مجلة شهرية - العدد (581)  | فبراير 2025 م- شعبان 1446 هـ

الأغنية.. مع الوطن أو ضده

كثيرة كانت هي حروب العرب قديماً وغاراتها، من هذه الحروب والغارات ولد الشعر الحماسي المسمى الرجز، وهو حرب كلامية في البداية ثم تستعر الحرب الحقيقية.. وكان لهذا النوع من الشعر وقع قوي على النفوس؛ بحيث يبث القوة والحماسة في قلوب مستمعيه.. وكان هناك نوع آخر تغنيه النساء في ساحة الحرب لبث الحماس أيضاً.. تطور هذا الشعر حتى أصبح أناشيد وأغاني تغنى.. فكل دولة حديثة لها نشيدها الوطني سواء الجمهوري أو الملكي أو الأميري وهو عبارة عن شعر حماسي في مدح الدولة وأمجادها، ولها أيضاً أغانيها الوطنية التي تغنيها الأجيال في مناسبات الدولة وغيرها، وصار لكل دولة مطربها الخاص أو مطربوها. ونشأت الأغنية الوطنية في العصر الحديث لمناهضة الاستعمار وخصص لها مطربون معينون، وحرص كل مطرب على أن تكون له أغنية وطنية.. وفي أزمات الوطن العربي الحديث انبثقت أغان عروبية، وغنت أم كلثوم أغانيها الوطنية في مصر والعرب وكذلك عبدالحليم حافظ الذي اتخذته ثورة 1952م مطرباً لها وتبناه عبدالناصر.. كذلك خرج مسرح فيروز السياسي الذي غنى لفلسطين ولبنان مع الرحابنة.. ولا أنسى صلاح جاهين وأغانيه الوطنية بأسلوبها العامي البسيط الساخر التي كانت تمثل خبزاً حاراً تتلقفه الجماهير.. وقل مثل ذلك عن أغاني الشيخ إمام حين كان يغني أشعار أحمد فؤاد نجم فيقيم الدنيا في مصر ويقعدها.. وفي أزمة الخليج ظهرت أغان وطنية أرّخت لهذه الحقبة، وإلى الآن مازلت الأغنية السياسية تبعث الحماس في نفوس الجماهير؛ بل مازال البعض يستعيد أغاني قديمة سياسية ويطرب لها لأنها تعيده لحقبة جميلة مضت. 
والأغنية السياسية تنقسم إلى ثلاثة أقسام: أغنية تتغنى في الوطن وأمجاده.. وأغنية مع النظام.. وأغنية ضد النظام. وكلها أغان سياسية.. بل ربما استخدمت الأغاني غير السياسية لأغراض سياسية، كما فعل هارون الرشيد حين غنّوه بيت عمر بن أبي ربيعة: (واستبد مرة واحدة إنما العاجز من لا يستبد).. فأوقع في البرامكة نكبته الشهيرة.
ذو صلة