يجب أن أغادر هذه الطائرة الآن!
كان ذلك بالطبع مستحيلاً، فقد أعلن الطيار بأننا نسافر على ارتفاع ما يقارب 35،000 قدم، وبالتالي لم يكن من الممكن المغادرة. غير أن ذلك لم يعنيني، فقد كان جسدي معلناً حالة الطوارئ وقلبي ينبض بسرعة ولم أستطع التقاط أنفاسي. نظرت إلى مخرج الطوارئ وبدأت أفكر بخياراتي. تساءلت ما إذا كان بإمكاني أن أفتح الباب، فأنا محتاج للهواء، محتاج للخروج!
ضغطت على المفتاح لتأتيني المضيفة. شرحت لها معاناتي وحاجتي للخروج. شعرت المضيفة أنني أحتاج لمساعدة نفسية عاجلة وبحثت بصمت بين الركاب عمن يمكن أن يمد يد العون لي ويجنب الجميع موقفاً قد لا يكون لطيفاً. لحسن الحظ، وجدت المضيفة طبيباً على متن الطائرة، أتى وجلس معي وسألني ما الخطب. أخبرته بأنني أحس بشعور كبير بأنني محاصر ويجب أن أغادر الطائرة، ولكنه قال بأني أعلم أنني لا أستطيع ذلك. أجبته بأني أعلم، ولكن الرغبة شديدة جداً وخارجة عن السيطرة. وبينما كنا نتحدث، اعترفت له بأني أمر بوقت شخصي عصيب جداً. بدأ الطبيب يشجعني وبدأ الارتباك يزول شيئاً فشيئاً.
ما أن تمكن الطبيب من تحديد الظروف الصعبة التي كنت أواجهها وبين لي كيف انعكس ذلك على مشاعري في تلك اللحظات، حتى شعرت براحة كبيرة وسلمت أمري لله .
لقد مرت أكثر من عشرين سنة على تلك الحادثة، ولكنها علمتني شيئاً مهماً جداً، فمن أجل أن نتجاوز مخاوفنا، من الضروري جداً أن نبحث عن مصادرها، حيث أن ذلك يبين لنا ما هي الأفكار التي تسببت بوجودها.
هذا مقطع من الفصل الخامس من كتاب (المشاعر: واجه الأكاذيب.. اقهر الحقيقة) الذي يتحدث عن ضرورة أن نفهم مواقفنا بشكل جيد، ونحلل تأثير الظروف التي نمر بها على مواقفنا الحياتية كلها، سواء عرفنا ذلك أم لم نعرف.