ولم يكن فوز الفنان مفاجئاً بأي حال من الأحوال. كان كامبل، البالغ من العمر42 سنة وربما الأكثر شهرة من بين الفنانين المختارين في القائمة القصيرة، وكان الأجدر بالحصول على الجائزة التي تأسست قبل 30 سنة بهدف (تشجيع مناقشة التطورات الجديدة في الفن البريطاني المعاصر).
وفيلمه، (إيت فور أذيرز) الذي عرض للمرة الأولى في الجناح الأسكتلندي لبينالي البندقية في صيف 2013، وصفته لجنة تحكيم جائزة تيرنر (بالفيلم الطموح والمعقد والذي يستحق أكثر من مشاهدة). كما (أعجبت بتفانيه الاستثنائي في إنجاز العمل الذي يتطرق إلى بناء القيم والمعنى بطرق موضعية ومقنعة ويطلب منا أن نفكر في الفن في سياق أخلاقي).
فيلم كامبل يطنب في هذا الموضوع، من خلال أربع حلقات يتكون منها، واحدة منها تستخدم الراقصات من جانب شركة مايكل كلارك في محاولة لسبر أغوار النظريات الاقتصادية، وأفكار كارل ماركس في كتابه (رأس المال). من جانب آخر يتناول كامبل صورة شهيد للجيش الجمهوري الأيرلندي في العام 1971، يتم استخدامها اليوم كي تتوسّط إضاءة جذوع أشجار عيد الميلاد. في مفتتح هذا الجزء هناك انتقاد تم توجيهه إلى المتحف البريطاني لعدم السماح، والحيلولة دون استخدام تماثيل بنين، تلك المصنوعة في مملكة بنين في الفترة ما بين القرن الخامس عشر وحتى القرن السابع عشر الميلاديين، والتي اكتسبت شهرة في جميع أنحاء العالم، وكثير منها مصنوع من النحاس والبرونز والعاج لتمجيد ملكها، من أجل فيلمه، كما وُجِّه الانتقاد إلى مدير المتحف، نيل ماكجريجور، كون التماثيل انتقائية.
وقد اختير كامبل بعد اجتماع هيئة التحكيم، وكان الاجتماع مقتضباً وأقصر من العادة. وقالت بينيلوبي كورتيس، مديرة متحف (تيت) بريطانيا ورئيسة هيئة التحكيم: (لقد شعر جميع المحكمين بأن النتيجة كانت حتمية في أذهانهم). وأضافت: (لقد شاهد أعضاء لجنة التحكيم هذا العمل عدة مرات وفي أماكن مختلفة، وشعروا أنه كان جديراً بالجائزة لكونه يستحق المشاهدة مرات أخرى. وقد أعجبوا بالخصوص بالطريقة التي عرض بها هنا.. لقد شعروا أن الاختيار كان عادلاً). ومما لا شك فيه أن الفيلم تضمن الكثير من التحدي والجدية، وهو ما أضاف إلى مجموع نقاطه الإيجابية، وقالت: (لقد تضمن قدراً لا بأس به من النهج الصحفي الصارم، الممزوج في بعض الأحيان بأشكال وصور غامضة).
وعند تسلمه الجائزة، تساءل كامبل ييتس عن قيمتها المادية قائلاً: (أعرف في الواقع قيمتها المادية وهذه الأموال ستغير كثيراً في حياتي. وأبعد من ذلك، فإن مجرد ترشيحي للجائزة قد شجعني كثيراً. كما تهمني كثيراً آراء الناس في هيئة المحلفين). وفي وقت لاحق قال كامبل إنه سينفق المال على (الأشياء الحياتية المملة.. على غرار الإيجار والغذاء). وأضاف بأن التجربة كانت (سريالية.. ولكنها لم تغرق تماماً في ذلك، وكان الفوز جيداً.. كان تثبيتاً للتجربة).
وقد سئل كامبل ما إذا كان يود أن يحذو حذو الفائز السابق بجائزة تيرنر ستيف ماكوين من خلال عمل فيلم روائي، والعمل مع أستوديوهات عالمية فقال: (تجربتي حتى الآن تكتفي بطريقة خاصة جداً لإنتاج فيلم في هذا العالم، وهو أمر سأكون بحاجة إلى التفكير بشأنه. ولا أريد أن أحكم عليه بالسلب أو بالإيجاب).
كان كامبل واحداً من الفنانين الثلاثة الذين أنتجوا أفلاماً مرشحة للجائزة هذه السنة ولم تكن الأسماء الأربعة معروفة خارج عالم الفن المعاصر. أما الفنانون الآخرون فهم الكندي المولد سيارا فيليبس، وتريس فونا ميشل، الذي أنتج فيلم سيرة ذاتية بعنوان (العثور على شوبان) وجيمس ريتشاردز، الذي أنتج فيلم (البرعم)، وهو الفيلم الوحيد الذي تضمن إشارة تحذير من المحتوى، وهو يمزج صوراً أحادية اللون لببغاء مقيد بسلسلة مع صور خاضعة للرقابة من المكتبة اليابانية وصور لأزهار صغيرة تداعب رجلاً.
هذا العام لم تجلب جائزة تورنر الكثير من الاهتمام أو الحديث. بل إن بعض النقاد قد حث المتابعين على عدم الذهاب لحفل الجائزة. وكتبت الناقدة لورا غاسكوين في مجلة أبولو، منتقدة قرار منح الجائزة وقالت: (في الواقع جاء القرار من قبل لجنة تنظيم المعارض الدولية لتعكس بذلك الأذواق الضيقة للطليعية المصطنعة، والتي لا تخاطب، على حد تعبير غرايسون بيري، سوى نفسها).
هذه السنة عكست القائمة المختصرة للمرشحين للجائزة قوة المشهد الفني الأسكتلندي، حيث جمعت كل من كامبل فيليبس وفونا ميشل وجميعهم من خريجي مدرسة غلاسكو للفنون. ولدنكان كامبل، المولود بدبلن والذي يستقر في غلاسكو، العديد من المشجعين والمعجبين، وهو يعرف بالأفلام الأصلية اللافتة للنظر والتي تتضمن بورتريهات لبرناديت دفلين وجون ديلران. ورغم أنه كان يطرح أسئلة كبيرة، إلا أنه لا يدعي أنه يقدم كل الأجوبة.
وتولى الممثل شيواتال إيجيوفور تسليم الجائزة وقيمتها 25 ألف جنيه في حفل عشاء في تيت بريطانيا، بمناسبة عودة الحفل إلى لندن بعد تحوله إلى (ديري) في العام الماضي.