يحتوي هذ الكتاب على خمسة فصول، تعتمد على كتب مرجعية وضعت تحت مجهر البحث، ففي الفصل الأول كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء لابن عربشاه، والفصل الثاني كتاب بلاغات النساء لابن طيفور، والفصل الثالث كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة، والفصل الرابع كتاب نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب للتيفاشي، والخامس قراءة في مصادر عدة عن سيرتي ابن المقفع والجاحظ.
ففي الفصل الأول (الخبر وصياغة الأوهام) يستقرئ بنية الوظائف ومنطق الحكي، ففي الأولى رصد لوظائف النقص (الرغبة أو الحاجة إلى أمر مادي، كأن يكون (هكذا) الرغبة في طعام أو مال أو ملك)، وظهور المحذور (ما ينبغي التنبه إليه وما يعمل على درئه بالحيلة والتنكر)، وتجاوز المحذور- الوقوع فيه (وقوع الشخصية فيه لعدم الانتباه)، والنتيجة النجاح- الفشل. وأما في الثانية، فإن الحكايات الأصلية تنتظم في سياق تحسن حاصل بعد اتخاذ خطوات مناسبة للتخلص من الانحطاط المحتمل، وانحطاط حاصل بسبب عدم اتخاذ خطوات للوصول إلى التحسن المطلوب، والحكايات المقابلة تنتظم في سياق تحسن حاصل على عدم اتخاذ خطوات مناسبة للتخلص من الانحطاط المتوقع، وانحطاط حاصل على اتخاذ خطوات لإحداث التحسن المطلوب. ويتوصل إلى أن ليس الحكيم أو المثقف وما يدعوان إليه من عقل بمؤثرين في السياسة والحكم.
وفي الفصل الثاني «الخبر والفجوة بين بلاغة القول والفعل»، ويركز على الوظيفة السياسية والتعليمية، ففي الأولى تعمل الوحدة الخبرية الكلامية في هذه الأخبار على نقل المواقف السياسية المتباينة وتحديد أبعادها. وفي الثانية تتحدد في تعليم القيم الحسنة والحث عليها، وتعليم اللغة والغريب فيها. يستخلص المؤلف أن من سمات الخبر، ثبات الصيغة، والصلة الحاضرة بالتاريخ، والاتصال بالحادث والواقعي.
وفي الفصل الثالث الخبر وإقامة سلطة المؤلف متنبهاً إلى علاقة الناقد والسلطة، فالمؤلف يرتكن إلى ثنائية المعايير، بين معايير أخلاقية، ونقدية، وقد وضع الباحث دوائر عدة تدور عليها تلك الأخبار أو التراجم والنقد المبثوث فيها.
فمن دائرة المتفق في المرغوب فيه مطلقاً وبرنامجه السردي، ودائرة المخالف في تحقق الرغبة من عدمها، ويخلص إلى التناسب الطردي بين رفعة أو وضاعة الرغبة وانعكاسها على سلوك الشخصية، وتجاوز الإعاقة الجسدية بالسلوك النبيل أو الحميد.
وفي الفصل الرابع يركز على وظيفة الخبر الثقافية، الذي يعتمد على وسيلتي الأرشفة، الأولى مهذبة ورسمية (مسموح تداولها وتعليمها وتلقيها العمومي)، والثانية سرية وخصوصية (متداولة سراً بين طالبي المتعة وراغبي الاطلاع على حياة العوام).
يدرس الباحث وظيفة الخبر عند التيفاشي في كتابه بين مقاصد التنبيه والتحذير والإفادة، ويندرج الخبر في هذا الكتاب تحت خبر اعتيادي، وخبر مدبر (يحقق غاية ما).
ما بين المادة السردية والشعرية تتمظهر الوظيفة الثقافية سواء في الخبر الاعتيادي (الذي لا يخرج عن ذلك المعهود في كتب الأخبار عامة) أو الخبر الحيلي (القائم على حبكة مفترضة أو حدث مدبر ليحصل النفع المادي وإلحاق الضرر الجسدي والنفسي بالضحية).
وتسعى تلك الأخبار إلى إيجاد الإنسان المتفرد عن العموم بالعقل والتدبر والإفادة.
وفي الفصل الخامس (الخبر بين السيري والتاريخي) يعتني بمسؤولية المؤلف العلمية والأخلاقية كما هي عند ابن المقفع أو التخفي وراء السخرية لتمرير قيمة من القيم بصورة دفاعية كما عند الجاحظ.
لم تسعف المؤلف مراجعه في دراسة الخبر في السرد العربي في مؤلفات عبد الله إبراهيم (1992)، سعيد يقطين (1997)، وسعد جبار (2004)، وإبراهيم صحراوي (2008)، فلو تمكن من الاطلاع على كتاب مرجعي مثل (الخبر في الأدب العربي) (1998) لمحمد القاضي لجعل منطلقاته النظرية متماسكة وانعكس على إجراءاته النقدية بالدقة والإتقان.
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2015.