مجلة شهرية - العدد (581)  | فبراير 2025 م- شعبان 1446 هـ

شفشاون المغربية.. القلعة المجاهدة التي ترتدي اللونين الأبيض والأزرق

«شفشاون» هي كلمة أمازيغية تعني «قرون الجبل»، وقد أطلق هذا الاسم على المدينة نسبة للقمم الجبلية المطلة عليها، والتي تبدو مثل حراس يحرسونها.. خصوصاً حين نعلم أن المدينة كانت معقل الفاتحين العرب موسى بن نصير وطارق بن زياد.
  الطريق إلى شفشاون
 على سلسلة جبال الريف وفي أقصى الشمال المغربي على البحر الأبيض المتوسط تقع مدينة «شفشاون» على ارتفاع 600 متر عن سطح البحر، وتنتمي جهوياً إلى جهة طنجة المغربية، وتقول المصادر التاريخية إن معالمها الأولى خططت وبنيت في حدود 876 هجرية 1471 ميلادية على يد الشريف الفقيه أبي الحسن حتى تكون معقلاً لصد وإيقاف الزحف البرتغالي على المنطقة.
وقد عرفت هده المدينة التي تحيط بها الجبال من النواحي الأربعة وصول الفاتحين العرب إليها كموسى بن نصير الذي بنى مسجداً له بقبيلة بني حسان شمال المدينة، وطارق بن زياد الذي بنى هو الآخر مسجداً بقرية الشرفات مازال يحمل اسمه إلى حد الآن، ولتصبح المدينة بعد ذلك مركزاً للجيوش العربية منذ فتح الأندلس نظراً لموقعها الجغرافي الوعر الذي يصعب تحديده حيث تتسم بالسمات الجبلية والتضاريس الوعرة والانحدارات المفاجئة والأودية المنخفضة والانكسارات الحادة التي تجعل من الطريق إليها صعبة ومحفوفة بالكثير من المخاطر.
 المباني التاريخية
 تضم مدينة «شفشاون» الهادئة العديد من المباني التاريخية ذات الطراز المعماري الأندلسي التي تأسر الزوار من كل الجنسيات، خصوصاً عندما تضاف لهذه المباني العديد من الخصائص الأخرى المتمثلة في فضاءاتها البسيطة والساكنة، ثم طيبة أهلها الودودين وأطباق أكلاتهم اللذيذة وعاداتهم وتقاليدهم وهداياهم التقليدية التي تعج بها البازارات المنتشرة في كل أرجاء المدينة.
ولعل أبرز هذه المباني التاريخية ساحة «وطا الحمام» الساحة العمومية العتيقة التي تعد مقصد السياح طيلة النهار، حيث تعد قطب المدينة وكل مخارج ومداخل المدينة تؤدي إليها، تبلغ مساحتها 3000 متر وقد صممت هذه الساحة أساساً لتكون سوقاً أسبوعية قبل أن تتغير وظيفتها حالياً لتصبح ساحة سياحية بامتياز تحتل المقاهي كل جنباتها وتتوسطها نافورة مياه بهية حيث يحلو للسياح احتساء كأس الشاي المنعنع أو تناول طبق الفول المعروف «بالبيصارة» التي تقدم حصراً بشفشاون بالفول السوداني والبصل.
وتشكل «القصبة» بالإضافة إلى ساحة «وطا الحمام» مقصد السياح لروعة أبراجها العشرة التي تحيط بها وبحديقتها الكبيرة المزينة بحوضين وبمتحفها الإنثوغرافي ببنائه الذي يجسد النمط الأندلسي في العمارة، وتقع هذه القصبة في الجزء الغربي للمدينة حيث كانت قد اتخذت مقراً للقيادة وثكنة عسكرية من أجل الجهاد ضد البرتغاليين.
«المسجد الأعظم» واحد من المعالم المهمة التاريخية التي تتوسط المدينة والذي يخلو على عكس كل مساجد المدينة من الزخرفة ماعدا في مدخله الرئيس والصومعة ذات الثمانية أضلاع.
 ويتميز بالأساس بتوفره على كل المرافق المعمارية من صومعة وساحة داخلية تتوسطها نافورة وقاعة للصلاة ومدرسة لتعليم القرآن ما تزال تحافظ على كل مقوماتها التي بنيت بها في عهد طارق بن زياد
 الأحياء العتيقة
 أحياء شفشاون العتيقة من بين أجمل معالم هده المدينة، فهي تحافظ على شكلها وطبيعتها ومعمارها وصباغتها التي بنيت بها في أزمنة ماضية عتيقة، ويستحضر الداخل إلى دروبها وسراديبها الضيقة المؤدية إلى الأحياء المتداخلة في هندسة بديعة تاريخاً مغربياً حافظ على الخصوصية وأبدع من داخلها.
«حي السويقة» أحد هذه الأحياء ويعد ثاني أقدم تجمع سكني بني بعد القصبة حيث سكنته في بداية بنائه المئات من العائلات الأندلسية التي قدمت من الأندلس، ويضم أقدم البيوت الموجودة بشفشاون التي ترتدي اللون الأبيض والأزرق السماوي الذي تشتهر به المدينة.
«حي ريف الأندلس» وهو حي سمي كذلك لأنه بني لإيواء أفواج المهاجرين الأندلسيين الذين حلوا بالمغرب في مرحلة لاحقة وتحديداً سنة 1492 ميلادية، ويتشابه هذا الحي مع حي السويقة في العديد من الخصائص والتصاميم باستثناء توافره على أكثر من مدخل وتوافر منازله على أكثر من طابقين أو ثلاثة لتكاثر الوافدين من الأندلس.
«حي الصبانين» بدوره الذي يقع على الطريق المؤدية إلى رأس الماء (منبع لايزال المزود الوحيد لمدينة شفشاون بالمياه العذبة للشرب والزراعة) يحافظ على المعايير الأصلية في البناء ويضم مجموعة من الطواحين التقليدية التي تدار بالبهائم من بغال أو حمير أو أبقار تخصص أساساً لطحن الزيتون.

ذو صلة