ذهب الأديب العربي الأردني جمال أبو حمدان إلى رحلته الأخيرة، ليموت بصمت وهدوء في في ولاية أركنسا الأمريكية بعد صراع مع المرض العضال، عن عمر ناهز السبعين عاماً، تاركا خلفه نتاجاً أدبياً غنياً ومتنوعاً، جمع الرواية، والقصة القصيرة، والمسرح، والسيناريو التلفزيوني، علاوةً على الدراسات القيمة.
العزلة الاختيارية
القاص والشاعر جعفر العقيلي يقول لـ(المجلة العربية) إن (أبو حمدان) لم يكن ممن تغريهم الأضواء، إذ لم يسعَ يوماً إلى الإعلام، ولم يؤمن بالأبواق التي تأخذ على عاتقها تقديم الغث كما لو أنه سمين، مشيراً إلى أن الراحل (كان يكتب -حسبه أن يكتب- وها إني أستحضر لوحة غلاف (مكان أمام البحر)، مجموعته القصصية الثانية، حيث مقعد خشبي على الشاطئ، يدير ظهرة للعالم ووجهه للبحر، خير تعبير عن طريقة فهم جمال أبو حمدان للكتابة، أن لا تأبه بشيء إلا لفنك. ففي إخلاصك يكمن إبداعك).
ويؤكد العقيلي أن جمال اكتفى بأن يعلن عن نفسه وعن احتراقه، بما يكتب وبما يصدره من أعمال في القصة والرواية والمسرح ونصوص المكان، متابعاً أن الأديب أبو حمدان (زهد إلى حد بدا أنه مبالغ به، في المشاركة بالفعاليات الثقافية، منحازاً إلى ما يشبه العزلة الاختيارية التي أثثها (وأنا الآن أتذكر زيارة قمت بها إلى بيته) بمكتبة عامرة، وأقنعة كثيرة تتوزع على الجدران، لكل منها قصة وحكاية!).
ويستطرد العقيلي قائلاً: (عاش حياته من دون أن يثير -شخصياً- أي ضجة، في حين تبرعت كتبه وأعماله المسرحية والدرامية بذلك، فذاع صيته وبلغ مجداً بما أبدع، أهله ليحظى بجوائز رفيعة منها جائزتا الدولة التشجيعية والتقديرية، وجوائز من رابطة الكتاب الأردنيين، ومن مهرجانات المسرح، ولأنه كان بعيداً عن ضوضاء المشهد، فقد كانت له (عين صقر) وهو يعاين التفاصيل. وكان يفضل أن يكتب على أن يحكي).
رحيل موجع
(موجع هذا الرحيل، فقد غادرنا سراً، وبعيداً عن أرض الوطن، بعد أن اختار في سنواته الأخيرة أن يعيش منعزلاً عن وسطه الثقافي والإبداعي الذي أغناه بمنتجه النوعي)، هكذا يصف الشاعر إسلام سمحان لـ(المجلة العربية) رحيل الأديب أبو حمدان، مؤكداً أن وفاته لا تعني إطلاقاً (موت المؤلف)، الذي ترك أكثر من 20 مؤلفاً، و500 ساعة تلفزيونية قدم فيها أعمالاً درامية نادرة منها (الحجاج) و(الطريق إلى كابول) و(امرؤ القيس) و(زمان الوصل) و(شهرزاد) و(ذي قار) وغيرها الكثير.
بشيءٍ من الأسى، يبدي سمحان قلقه قائلاً: (وهنا وللمرة الألف نقف عاجزين وقلوبنا يعتصرها الخوف على تلك المنجزات التي تضيف للمكتبة العربية الكثير من الإبداع).
يذكر أن جمال توفيق أبو حمدان ولد في العام 1944م، في العاصمة الأردنية عمان، حصل على شهادة التوجيهي المصري من القاهرة، ثم شهادة الليسانس في الحقوق من جامعة بيروت العربية عام 1966م.
اعتمدت بعض أعماله الإبداعية لدراستها في مساقات التذوق الأدبي والأدب العربي الحديث في جامعات عربية وأجنبية، وترجمت بعض أعماله الكتابية إلى لغات أوروبية وشرقية، وأعدت رسائل ماجستير في جامعات عربية عن أعماله الأدبية، وبخاصة في مجال المسرح.
جوائز وسجل الإنجازات
نال الأديب الراحل جائزة الدولة التشجيعية في الآداب/ موضوع النص المسرحي من وزارة الثقافة عام 1993، وجائزة الدولة التقديرية في حقل الآداب/ الكتابة الدرامية التلفزيونية من وزارة الثقافة عام 2008، وجائزة رابطة الكتاب الأردنيين مرتين، في مجالي المسرح والقصة.
كما نال جائزة أفضل كتاب في مجال أدب الطفل في العام الدولي للطفل، وجائزة أفضل تأليف مسرحي في مهرجان المسرح الأردني الخامس الذي نظمته وزارة الثقافة سنة 1997، وجائزة التأليف (مجال الرواية) من اللجنة الوطنية العليا لإعلان عمان عاصمة للثقافة العربية لعام 2002 عن روايته (شرق القمر غرب الشمس)، وقد اختيرت هذه الرواية لإنتاجها في أول فيلم سينمائي أردني.
وللأديب الراحل العديد من الأعمال الأدبية، منها: (الخروج الثاني- دراسة في النزوح الفلسطيني) (1968). (أحزان كثيرة وثلاثة غزلان) (قصص- 1969). (قصائد حب من العالم) (قصائد مترجمة- 1972). (النهر) (قصة للأطفال- 1979). (حكاية شهرزاد الأخيرة) (نص مسرحي- 1982). (ليلة دفن الممثلة جيم) (منودارما- 1993). (مكان أمام البحر) (قصص- 1993). (نصوص البتراء) (نصوص- 1994). (مملكة النمل) (قصص- 1998). (البحث عن زيزيا) (قصص- 1999). (الموت الجميل) (رواية- 1998). وغيرها الكثير.