مجلة شهرية - العدد (580)  | يناير 2025 م- رجب 1446 هـ

نزهة الألباب في تاريخ مصر وشعراء العصر ومراسلات الأحباب

تقترب صيغة هذا الكتاب من كتب المختارات الشعرية والنثرية العربية، فهو إلى جانب الفصل الأول (الرسائل التاريخية) أي المقدمات التاريخية عن أحقاب مصر، ووصفه مرور الحجاج إلى قناة السويس بحكم شغله آنذاك، فهو يخصص الفصل الثاني لأعلام الشعراء من الجزيرة العربية، خاصة من نجد والأحساء والحجاز، ومصر، والشام وباقي البلدان، ويكمل الكتاب بالمراسلات، ثم المدائح والمراثي.
فالفصل الأول (الرسائل التاريخية) جاء على هذا النحو، أقسام تاريخ مصر، الدور الجاهلي وعائلاته، الدور الإسلامي وعائرته حتى الآن، القصيدة الشوقية في تاريخ الديار المصرية، أجناس الحجاج والأقوام المارين على السويس وفيه لغة الجاوة، وطبقات العرب وسجاياهم.
وأما الفصل الثاني (في أقوال شعراء العصر)، جاءت متراسلة شعراء العرب (عرب نجد والأحساء والحجاز واليمن)، وشعراء العصر في مصر، وشعراء الشام وباقي البلدان.
وأما مراسلات الأحباب، فالباب الأول في المراسلات، والثاني في المراثي، والثالث في المدح..
لعل من الملفت في هذا الكتاب أنه نتيجة لقائه برجال العقيلات (تجار القوافل) الذين من بين محطات ترحالهم السويس نزولاً عند مصر وصولاً إلى السودان، من بعد تطوافهم من شرق الجزيرة إلى العراق والشام وفلسطين ثم السويس، راسل الشيخ مبارك بن مساعد البسّام ليستزيد منه بنماذج من الشعر النبطي وشرح مفرداته.
أوردها العامري شعراً فصيحاً وعامياً، ما يعرف في نجد والأحساء بالشعر النبطي، وفي الحجاز واليمن بالحميني.
ومن النماذج إيراده قصيدة دغيم الظلماوي:
(يا كليب شب النار يا كليب شبه
عليك شبه والحطب لك يجابي)
ومن قصائد محمد العبد الله القاضي (المتوفي 1285هـ):
(أبصرت بالدنيا وفيضت مكتوم
ما حن ففي ليحان قلبي وحامي)
ومن قصائد نمر بن عدوان:
(سار القلم في غبة الحبر شربي
بلسان سين وسار فوق الكتاب)
ويورد من شعراء الحجاز الشريف راجح مادحاً ديار نجد:
(كم دون هلنا من عدامه وله بوب
 من غيضة فيها الوضيحي تثنى
يا عنبر جانا من الشرق مجلوب
 يا غلو مشراه على اللي تمنى)
لكن مما حفظ في هذا الكتاب قصيدة فصيحة لشاعر يدعى ناصر بن سالم بن سعيد يمدح بها السيد يعرب بن قحطان:
(ألا كل أرض لم تكن من ثرى نجد
معطلة العليا معتلة المجد
وكل رجال لم تكن من رجالها
تعد الفحول البيض وهي بلا عد
وإن طال خطو القوم في صدر فيلق
 فخطوهمو في غير طول ولا مد)
والتقى المؤلف بالشاعر الحضرمي سالم العطاس، ومن الأحساء الشاعر فهد المهيزعي، ويورد في النهاية مراسلة ما بينه وبين الشيخ مبارك البسام موضحاً فيها نبذة عنه.
ويكمل الكتاب تجواله ما بين شعراء العصر ومراسلات الأحباب.
محمد حسني العامري: ولد في القاهرة، وتلقى تعليمه الأولي في إحدى مدارسها، وحصل على الشهادة الابتدائية (1893).
عمل كاتباً بوحدة جوازات السفر في وزارة الداخلية (1894)، متنقلاً بين القاهرة والإسكندرية والسويس، ومتدرجاً في السلم الوظيفي فأصبح رئيس قلم بإدارة الحج، حتى أحيل إلى التقاعد (1932).
كان له نشاط أدبي واسع ومكاتبات مع شعراء عصره في الوطن العربي، وأحد أوجه نشاطه تبلور في دعوته المبكرة عبر مجلة الهلال (مارس 1894) إلى شعراء العربية لموافاته بأشعارهم لنشرها في كتاب، وكان أمير الشعراء أحمد شوقي من أوائل من لبوا دعوته.
كتب قصائد عدة بعضها مفرق بين كتابه هذا ومناسبات أخرى، مثل: قصيدة: (زينة البنت الأدب)- مجلة النهضة النسائية- يونيو 1928، وقصيدة: (تحية البعثة المصرية في السودان) ضمن كتاب: السودان منذ التاريخ القديم- 1935. وليس له غير هذا الكتاب.

المطبعة: الهلال، القاهرة، 1314هـ - 1897م.

ذو صلة