أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) مؤخراً؛ واحة الأحساء ضمن قائمة التراث العالمي. واحتلت الموقع الخامس ضمن المواقع السعودية المدرجة في هذه القائمة، وهي: مدائن صالح المدرجة في 2008م، والدرعية المدرجة عام 2010م، وجدة التاريخية المدرجة في 2014م، والنقوش الصخرية في حائل المدرجة عام 2015م.
وجاء إدراج واحة الأحساء في لائحة التراث العالمي عقب الملف المرفوع لليونسكو تحت عنوان (الأحساء مشهد ثقافي متطور)، ولأول مرةٍ تستقبل اليونسكو ملفاً بمساحةٍ جغرافيةٍ لأكبر واحةٍ مرويَّةٍ في العالم صامدةً وحية وتتجدد مع كل المعطيات، شاملةً المدن كالهفوف والمبرز، والظواهر الطبيعية كجبل القارة، والبيئة العامة كالواحة الزراعية بما فيها من عيونٍ وشبكة ريٍ وصرف ووقوعها على البحر مع وجود الصحارى.
وتعد الأحساء -التي خصتها (المجلة العربية) بملف ثقافي شامل قبل نحو عامين ضم استعراضاً تاريخياً وتراثياً وفنياً وأدبياً وثقافياً وجمالياً عاماً- من أقدم مواطن الاستيطان البشري التي عرفها الإنسان، حيث ينيف تاريخها على 5 آلاف عامٍ قبل الميلاد، كما تؤكد المصادر التاريخية وجود ما يغري الإنسان باستيطانها كالماء والزرع والمناخ.
وتتوافر الأحساء على 10 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية، تحتضن نحو 3 ملايين نخلة، تنتج أفضل أنواع التمور في العالم، بالإضافة إلى مختلف أنواع الخضار والفاكهة والأرز الأسمر ذي الجودة العالية، وتوجد في واحة الأحساء عيون تتدفق بالمياه الطبيعية، وقد تم تحويل بعضها إلى مسابح، وتجهيزها بتقنياتٍ تساعدها على إمداد قنوات الري بالمياه بعد أن تراجعت مستويات تدفقها. وقامت المؤسسة العامة للري في الأحساء بتهيئة عين الجوهرية وعين أم سبعة وعين الحارة سياحياً، بهدف المحافظة على الطابع التاريخي والسياحي لمواقع هذه العيون، إضافة إلى تطوير أحواض السباحة وإنشاء دورات مياه رجالية ونسائية في كل موقع وإنشاء المظلات والمقاعد وتأهيل السور الخارجي لكل موقع.
ويقع في الأحساء جبل القارة العجيب الذي يعد أبرز المعالم الطبيعية وسط واحةٍ خضراء، وتبلغ مساحة قاعدته 1400 هكتار، ويتكون من صخورٍ رسوبية، ويتميز بكهوفه الدافئة شتاءً والباردة صيفاً التي لا تعيش فيها الحشرات، وقد طورته شركة الأحساء للسياحة والترفيه تطويراً كبيراً بهدف استثماره سياحياً وترفيهياً على مدى 20 عاماً، وذلك لأهميته وإستراتيجيته وعراقته التاريخية. هذا فضلاً عن الحياة الفطرية المتنوعة في الأحساء وبحيرة الأصفر التي تتجمع فيها الطيور المهاجرة، ويرتادها المتنزهون من كل مكان للاستمتاع بجمال الطبيعة فيها، ويرجح أن يكون عمر هذه البحيرة مئات السنين، وقد تكونت نتيجة تدفق المياه الفائضة من عيون الأحساء الدفاقة.
وقد نالت الأحساء عضوية شبكة المدن العالمية بمنظمة اليونسكو في المجال الإبداعي الخاص بالحرف اليدوية والفنون الشعبية، كأول مدينةٍ خليجية وثالث مدينةٍ عربية، كما أطلقت عليها هيئة الأمم المتحدة لقب أكثر مدن العالم إبداعاً، وذلك في تقريرها المعد بمناسبة اليوم العالمي للمدن الموافق 31 أكتوبر 2016م، ورُشِّحت الأحساء لعضوية شبكة اليونسكو للمدن المبدعة التي تضم أسوان وبغداد وزحلة، بهدف دعم التعاون بين المدن التي تعتقد أن الإبداع عامل إستراتيجي نحو تحقيق تنمية مستدامة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.