مجلة شهرية - العدد (581)  | فبراير 2025 م- شعبان 1446 هـ

جاليريهات سيدات الرياض بين الموضة الدارجة والشاغل الفني

كثر في السنوات الأخيرة ظهور صالات عرض الفنون التشكيلية في مدينة الرياض، ولم يكن ذلك مستغرباً في مدينة تشهد نمواً متزايداً في عدد الفنانين والفنانات، علاوة على تزايد ملحوظ في عدد الزيارات الفنية التي يقوم بها فنانون عالميون أو ممثلون لمؤسسات فنية دولية يهدفون لعرض مقتنياتهم في مدينة الرياض.
لكن ما يثير التساؤل هو أن تلك الصالات أو «الجاليريهات»، إن صح الجمع، قامت على أيدي فنانات سعوديات أو مهتمات بالفن عموماً. فيما يلي وقفة مع تلك الجاليريهات ومع لمحة عما قمن به من إنجازات، وللقارئ أن يفسر ما إذا كان ذلك الحراك، إن كان مستمراً أو توقف، محاكاة لما قد يكون موضة في حينها، أم أنه مشروع استثماري استنفذ مدخلاته أو واصل حراكه، أو أنه حمل فكراً وهدفاً فنياً.
جاليري حوار وثقافته الفنية
عندما فكرت الفنانة شذى الطاسان بإنشاء جاليري حوار بالرياض في فبراير 2006م لم يكن هناك عدد كبير من صالات عرض الفنون التشكيلية بالرياض، لتكون نقطة التقاء للفنون التشكيلية، ومن ثم الارتقاء بها ونشر ثقافة الفن التشكيلي بين أفراد المجتمع. لذا انطلقت الطاسان من فكرة كانت تراودها كثيراً قبل ذلك التاريخ. الفكرة مؤداها تنمية ذائقة الجمهور الفنية، وتثقيف إحساسهم الجمالي بالأعمال التشكيلية، فذلك كان ما تفتقده نسبة كبيرة من الناس.
ولتحقيق هذا الهدف من خلال هذا الجاليري. صرحت الطاسان للصحافة إبان افتتاح الجاليري، فقالت: (لم ينشأ هذا الجاليري إلا من أجل هذه الفكرة. سنبذل طاقتنا ليقوم جاليري حوار بدوره في نشر ثقافة بصرية محبة للفنون).
ولكن مسألة تفسير الفنون تتعلق بالرأي أولاً وأخيراً. ويقول الفنانون إن على متأمل الصورة أن لا يجهد نفسه بتفكيك رموزها فقط، عليه أن يترك إحساسه يتحرك دون ضوابط وسيصل إلى نقطة الشعور اللطيف بفكرة باللوحة وهي النقطة الحقيقية التي قصدها الفنان.
تأسس جاليري حوار في عام 2005 وبدأ بتنظيم سلسلة من المعارض والمنتديات التي شهدت حضوراً كثيفاً، وعُرض فيها عدد من اللوحات والمجسمات الفريدة، وكذلك الصور الفوتوغرافية التي أثرت المشهد الفني في السعودية.
محطات خلال 10 سنوات
في مارس 2007م نظَّم حوار معرضاً بعنوان (بصمات خليجية) لنخبة من رواد الحركة الفنية التشكيلية الخليجية: د.محمد بن صالح الرصيص، إبراهيم بوسعد، عبدالله عبدالكريم الشيخ، يوسف أحمد، عبدالرسول سلمان، طه محمد الصبان، علي عبدالعزيز الرزيزاء، عبدالقادر الريس، علي محمد الطخيس.
في مايو 2015 أطلق التشكيلي نايل ملا تجربته الجديدة بعنوان (تقاسيم شرقية)، إضافة إلى عدد من لوحات مجوعة الكراسي.
وفي مارس الماضي 2016م أطلق المعرض التشكيلي (حواء) بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، بمشاركة نجلاء السليم وتغريد البقشي من المملكة، وأمل العاثم وفاطمة الشيباني من قطر، وحنان الشحي من سلطنة عمان.
جاليري الفن النقي.. بيئة فنية
اهتمت الفنانة الأميرة أضواء بنت يزيد بإقامة العديد من المعارض والأنشطة الثقافية في جاليري الفن النقي خلال سنواتها الست عشرة الماضية، ومازالت فعالياتها مستمرة بما يحرك الساحة بالكثير من العروض الفنية سواء الفردية أو الجماعية.
ومنذ تأسيس قاعة الفن النقي أكدت بنت يزيد سعيها لخلق بيئة فنية جادة تعمل على التدريب العملي كمعهد متخصص في شتى مجالات الفنون البصرية، ودأبت على نشر الفن الجاد لفنانين لهم حضورهم المرصود.
 جاليري الفن النقي تأسس عام 1999م بهدف دعم المواهب الفنية الشابة في المملكة وتعرض فيه أعمال لفنانين سعوديين ومن خارج المملكة.
انطلاقة قوية للجاليري
 في أكتوبر2010 قدم جاليي الفن النقي معرض المقتنيات الفنية لشركة رينو (Renault) لفنانين عالميين تألقوا في فترة الستينات إلى الثمانينات الميلادية. مثل: فازاريلي (Victor Vasarely)، وهنرى ميشو (Henri Michaux) اللذان يتبعان نفس الأسلوب التجريدي ولكن بتباين واضح في طريقة التفكير والتعبير.
عرض جاليري الفن النقي أعمال جان فيليب آرثر، والأمريكي سام فرانسيس والفنان الإسباني جوان ميرو، وروبرتو ماتا، الفنان البلجيكي والفرنسي دومينيك.
 في 2010 قدم الجاليري معرض التشكيلي ناصر التركي، ومعرض المصور الأمريكي العالمي بيتر ليك Peter Lik.، وفي 2014 قدم المعرض الشخصي الثاني للمصور الفوتوغرافي وليد المرحوم الذي اختتم فعالياته يوم الأحد الماضي وحمل اسم (سحر الضوء).
 المعرض الرابع عشر للفنان التشكيلي زمان جاسم وعنوانه (أسرار)، في أبريل 2014.
 معرض مسابقة (الفن النقي) للتصوير الضوئي 2011، شارك فيها نخبة من المصورين الفوتوغرافيين السعوديين، ضم 70 صورة فوتوغرافية أبرزت حرفية 40 مصوراً فوتوغرافياً. المشاركات تنوعت بين فنون التصوير، وشملت الأبيض والأسود والبانوراما والماكرو واللاند سكيب، والبورتريه.
جاليري الآن.. أرضية للمعاصرة
عند مبادرتها بافتتاح مبنى جاليري الفن المعاصر (الآن) في الرياض في سبتمبر  2012 راحت تفكر نعمة السديري أن حركة الفنون البصرية في السعودية تختزن طاقة هائلة، وأن عدد الجهات المعنية بهذا الشأن قليل جداً.
لذلك جعلت السديري جاليري الآن بمثابة أرضية للفن المعاصر، وعملت على جعل العائد المالي من مبيعات المطعم والمقهى المرفق بالمبنى في منح القدرة على إقامة المعارض، ورعاية أعمال جديدة، وإغناء المكتبة بالبحوث، وتقديم برامج فنية تعليمية مجاناً.
بداية قوية واستمرار مزدهر
 معرض (القوة الناعمة) أطلقه الجاليري في إطار الفن المفاهيمي، وقدم أعمالاً معاصرة لثلاث فنانات سعوديات: سارة العبدلي، شاركت بلوحات تتناول وضع المرأة بما تحمله من تناقضات. وسارة أبو عبدالله قدمت فيلم فيديوآرت يكاشف العلاقة بين سيارة محطمة وامرأة. أما المصورة الفوتوغرافية منال الضويان فشاركت بعمل تركيبي معتمد على (المسبحة) التي تحمل رسائل ومعاني معينة.
نايلا آرت.. داعم إستراتيجي
استضاف جاليري نايلا في بداياته عدداً من المعارض المحلية والعالمية مثل إقامته معرضاً لمعهد العالم العربي بباريس (25 عاماً من الابتكار العربي)، حيث اهتمت مؤسسة الجاليري الفنانة نايفة الفايز بالتعاون مع العديد من المراكز الثقافية الدولية، منها المركز الثقافي البريطاني في معرض بعنوان (المناظر الطبيعية في البلاد العربية عبر شبه الجزيرة العربية).
ونظم الجاليري معارض غير ربحية، عرض فيها المجموعات الخاصة لكثير من المقتنيين، روائع الخط العربي وإضاءات من الفنون الإسلامية، بالإضافة إلى عرض الأعمال الفنية على المستوى الفردي، مكرساً بذلك برامجه في رسالة واحدة: دعم الفن المعاصر واكتشاف المواهب ونشرها محلياً وعالمياً.
لام آرت جاليري البعد عن التغريب
ترسخ تصميم الفنانة لمى الراشد لجاليري (لام) للفنون على تعزيز الوعي بثقافة وقيم المملكة والشرق الأوسط بشكل عام، وعملت على ذلك ليقوم الجاليري بدعم الفنون وإثراء مواهب الفنانين الجدد، وعرض مواهبهم الفنية محلياً وعالمياً.
رحلة المعرض ساهمت بدور في الحفاظ على التراث السعودي، وعلى الهوية الثقافية وإيقاف التغريب في الفن المعاصر، وقدم في ذلك العديد من الأعمال الجديرة بالمشاهدة والتأمل.
ومن الفعاليات التي يستضيفها المعرض باستمرار: معرض الفنانين الشباب والناشئين وعرض الكتب، ومعرض أبوظبي للفن، ومعروض بيروت الدولي، ومعرض الفن والأزياء بالسعودية.

ذو صلة