المجلة العربية بيوبيلها الذهبي، في هذا العهد الميمون الذي تشهد فيه بلادنا الغالية، تدشين عهد زاهٍ عنوانه: تشارُك الخير، وتعظيم الإيجابية، والسعي الحثيث الدؤوب نحو مستقبل سعودي وعربي وعالمي فضيل بعون الله، ثم بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -أيدهما الله- حيث تواكب المجلة العربية هذا الحراك الثقافي السعودي الكبير محلياً وعربياً ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030.
لقد ارتكزت المجلة العربية طيلة سنين عطائها، على رسالة سامية نبعت من أرض المملكة العربية السعودية، تحمل بين طياتها إعلاء القيم الثقافية، وتعزيز الهوية العربية، وترسيخ مكانة اللغة العربية، لغة للعلم والأدب والحضارة والمعرفة والفن والجمال، كما نجحت في أن تكون منصة جامعة للكتّاب والمفكرين والأدباء من كل أرجاء العالم العربي، حيث حوت صفحاتها حوارات معمقة، ودراسات رصينة، ونصوصاً أدبية، ومقالات تحاكي هموم المجتمعات وتطلعاتها، وكانت شاهدة على التحولات الكبرى التي شهدتها الساحة الثقافية العربية. ولا يخفى على أحد، أن هذه المجلة لعبت دوراً كبيراً في نقل صورة إيجابية عن الثقافة العربية إلى العالم، مقدمة نموذجاً لما يمكن للإعلام الثقافي أن يكون عليه من جودة ورصانة.
واليوم ونحن نحتفي بمرور خمسين عاماً على انطلاقة هذا الكيان الثقافي المعطاء، فإننا نتطلع بإيمان كبير نحو مستقبل إيجابي وخلّاق، انطلاقاً من الحفاظ على هذا الإرث الرصين، والمضي نحو مواصلة التطوير والتجديد، والاستجابة لتحديات العصر الرقمي مع الحفاظ على أصالة الرسالة وجوهرها.
إننا في وزارة الثقافة نؤمن أن الثقافة ليست رفاهية، بل شريان الحياة، وحاضنة الهوية، ومرآة الشعوب، لهذا سنواصل دعم المجلة العربية لتبقى منارة للفكر، ومحطة تجمع المثقفين من مختلف الأجيال، وحلقة وصل بين المملكة والعالم العربي والآخر، عبر ما تُصدره وتنشره، مستلهمين أن فكرة الاحتفاء بخمسين عاماً منصة نحو انطلاقة جديدة لنبرهن من خلالها التزامنا برسالتنا الثقافية، نحو التأكيد على مكانة المملكة العربية السعودية في رعاية الفكر والثقافة والأدب والفنون.ختاماً أتقدم بالشكر الجزيل لكل من ساهم في صنع هذا الإنجاز الثقافي، ولكل قلم ترك بصمته على صفحات المجلة العربية، ولكل فكرة أضاءت الطريق نحو المعرفة، ولكل جهد بُذل في سبيل رفعة الكلمة والثقافة، والشكر موصول أيضاً لقرّاء المجلة، أولئك الذين كانوا ولا يزالون ركيزة استمرارها وسبب تألقها.