مجلة شهرية - العدد (583)  | أبريل 2025 م- شوال 1446 هـ

القدس.. ملهمة التاريخ

لم تكن القدس رمزاً عادياً، ففي الذاكرة الجمعية تعد أكثر من مجرد مدينة مقدسة. هي حمّالة معاني ورموزاً، لم تسبقها أي مدينة إليها. يكفي أنها كانت ولا تزال، على الرغم من محاولات تهويدها، ملهمة لكبار الفنانين والكتاب والشعراء والملحنين، وكانت بطريقة موازية، أول وجهة للثورة ومعناها. قبل أن يعرف العالم العربي ثوراته المستجدة؛ كانت القدس أول من شهد انتفاضات كثيرة، ففي التاريخ، تصدّت للغزاة وللقتلة، وبقيت تحمل قوة أهلها في صمودها أمام غشم الآلة الصهيونية وتكالبها. فخطّت القدس أول وجهة ثورية للتاريخ العربي الحديث، وصنعت انتفاضات باللحم الحي.

استذكار القدس، له دلالات ليست في الـ»نوستالجيا» فحسب، فاليوميات الآفلة التي عاشها المقدسيون وأهلهم، ولا تزال الذاكرة تخوض في حوادث تلك الأيام وزمنها الجميل؛ هي وجه واحد من وجوه القدس، كحالة مدينة استطاعت أن تختصر معاني إنسانية، التاريخ وحده شاهد عليها. خصوصاً أن من عاش في أحيائها وبين زواريبها قبل الاحتلال الصهيوني الغاشم، يعرف تماماً القيمة العظيمة التي تضيفها الحياة «المقدسية» على سكانها. تلك الحياة التي عرفت كل معاني العيش المشترك والألفة والإخاء الوطني، والأهم، أنها كانت مكاناً حيّاً للتجريب المعرفي والفكري. فالقدس على هالتها الروحية، وتجذرها التاريخي، ووفرة الحكايات الشعبية عنها، مكنت أجيالاً فلسطينية وعربية من فهم معاني التضحية والصمود، والتطور الإنساني، فهي مهد للحضارات والأديان، بكل ما للكلمة من معنى.

 

 

ذو صلة