استطاع د.عبدالرزاق حسين الولوج بنا إلى عالم أدب الأطفال فى التراث العربى من خلال مقالته الرائعة (نوادر الأطفال في التراث العربي) في العدد 423 من (المجلة العربية)، ولكــنــه لم يستوقفـــه ما كتب شعراً عن الأطفال في التراث الـعـــربي ولم يــشر إليها من قريب أو بعيد، وعند الحديث عن شعر الأطفــال لابد لنا أن نفرق بين نوعــيــن، هما: شعر عن الأطـــفــال، وشعر كتب خصيــصاً للأطفال، فالشعر المكتوب عن الأطفال عرفه أدبنا العربـــي طوال عصوره المختلفة منذ العصر الجاهلي حتى الآن، وفيه عبر الشــعــراء عن عواطـــفــهــم تجاه أطفالهم وتــعــلــقـــهــم بهم، فالشاعر الأموي حــطــان بن المعلى قال قصيدته المشهورة:
وإنما أطفالنا بيننا
أكبادنا تمشي على الأرض
لو مرت الريح على بعضهم
لا متنعت عيني عن الغمض
وهناك كتابات كثيرة في أدبنــا الحديث غنية بهذا اللون الشعري، مثل كتابات محمد عثمان جلال وأمير الشعراء أحمد شوقـــي، وعبد الله فـــريج، ومحمد الهراوى، وإبراهيـــم الـــعـــرب وغيرهم.
ومن الرواد الأوائل الذين كتبوا شعراً للطفل نرى الرائد الأول محمد عثمان جلال الذي طبـــع ديـــوانه
(العــيــون اليــواقـــظ فــي الــمثـــال والمواعظ) ما بين عامي (1848 - 1854م)، ثم طُبع مرة أخرى عام (1908م) أي بعد وفاة الشاعر بعشر سنوات ومن أهمية هــذا الـــديـــوان قررت نظـــارة المعارف المصرية عام 1894م وذلك كان اسمها قبل أن تصبح وزارة التربية والتعليم حالياً، وضعه كمادة دراسية لتلاميذ المدارس الابتدائية.
وقد اشتمل كتابه (العيون اليواقظ) على مئتي قصيدة شعـــرية، ثم تـــلاه في الريادة شعراء آخرين على رأسهم أمير الشــعراء أحمد شوقي الذي كتب (حكاياته الشعرية للأطفال) ما بين عامي (1892-1893م) وقد نُشرت طبعتها الأولى عام 1898م.
ثم تلاه في الريادة (عبدالله فريج) الذي أصدر عام 1893م كتاباً بعنوان (نظم الجمان في أمثال لقمان) الذي احتوى على خمسين أرجوزه تناولت كل منها حكاية عن الحيوان أو الإنســـان وانتــهــت الحكاية عادة بأحد أمثال الحكيم لقمان.
ثم كان الرائد الذي مازال يحتل في ذاكرتنا جميعاً مكانة وهو محمد الهراوي الذي أعده الدارسون من أهم من كتب شعراً للأطفال فقد كتب (سمير الأطفال للبنين) في ثــلاثة أجـــزاء، و(سمير الأطفال للبنات) في ثلاثة أجزاء أخرى وله ديوانين آخريين هما (الطفل الجديد)، و(أبناء الرسل).