مجلة شهرية - العدد (581)  | فبراير 2025 م- شعبان 1446 هـ

مدينة ورزازات.. هوليوود أفريقيا

من المؤكد أن المغرب كان من أولى الدول العربية التي تعرفت على الإنتاج السينمائي منذ بداية ظهور هذا الفن، خصوصاً على مستوى تصوير الأفلام الأجنبية، وكان ذلك لعدة اعتبارات منها العامل الجغرافي من خلال قرب المغرب من أوروبا مهد ظهور السينما مع الأخوين لوميير، ثم الاستعمار الفرنسي للمغرب الذي وجد في الطبيعة المغربية المتنوعة من جبال وسهول وصحراء وقصور عتيقة ومدن تاريخية مجالاً خصباً للتصوير السينمائي.

فكانت مجموعة من المدن المغربية التاريخية على الخصوص قبلة لصناع السينما من الفرنسيين على الخصوص، مثل مراكش والصويرة وطنجة وغيرها، ليكتشف الأمريكيون والألمان والبريطانيون والأسبان بعد ذلك أهمية البيئة المغربية وما تمنحه من آفاق لتصوير أفلامهم خصوصاً الإضاءة الطبيعية التي أبهرت العديد من المخرجين. لكن تبقى مدينة ورزازات المغربية أهم مدينة حازت النصيب الأوفر في تصوير أفلام عالمية دخلت تاريخ الفن السابع وحازت على عدة جوائز منها الأوسكار.
 تبعد هذه المدينة عن مدينة مراكش مائتي كيلومتر شرقاً والمعروفة بهوليوود أفريقيا. وكلمة ورزازات هي كلمة أمازيغية مكونة من (وار - دون) (زازات - ضوضاء) أي (دون ضوضاء). هذا السكون والأمن ساهم بشكل كبير في النهضة السينمائية التي تعرفها هذه المدينة. وشهرة هذه المدينة سينمائياً تعود لعدة اعتبارات نلخصها في:
 -الطبيعة الجغرافية التي تجمع بين الخضرة والواحات والجبال والصحراء والأنهار وهي ميزة لا نجدها في مدينة أخرى.
-وجود عدد من الفنيين والتقنيين المغاربة الذين اكتسبوا خبرة واسعة من خلال مشاركتهم في الأعمال السينمائية التي صورت في هذه المدينة لكبار المخرجين.
-التسهيلات التي تمنح للمخرجين من طرف الدولة لتصوير أفلامهم بتسهيل الأعمال الإدارية, أو مشاركة الجيش ورجال الدرك.. مثلاً.
-انخفاض تكاليف الإنتاج بحوالي 40 في المائة مقارنة مع تصوير نفس العمل في أمريكا.
-وجود الآلاف من السكان الذين تعودوا على المشاركة في هذه الأفلام ككومبارس، مما يسهل التعامل معهم من طرف المخرجين وبأجور زهيدة.
-الاستقرار الأمني الذي يعرفه المغرب، وحسن الضيافة والترحاب الذي يلاقيه السينمائيون من طرف السكان المحليين.
-وجود العديد من الاستوديوهات الطبيعية والمبنية والتي شيدها مخرجون سابقون وتم الحفاظ عليها ليستفيد منها مخرجون آخرون, مثل الاستوديوهات التي أنشئت لفيلم لؤلؤة النيل أو مملكة السماء أو المصارع.
-تشييد العديد من أماكن التصوير المجهزة بكل ما يحتاجه الإنتاج السينمائي من تقنيات وصناعة الملابس والأسلحة القديمة والماكياج والحدادة والصياغة والنجارة والديكور يسهر عليه متخصصون، وتضم بعض هذه الاستوديوهات أماكن خاصة للخيول وغيرها من الحيوانات.
 ومن أشهر الاستوديوهات في هذه المدينة نجد أستوديو (الأطلس) وأستوديو (كان زمان) وأنشئت حولهما فنادق مصنفة وراقية ومطاعم فاخرة.
وأولى التجارب السينمائية التي صورت في هذه المدينة تعود إلى سنة 1896م وهو شريط (راعي الماعز المغربي)، وصور الشريط من طرف تقنيي شركة الإخوة لوميير الفرنسيين. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية تم تصوير فيلم (الدم) لمخرجه لويتز مورا سنة 1922م، وفي نفس السنة تم تصوير شريط (إن شاء الله) لتوماس فرانز.
بعد الفرنسيين اكتشف الأمريكيون على الخصوص مؤهلات هذه المدينة السينمائية مع المخرج الشهير الفريد هتشكوك الذي صور فيلمه (الرجل الذي يعرف أكثر من اللازم) عام 1955م، وقبل ذلك صوّر البريطاني تورتون فريلاند (قافلة الصحراء)، والمخرج الألماني جيمس بويز في فيلمه (عندما تعود السنونو إلى أعشاشها).
ومع حلول بداية الستينيات دخلت مدينة ورزازات تاريخ السينما العالمية بتصوير مشاهد من فيلم (لورانس العرب) لمخرجه ديفيد لين، والذي لعب بطولته كل من أنطوني كوين والممثل المصري عمر الشريف. وفي نفس هذه الفترة عرفت هذه المدينة تصوير فيلمين مهمين, الأول هو (سودوم وغوموري) للمخرج الإيطالي المعروف سيرجيو ليوني سنة 1961م، ثم (مائة ألف دولار تحت الشمس) للفرنسي هنري فيرنوي سنة 1963م، تقاسم دور البطولة فيه كل من جان بول بلموندو ولينو فونتيرا، ثم توالت أعمال أخرى بعد ذلك.
وفي سنة 1975م تم تصوير واحد من أهم الأفلام التي أخرجها جون هيستون (الرجل الذي أراد أن يكون ملكاً) تقاسم البطولة إلى جانب شين كونري وميكايل كاين الممثل المغربي الراحل العربي الدغمي، والذي كان المخرج هيستون يصفق بيديه لكل مشهد مثله العربي الدغمي الذي أظهر براعة كبيرة في تقمص دوره، ثم جاء فيلم (هيدالكو) الذي لعب فيه الفرس العربي دور البطل.
وحظيت الأفلام التاريخية على نصيب الأوفر بسبب الطبيعة الجغرافية والإضاءة الطبيعية وطريقة بناء القصبات والأبراج. هذه الأعمال تتطلب إمكانيات كبيرة أحياناً, ففيلم ريدلي سكوت (كلادياتور) بلغت تكاليفه عشرة ملايين دولار، ودام التصوير خمسة أشهر تقريباً, وحاز هذا الشريط على خمس جوائز أوسكار.
أما فيلم مملكة السماء أو (مملكة الجنة) للمخرج نفسه فقد تطلب الأمر عشرة أشهر من العمل والبناء, وساهم في التمثيل أكثر من ألف كومبارس، شارك في الفيلم السوري غسان مسعود والمصري خالد النبوي، ومن أشهر الأعمال التاريخية التي صورت: (المومياء، أوديب الملك، الكسندر الأكبر، كلادياتور، مملكة السماء، رغبات المسيح الأخيرة، أستريكس وأوبليكس، كليوباترا، كوندون، طروادة، أعظم رحلات ابن بطوطة)
أما الأفلام ذات الطابع السياسي والتي صورت في ورزازات نشير إلى: (سريانا، خمسة أصابع، الخائن، تحذير بورن).
كما أن ورزازات نابت عن الصومال في سقوط النسر الأسود هوك، وعن أفغانستان في حرب شارلز ويلسون، واليمن في شريط أسس الاشتباك والعراق في منزل الشجاع والمنطقة الخضراء.
بالإضافة إلى أفلام موضوعها وأحداثها تقع على أرض المغرب، مثل: (غريب بشع) وهو فيلم بريطاني، ثم (لقطات) وهو فيلم أمريكي، و(شريط بابل) المكسيكي الذي لعب فيه دور البطولة براد بيت. وهذه الأفلام تقدم أحياناً صورة سلبية للواقع المغربي مع بعض الاستثناءات التي اتسمت بالموضوعية.
وتنبه بعض المخرجين العرب أخيراً إلى أهمية هذه المدينة من خلال إنتاجاتهم الدرامية التلفزيونية, والتي تتخذ من التاريخ مجالاً لها, والتي قدمت في العديد من المحطات بمناسبة شهر رمضان, اكتشف من خلالها المشاهد العربي جمال الطبيعة المغربية وتنوعها، ونذكر على سبيل المثال: (الفرسان وهولاكو وصلاح الدين الأيوبي وصقر قريش وربيع قرطبة). وقد قام المخرج السوري عبدالباري أبو الخير بتصوير فيلمه الأخير في هذه المدينة بعنوان (مشاعل من النور).
ذو صلة

   موسى حملوشي
   moussa.kh@yahoo.fr
   مغرب -المغرب
   الإثنين 18/10/2010
ورزازات هوليود إفريقيا على سفوح جبال الأطلس الكبير، و خلف طريق جبلية ملتوية تمتد على طول 190 كيلومتر تتواجد مدينة ورزازات و تعني بالأمازيغية : "دون ضجيج"، المدينة الهادئة التي اشتهرت إلى جانب مؤهلاتها السياحية وإنتاجها لأجود أنواع التمور بالصناعة السينمائية و لم تلقب بهوليود إفريقيا اعتباطيا بل بسبب ضخامة الأفلام السينمائية العربية و الدولية التي صورت بها و التي شارك فيها أجود المخرجين و أشهر الممثلين. مؤهلات طبيعية: تقع مدينة ورزازات بين واحتي دادس و درعة، يخترقها وادي درعة أطول وادي بالمملكة والذي لا يصل إلى مصبه إلا نادرا، مما ساهم بشكل رئيسي في تواجد عدد كبير من الواحات التي تنتشر على جنباته كفسيفساء مرتبة في تناسق بديع تنمو فوق تربتها الرملية أشكال متنوعة من الورود، إضافة إلى النخيل الذي يطل على المدينة كأنه حارسها الأمين. على بعد 45 كيلومترا إلى الشرق يتواجد سد المنصور الذهبي، الذي يقف بكبرياء شاهدا على عصر الحسن الثاني صاحب فلسفة تشييد السدود، اقتناعا منه أن أهم تحديات الإنسانية في العصور المقبلة هي مدى نجاعة سياستها المائية، إلى الغرب من السد تترامى إلى الأنظار بحيرة هادئة تلقي بنسيم عليل يخفف من لهيب حرارة الشمس، و تختزن في باطنها أنواعا من الأسماك التي تستهوي هواة و محترفي الصيد. جبال الأطلس الكبير الشامخة المكسوة بأشجار خضراء زاهية أنعشتها تساقطات ثلجية استمرت طيلة ثلاثة أشهر، تظهر على شكل مدرجات متسلسلة تستجيب لحسابات هندسية دقيقة، تتسلل إليها أشعة الشمس الذهبية بلطف فتظهر خلف الأشجار الثابتة تموجات متلونة توحي بان منبع قوس قزح يتواجد بين الجبال. مآثر تاريخية: تزخر المدينة بمآثر متجدرة في عمق التاريخ المغربي، و التي تقف شاهدة على أحداث وطنية و شخصيات رسمت معالم المغرب الحديث، و لعل أهم هذه المآثر القصبات المنتشرة على جنبات الوديان و الواحات بلونها الترابي الداكن و كأنها جزء من الهضبات و الجبال المشيدة فوقها، فقصبة تاوريرت وسط المدينة إنما هي شاهد عصر على حقبة القائد الكلاوي و التي تتميز بهندسة معمارية قل نظيرها، ظلت شامخة أمام تقلبات الزمان و المناخ و لازالت تحتفظ بمقوماتها المعمارية و جمالية زخرفتها، لتتحول إلى متحف وطني فاستحقت بذلك تصنيفها من طرف اليونسكو كتراث إنساني. قصبة ايت بنحدو إلى الغرب في اتجاه مدينة مراكش ترسم معالم حياة ازدهار عرفتها المنطقة، فهي تحتل ربوة في منظر خلاب بين النهر و الجبال تسيل لعاب الزائر . أهم الانتاجات السينمائية: عرفت ورزازات الصناعة السينمائية منذ سنة 1922 مع الفرنسيين حيث تم تصوير الفيلم الفرنسي "الدم" للمخرج لويز مورا، تلاه بعد ذلك الفلم الألماني "عندما تعود السنونو إلى أعشاشها" سنة 1927 ، لتبدأ بعد ذلك مرحلة هيمنة السينما الأمريكية على حقل التصوير بالمدينة، التي انطلقت بتصوير فيلم "قلوب محترقة" سنة 1930، غير أن الفترة الذهبية للتصوير السينمائي بالمدينة انطلقت في الثمانينيات من القرن الماضي بعد توقف نتيجة للحرب العالمية الثانية، حسب تصريح لأحد المهتمين بالنشاط السينمائي بالمدينة، لتستقبل استوديوهات ورزازات سنة 1984 الممثل الشهير مايكل دوكلاس في فيلم "جوهرة النيل" للمخرج لويس تيك، سنة 1988 تسجل عودة السينما الفرنسية بواسطة فيلم "شهرزاد" للمخرج بيير كازبار وي بطولة جيرارد مينيو، في نفس السنة تستضيف المدينة المخرج راوول رويز في فيلم "جزيرة الكنز" بطولة انطوني كوين. الإنتاج المغربي سجل حضوره كذلك ففي سنة 1993 تم تصوير فيلم "الباب المسدود" للمخرج عبد القادر لقطع، بعد ذلك في سنة 1996 يسجل سهيل بن بركة حضوره عبر فيلم "ظل فرعون". الممثل الأمريكي جون كلود فان دام سجل حضورا قويا سنة 1997 في فيلم "le légionnaire " للمخرج بيتر ماك دونالد. في نفس السنة سجلت السينما الكوبية حضورها في فيلم "أشياء نسيت تذكرها" للمخرج اوليفيي انريك بطولة مجموعة من الممثلين الكوبيين، حضارة التيبت كان لها نصيب في الاستفادة من الإنارة الطبيعة و تشابه جغرافية المدينة مع طبيعة إقليم التيبت فاستقبلت المدينة فيلم "KUNDUN" احد أضخم الانتاجات السينمائية للمخرج مارتان سكورسز. الانتاجات العربية أخذت نصيبها من التصوير بالمدينة، عبر أفلام تاريخية تجسد مرحلة مهمة من مراحل تطور الحضارة العربية في ظل التحول الأبرز مع نزول الوحي على سيدنا محمد ص، حيث تم تصوير الجزء الأهم من فيلم الرسالة للمخرج مصطفى العقاد، و الذي تقاسم بطولته أشهر الممثلين العرب، إضافة إلى فيلم الناصر صلاح الدين الأيوبي. البنية التحتية: من انعكاسات صناعة السينما على المدينة، مساهمتها بشكل كبير في تطوير البنية التحتية للمدينة حتى تتمكن من استقبال زوارها في أحسن الظروف، و هكذا عرفت المدينة ديناميكية على مستوى تشييد الفنادق الفخمة من فئة خمس و أربع نجوم، حيث ارتفعت طاقة الإيواء من 4730 سرير سنة 2001 إلى 7006 سرير سنة 2008 و لازالت المدينة تعرف تشييد المزيد من الفنادق إلى حد الساعة، إضافة إلى عدد من المطاعم المنتشرة عبر شوارع و ساحات المدينة و المتخصصة في شتى أنواع الأطباق المحلية و العالمية. على بعد خمس دقائق من وسط المدينة يقع مطار المدينة الدولي المهيئ لاستقبال الطائرات التجارية من حجم بوينغ 747، و المرتبط بمطارات دولية عبر رحلات جوية مباشرة ذهابا و إيابا. مزاولة الهوايات الرياضية مضمون بالمدينة، فتواجد ملعب للكولف بمواصفات دولية، إضافة إلى بحيرة لمزاولة الرياضات المائية تعطي الانطباع أن المدينة تقع بمنطقة بعيدة عن المناخ الصحراوي الجاف. الإنتاج السينمائي لم يعد يقتصر على المناظر الطبيعية المتنوعة التي تزخر بها المدينة، حيث إعداد الديكور و التصوير الداخلي يستلزم العمل داخل استوديوهات ذات مستوى عالي ، فأصبحت المدينة تتوفر على استوديوهات من الطراز العالمي كاستوديوهات الأطلس و CLA STUDIOS . توفر المدينة على قاعة المؤتمرات جعلها تحتضن المناظرة العالمية الخامسة للسياحة بناءا على توصية جلالة الملك محمد السادس. التكوين في خدمة السينما: تم إحداث معهد التكوين في المهن السينمائية، لتلبية الخصاص الذي يعرفه سوق الشغل في المجال، و تزويد المنتجين السينمائيين بأطر تقنية كفأه في مختلف التخصصات، فالمعهد يكون تقنيين متخصصين في شعب الملحقات و المؤثرات المميزة، الديكور و الملحقات، الملابس و تسيير الإنتاج. مجال التكوين تدعم و عرف قفزة نوعية مع إنشاء الكلية المتعددة التخصصات، التي تعد نموذجا في التعليم العالي الذي يراعي متطلبات سوق الشغل، تخصصات جديدة يتم تلقينها لطلبة الكلية تعتمد على الأعمال التطبيقية في مجالات تخص أساسا المهن السياحية و الصناعة السينمائية. حيث تم إحداث شعب جديدة من نوعها كشعبة تسيير الإنتاج السمعي البصري و السينماتوغرافي، و شعبة التقنيات السينماتوغرافية و السمعية البصرية. المساهمة في التنمية المحلية: تستفيد بلدية ورزازات بصفة مباشرة من عائدات كراء المعدات و الآليات لشركات الإنتاج، حيث تصل السومة الكرائية لقصبة تاوريرت إلى عشرة ألاف درهم لليوم مع أبواب مفتوحة، أي فتح أبواب القصبة في وجه الزوار أثناء عملية التصوير، و خمسة عشر ألف درهم لليوم في حالة الأبواب المغلقة في وجه العموم، عملية التصوير تتراوح بين ثلاثة و عشرة أيام حسب تهيئ الديكور و حالة الطقس، فقد تطول مدة التصوير إلى شهر كامل مما يدر على خزينة البلدية أموالا مهمة تساهم في تحقيق فائض في الميزانية الذي يبرمج في مشاريع تنموية ترجع بالنفع على ساكنة المنطقة. ثمن كراء احتلال الملك العمومي المخصص لوضع التجهيزات و الآليات التابعة لشركة الإنتاج، يصل إلى ثلاثين درهما للمتر المربع الواحد طيلة مدة التصوير، ينضاف إلى ذلك كراء شاحنات و آليات البلدية الذي يتراوح بين ألف و ألفي درهم حسب ظروف اشتغالها. يمكن اعتبار توأمة مدينة ورزازات و مدينة هوليود الامريكة الموقعة بمارس سنة 2005، بمثابة مؤشر حقيقي على درجة الإشعاع العالمي الذي تتمتع به المدينة في الأوساط السينمائية ، يرجع الفضل في توقيع اتفاقية التوأمة للمخرج الأمريكي برونكو ليستينغ مخرج فيلم "مملكة الجنة"، فبموجب هذه الاتفاقية ستستفيد المدينة من دعم لتطوير و تحديث بنيتها التحتية لتكون في مستوى الانتاجات التي تتقاطر عليها. توفير مناصب الشغل: توفر صناعة السينما بالمدينة حوالي خمسة عشر ألف يوم شغل مباشر لكل فلم، ما يخلق حيوية وانتعاش لدى الساكنة المحلية، خصوصا أن المدينة تفتقر للمشاريع الصناعية الكبرى، فهي إذن مورد رزق مباشر للساكنة، فذوي الكفاءات يصل راتبهم الأسبوعي إلى عشرة ألاف درهم أسبوعيا، في حين يصل اجر الكومبارس إلى ألف درهم أسبوعيا. غير أن الأجور عرفت تراجعا في السنوات الأخيرة، يقول هشام و هو حلاق دأب على الاشتغال بالسينما " شحال هادي كنا تنخدمو ب 10000 درهم في الصيمانا اما دابا ماتيفوتوش لينا 5000 درهم"، أما عبد الرحيم المعروف بالوسط ككومبارس فيعبر عن الأجر الذي يتقاضاه بقوله :" مابقات معنى غير بنادم تيسلك اوصافي" و عن سبب هذا التراجع في الأجور يجمع العديد من المهتمين بالمجال أن توافد العمال من مختلف المدن المغربية على المدينة للاشتغال بالسينما، زعزع التوازن الحاصل بين العرض و الطلب في سوق الشغل، حيث يقبلون الاشتغال باجر زهيد لتلبية حاجيات الأكل و السكن، ففي الوقت الذي كان يشتغل فيه الكومبارس بثلاثمائة درهما يوميا أصبح الآن لا يتقاضى إلا مائة و خمسين درهما يوميا في أحسن الأحوال. إضافة إلى خلق مناصب الشغل المباشرة، تساهم صناعة السينما بالمدينة في دوران عجلة الاقتصاد المحلي و توفير مناصب شغل غير مباشرة، لكون هذا النشاط يِؤثر بشكل ايجابي على حركة السياحة بالمدينة حيث تسجل مختلف الفنادق أعلى مستويات الإيواء مما يضطرها إلى توظيف عمال و مستخدمين موسميين لتلبية حاجياتها و تحسين مستوى الخدمات المقدمة لزبنائها.كذالك تعرف مطاعم و مقاهي المدينة حركية متميزة نظرا لإقبال الوافدين على المدينة على تناول الوجبات المحلية التي يتفنن الطباخ المحلي في إعداد أطباقها. المحلات التجارية بدورها تحقق أرقام معاملات مهمة لكون الزوار يقدمون على اقتناء المنتوجات المحلية على الخصوص التمور و مشتقات الورود و الملابس التقليدية، يقول عبد الله صاحب محل لبيع التمور و مشتقات الورود : " الحركة في الايام العادية ميتة حتى تيكون الفيلم عاد تنروجو شوية". مفارقة غريبة: هوليود إفريقيا لا تتوفر على قاعة عرض سينمائية ! فالقاعتان المتواجدتان بالمدينة سينما الأطلس و سينما الصحراء، تقبعان في غياهب التهميش و اللامبالاة، منذ أكثر من عشر سنين لم تفتحا أبوابهما لهواة السينما. سينما الأطلس لم تستفد من موقعها المتميز وسط المدينة، و على مفترق طرق أهم شارعين بالمدينة فلم يكن نصيبها من هذا الموقع الاستراتيجي إلا الغبار المتناثر من عجلات السيارات الرباعية الدفع القادمة من أدغال الصحراء، بعد أن أقلت السياح الأجانب في رحلة استمتاع بواحات المنطقة و بعض الأماكن التي لازالت تتمتع بعذريتها فلحد الساعة لم تطأها قدم إنسان. أسباب هذه الوضعية ترجع بالدرجة الأولى إلى مالكي القاعتين، اللذان يفتقران لثقافة سينمائية و كذلك إلى انعدام شغفهما بهذا النشاط الفني، فامتلاك هذا النوع من العقار كان بدافع تحقيق أرباح مادية، التي يصعب تحصيلها في ظل تقهقر مكانة السينما عموما نتيجة ارتفاع حدة منافسة وسائل الإعلام و الترفيه إضافة كذلك إلى انتشار ظاهرة القرصنة، فثمن قرص الفيلم أصبح يمثل نصف أو ربع ثمن تذكرة القاعة السينمائية. رغم المنافسة الشرسة في سوق الصناعة السينمائية العالمية، خصوصا الاستوديوهات المصرية إلا أن مدينة ورزازات لازالت تستقبل رواد الفن السابع، نتيجة تنوع طبيعتها و إنارتها الطبيعية التي تضفي سحرا و جمالية للمنتوج السينمائي، كذلك التسهيلات الممنوحة لشركات الإنتاج من طرف السلطات المحلية بالمدينة، و يترقب المهتمين بالميدان تقاطر المزيد من الأفلام التي من شانها توفير مناصب شغل و خلق حيوية بالمدينة. موسى خملوشي طالب صحافي