قد يكون الأمر مختلفاً تماماً فيما يتعلق برمضان في اليمن، فالناس يريدون التخلص من العادات الرمضانية القديمة وتحويلها إلى ذكرى جميلة، إلا أنهم يفشلون في ذلك، فيعودون إليها إجباراً نتيجة فقدان التيار الكهربائي الذي يدير كثير من عادات رمضان الحديثة، فالتلفزيون مغلق في غالبية المناطق ريف أو حضر، وهو يتصدر قائمة اهتمامات سهرات رمضان، فيعودون إلى التسامر مع بعضهم وتحديد أحد البيوت للالتقاء وتبادل الأحاديث إلى وقت متأخر من الليل.
كما أن الظروف القاسية التي يعيشها كثير من الناس عقب الأحداث السياسية الأخيرة تنعكس على روحانية الشهر الكريم، فأصبح الناس مهتمين بتوفير المتطلبات الضرورية ويحاولون أن يعيدوا للروحانية دورها، ولو بصورة طفيفة كترديد الأهازيج والأناشيد الرمضانية بصورة جماعية كلما التقوا سواء كانوا يعرفون بعضهم أم لا. كما يتبادلون أطباق المائدة من بيت إلى بيت، فمن طبخ وجبة خاصة يمنح منها لجاره، ويحصل على طبق ليس لديه.. وهكذا تصبح المائدة متنوعة، ولو لم تعدّ الأسرة غير نوع واحد من الطعام وهو ما يعرف بصحن رمضان الذي مازال يدور بين أبناء الحي الواحد. وقبيل الإفطار يصغي اليمنيون لسماع دوي المدفع الرمضاني الذي تحاول المدن بضجيجها واتساعها أن تحجبه عنهم إلا أنهم يحرصون على الإفطار بسماعه، وهو إحدى العادات التي أحضرها العثمانيون إلى البلاد خلال وجودهم فيها. كما يحرص كل واحد منهم وهو في طريقه لأداء صلاة المغرب في الجامع أخذ طبق رمضاني فيه وجبات خفيفة يشاركها مع من لا يمتلكون، ويتحلق الجميع حول صحون رمضان فيفطرون منها ويقتسمون القليل فرحين ومبتسمين في وجه أيامهم القاسية.