الاتجاه نحو الكتاب الإلكتروني على حساب الكتاب الورقي هو أحد معطيات الثورة الرقمية وأحد مخرجات التقنية الحديثة، هذا ما تناوله رئيس التحرير في افتتاحية العدد (427) والمعنون بـ(من المكتبات إلى متاحف الكتب). وإذا سمحتم لي بالتعليق فإنني أرى أن التقنية الحديثة لم تعد خياراً أمام المبدع أو القارئ في زمن الثورة الرقمية، وما دمنا نعترف أن التقنية الحديثة قد أثرت في حياتنا العامة تأثيراً بالغاً فإنه من الجور أن نهمل أثرها في مستقبل صناعة الكتاب, وما نراه اليوم غريباً سوف تراه الأجيال القادمة أمراً عادياً لاسيما ونحن نرى –مع ظهور الإنترنت– هذا الإقبال الشديد على شراء الكتب الإلكترونية على الشبكة العالمية، وذلك لما يحمله الكتاب الإلكتروني (E-Book) من خصائص ليست للكتاب الورقي، مثل إمكانية تحويل صفحات الكتاب إلى ملفات إلكترونية، وسهولة البحث في محتويات الكتاب بالكلمة أو الجملة، إضافة إلى إمكانية إدراج الصور وغيرها من المؤثرات في صفحات الكتاب وعمل شاشة افتتاحية للإعلان عن الكتاب أو دار النشر.
وقد ذكر (بوب ستايين) وهو أحد مبتكري فكرة الكتاب الإلكتروني في التسعينيات أن القراءة من خلال الشاشة الإلكترونية تتميز عن القراءة من الكتاب الورقي بمميزات، وذكر منها الحفاظ على البيئة من خلال الحد من التلوث الناتج عن نفايات تصنيع الورق، وتوفير الحيز المكاني، وضمان عدم نفاد نسخ الكتاب من سوق النشر، إضافة إلى إتاحة الفرصة أمام المؤلف لنشر كتابه بنفسه إما بإرساله إلى الموقع الخاص بالناشر أو موقعه الخاص وإتاحة الفرصة للتفاعل المباشر بين القارئ والكاتب مما يزيد من إثراء الفكرة الخاصة بالكتاب أو الرواية أو القصيدة وهو ما يسمى بالإثراء التفاعلي وبالنسبة لبلادنا العربية فإن أهمية اعتماد الكتاب الإلكتروني تأتي بالنظر إلى انخفاض التكلفة؛ إذ تعاني سوق الكتب العربية مشكلة ارتفاع سعر الكتاب قياساً إلى دخل الفرد في البلاد العربية عموماً, واعتماد الكتاب الإلكتروني يؤدي إلى توفير الكتب بأسعار تناسب القارئ في البلاد العربية, ومع كل ذلك فإنه تبقى ثمة أسئلة تحتاج إلى إجابة: هل يستطيع الكتاب الإلكتروني إغراء المبدع والمتلقي لارتياد هذا الطريق الجديد؟ وهل يستطيع القارئ التخلي عن تلك العلاقة الحميمية بينه وبين الكتاب الورقي، هذا في اعتقادي ما سوف تجيب عنه الأيام القادمة وإن غداً لناظره قريب.