أغلق مخيم اللاجئين العراقيين قرب محافظة رفحاء شمال السعودية في شهر نوفمبر من عام 2008م بعد توديعه 77 لاجئاً عراقياً يمثلون الدفعة الأخيرة من اللاجئين العراقيين في المخيم عائدين إلى بلادهم بعد أن قضوا نحو 19عاماً في ضيافة حكومة المملكة، مغلقاً بذلك ملفاً من ملفات الأيادي البيضاء التي تميز هذا الوطن عن غيره، ويبقى ملفاً تاريخياً ضخماً يحفظ الكثير من مواقف السعودية في خدمة الأشقاء العرب والمسلمين. كان مخيم إيواء اللاجئين العراقيين قرب رفحاء، أو كما يسمى شعبياً بـ(مخيم رفحاء للاجئين العراقيين)، يضم نحو 38000 لاجئ، وفرت المملكة لهم جميع الخدمات الحياتية، فيما رحلوا جميعاً على شكل دفعات إما إلى بلادهم أو إلى إحدى الدول المضيفة رغبة منهم. وأنشئ (المخيم) عام 1991م بعد تحرير الكويت بناء على توجيهات من خادم الحرمين الشريفين وذلك بعد انتهاء حرب تحرير الكويت وتدفق آلاف اللاجئين العراقيين من بلادهم طالبين المأوى والحماية. وكان (مخيم رفحاء) إبان إنشائه يضم مركزاً طبياً متكاملاً ومدارس للبنين والبنات، في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وركناً للتموين يقدم خدمات الغذاء والماء، كما يقدم خدمات طبية متكاملة. وأشادت عدد من المنظمات التي زارت المخيم بالإمكانيات التي كانت متوفرة في المخيم على المستوى الدولي والإقليمي من ناحية السكن والغذاء والعلاج والتعليم. وكان مخيم اللاجئين في محافظة رفحاء يعد من أرقى المخيمات في العالم بشهادة عدد من المفوضين الساميين للأمم المتحدة، والعديد من المنظمات الدولية التي تعاقبت على زيارة المخيم على مدى سنوات. ووصف معالي المفوض السامي لهيئة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين السيد لورد لوبيرز عندما زار مخيم اللاجئين بمحافظة رفحاء في مطلع شهر أغسطس عام 2003م أنه أفضل مخيم للاجئين في العالم. وقال: إنه فندق سبع نجوم مقارنة بالمخيمات الأخرى في العالم، منوهاً بما تقوم به المملكة على صعيد دعم القضايا الإنسانية في أنحاء العالم، مشيراً إلى أن اللاجئين في المخيم يعتنى بهم بشكل كبير. كما امتدح في ذلك الوقت المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين السيد أنطونيو غوتيرس - الرئيس البرتغالي سابقاً - خلال محاضرته في جامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية مطلع شهر فبراير 2007م تعاون المملكة مع المفوضية في إيجاد حلول دائمة لأكثر من 30 ألف لاجئ عراقي، منوهاً بما تبديه القيادة السعودية في التعامل مع الأوضاع الإنسانية في كثير من بقاع العالم. وأشاد الممثل الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدى دول مجلس التعاون الخليجي السيد أحمد عبدالوهاب جبارة الله في مطلع شهر نوفمبر 2006م بما تقدمه وقدمته المملكة للاجئين العراقيين في مخيم رفحاء قائلاً إن المملكة ضربت مثلاً ممتازاً في استضافة اللاجئين العراقيين عام 1991م. وقال رئيس مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين العراقيين في مخيم رفحاء في ذلك الوقت السيد سلطان محمد خلجي: إن اللاجئين العراقيين في رفحاء ينعمون برعاية متكاملة قلما يوجد لها مثيل في أي مخيم للاجئين في العالم وهذه حقيقة واضحة للجميع، والمملكة لها أن تفخر باستعداداتها بتقديم كافة المستلزمات الحياتية للاجئين العراقيين دون الاعتماد على المساعدات الدولية. وأضاف: والمملكة اعتبرت اللاجئين ضيوفاً وهذا يلمسه القريب من اللاجئين. كان مخيم اللاجئين العراقيين برفحاء، مدينة أقيمت في الصحراء، للأشقاء العراقيين الذين لجؤوا إلى السعودية فكانت لهم ملجأً وحامياً، فكانت تلك المدينة المؤقتة مسرحاً لقصص وحكايات، فقد اختارها الروائي العراقي حسن الفرطوسي مسرحاً لأحداث روايته (سيد القوارير) بعدما قضى في تلك المدينة (مخيم اللاجئين) سنوات من عمره، وقال عنها في حوار صحفي مع صحيفة الوطن في 2011م: (أنا شخصياً بعد هذه السنوات من مغادرتي رفحاء أحياناً أشتاق لها وأشتاق لذاك المكان لأني عشت فيه 5 سنوات من عمري).