طالعت باهتمام ملف قضية العدد 423 من (المجلة العربية)، والمعنون بـ(الإخوانيات.. الهروب من تقليدية الورق إلى الانفتاح الإلكتروني)، وقد أضاف الضيوف والكتاب في الطرح الثر.. وأزاحوا الستار عن كثير غائم على القارئ.. ولكن بعض ما جاء في الملف لا يفرق بين الشعر الإخوانيات والشعر الفكاهي الذي أطلق عليه الشاعر حسين شفيق المصري (1982م) الشعر الحلمنتيشي.
فشعر الإخوانيات كما ذكر كتاب الملف هو تلاقح شعري بين اثنين في صورة قد تكون مازحة أو جادة.. أو معارضة لقصيدة، أما الشعر الفكاهي (الحلمنتيشي) فهو شعر ساخر/فكاهي تمتد جذوره إلى العصر الجاهلي وظهر بقوة في العصر العباسي.
واستشهاد الكاتب إبراهيم حاج عبدي في إطلالته (شعر الإخوانيات.. استراحة المحارب) بالكاتب صدقي إسماعيل (1972م) صاحب جريدة (الكلب) في غير موضعه لأنه يندرج تحت الشعر الفكاهي الذي انتشر في هذه الفترة بكثافة على صفحات المجلات مثل (الاثنين والدنيا) و(كل شيء والدنيا) الصادران آنذاك عن دار الهلال المصرية.. ومجلة (الفكاهة) و(المسامرات) وغيرها من المجلات التي كانت تنشر هذا الشعر الذي في ظاهره المزاح والفكاهة وفي جوهره مواجهة قضايا سياسية واجتماعية وإنسانية.
وفي العصر الحديث أصّل للشعر الحلمنتيشي الشاعر حسين شفيق المصري الذي كان ينشر بأسماء مستعارة في مجلة (كل شيء والدنيا) في عشرينات القرن الماضي موقعاً باسم فضولي قصائد قصيرة، بجوار (مذكرات فضولي) الذي يتناول فيها بسخرية الواقع المعاش. وكان هذا الشاعر غزير الإنتاج في هذا المجال وأطلق عليه (أبو نواس الجديد) وصدر له ديوان يحمل نفس الاسم جمعه تلميذه الشاعر أبو ثينة ضم مختارات من إبداعه الغزير والذي مازال معظمه يسكن الصحف والمجلات.
ومازال هذا الشعر يجد رواجاً وله كتابه مثل الشاعر ياسر قطامش الذي يكتب في (أخبار اليوم) المصرية والشاعر الراحل شوقي أبو ناجي والشاعر الدكتور مصطفى رجب صاحب ديوان (حلمنتيشيات) وغيرهم.
وهناك شعرة بين الشعر الإخواني والشعر الحلمنتيشي، تجمعهما أحياناً روح الفكاهة.. ولكن ما يفرقهما أن الحلمنتيشي قد يتطرق للعموميات وإن كان لا يخلو من المعارضات.. ولكن من المعروف أن الشعر الإخواني هو سجال بين اثنين.
مجرد إشارة لهذا الملف الماتع الذي تطرق لكل جوانب شعر الإخوانيات وأفاض في كثير من الجوانب.. وإن شعرت بروح انهزامية في قول الكثرة التي تنعى الشعر على حساب الرواية السامقة الآن.