إن أهم شرط من شروط البحث العلمي التزامه الأمانة العلمية في التأليف، ولا يخفى على أحد أن البحث العلمي مفتاح تجديد المعرفة والثقافة وهو أساس التقدم العلمي لكل بلد من بلدان العالم.
وحديث د.داليا فهمي السيد في مقالها : (الأمانة العلمية وفيروس التلاص العلمي)، المنشور في (المجلة العربية)، العدد 422 من شهر ربيع الأول 1433هـ، عن السرقات العلمية والبحثية التي ارتكبها الأساتذة الباحثون في مــؤلفـــاتـــهــم، يعد اختراقاً خطيراً للأمانة العلمية وسطواً فاضحاً على أبحاث الآخرين وأفكارهم.
وقد يكون من الأسباب التي تدفع المؤلفين أو أصحاب أطروحات رسائل الماجستير أو الدكتوراه إلى سرقة أبحاث غيرهم هو سعــيهـــم للحصول على شهاداتهم بأسرع وقت دون أن يجهدوا أنفسهم في إعداد أبحاثهم العلمية التي تتــطــلب تفرغهم مدة طويلة للبحث والدرس وتتطلب أيضاً الــعــودة إلى عشرات المصادر والمراجع، أو سعيهم للكسب المادي أو لذيوع صيتهم، ولهؤلاء أساليب عديدة يلجؤون إليها في السطو على أبحاث غيرهم منها إشارتهم في البداية إلى المرجع ثم السطو على مضمونه بعد ذلك دون الإشارة إليه، أو يسرقون الأبحاث حرفياً، ومن الدكاترة من يجند طلابه لإعداد الكتب أو الأبحاث التي يريدونها حتى إذا ما أنجزها طلابهم على شكل حلقة بحث أو غير ذلك، سرقوا جهودهم، ونسبوا أبحاث طلابهم إلى أنفسهم.. وقد يحصل بعضهم على شهادة الدكتوراه بعدة أساليب دون أن ينهج سبيل السرقة، منها أن يحصل عليها رشوة أو إهداء أو شراء، ولك أن تقدر المستوى العلمي للجنة الفاحصة أو للرسالة أو لصاحبها الذي ينالها بغير جدارة، ولك أن تقدر أيضاً انعكاس أساليب حملة هذه الشهادة العالية في الغش والالتواء وانعدام الأمانة العلمية على طلابهم وعلى سلامة مناهج الأبحاث العلمية!! ومن المؤكد أن هذه الفئة من المؤلفين لا يعول عليها في تطوير الجامعات ولا في تقدم أبحاثها العلمية، وهذه الحالات من الغش وسرقة أبحاث الآخرين وأفكارهم تتحدث عنها الصحف والمجلات كل يوم حتى أخذت هذه السرقات بفــعــل تراكمــها تتــحــول إلى ظـــاهـــرة تشكـــل خـــطـــراً على البحث العلمي وعقبة كأداء في طريق تطوره وتقدمه.
إن ظاهرة السطو على أبحاث الآخرين وأفكارهم تكشف مدى الدرك الأسفل الذي انحدرت إليه بعض النخب التي يفترض فيها أن تكون قدوة لطلابها ومجتمعاتها وبلدانها، وأن تجسد بسلوكها قيم الوفاء والصدق والحرص على الأمانة العلمية، وما لم تعمل الدول العربية مجتمعة أو متفرقة على ردع ظاهرة السرقات، وهي قديمة جديدة وإيجاد ضوابط دقيقة وصارمة، تحفظ حقوق الباحثين والمؤلفين من السرقات فإن هذه الظاهرة تستفحل يوماً بعد آخر، وتبدد كل أمل في التقدم والحداثة.