بالتأكيد تغيرت أشكال وطقوس الحج والعمرة، بعد أن أصبحت ممارسة هذه الطقوس ميسرة وسهلة باستخدام الطائرات، بعدما كانت بالسفن والقطارات، والنزول في فنادق ضخمة، ونشأت شركات كبيرة تعمل على تيسير مثل هذه الرحلات، وتغيرت الأغراض من ممارسة هذه الطقوس، فمن المعلوم أن البعض يسافر للحصول على لقب الحاج، من أجل وجاهة اجتماعية ودينية ومحاولة كسب الثقة لدى قطاع كبير من المتعاملين مع هذا الحاج، وهذه الثقة تجري تحتها إجراءات متنوعة، ومع سقوط الغرض الأهم عند البعض، سقطت طقوس أخرى، وأصبح هذا البعض يذهب في سيارة فارهة من البيت إلى المطار، بعد أن أصبح بعض الناس يذهبون للحج مرة ومثنى وثلاث ورباع، لذلك لا يكون أحد في صحبة الحاج، ولا تكون هناك رايات بيضاء معلقة على المواكب المصاحبة للموكب، كذلك الأناشيد والأهازيج التي كان يرددها المصاحبون اختفت، وأتذكر أن هناك أغنيات كثيرة يحتفظ بها التراث مازالت تردد في الأرياف والبيئات الفقيرة التي تعد الحج طقساً استثنائياً لن يفعله المرء سوى مرة واحدة في حياته، لذلك فهو يستحق الاحتفال الكبير، وهناك أدبيات كثيرة رصدت مواكب الحج وطقوسها منذ كتاب رفاعة الطهطاوي إلى الروايات الحديثة، فرواية (أيام الإنسان السبعة) لعبد الحكيم قاسم استفاضت في وصف ذلك، وهناك روايات أخرى تعرضت في ثناياها لذلك، وهناك روايات كاملة مثل رواية (العمرة) للكاتب فؤاد حجازي الذي رصد كافة أشكال الرحلة.
وأدب الرحلات يدين كثيراً للحج، لأن الكثير من الرحالة مثل اليعقوبي والطبري وابن بطوطة بدأوا رحلاتهم بقصد الحج، وتعد كتبهم من أهم المصادر التاريخية.