تعد زينب فواز (1844 - 1914) من الرائدات الأوائل اللائي تجرأن على الكتابة الأدبية فقد شغلت الحياة الثقافية والأدبية في مصر بعد حضورها قادمة من لبنان خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، عندما سبقت في أدبها الأديب محمد حسين هيكل في كتابة أول رواية عربية، ونافست قاسم أمين وسبقته في المناداة بتحرير المرأة، كما أن صالونها الأدبي يعد في مقدمة الصالونات الأدبية في الوطن العربي.
انشغلت زينب فواز بالقضايا العامة وقضايا المرأة بشكل خاص فكانت من الرائدات الأوائل اللائي تجرأن على الكتابة الأدبية حيث لم يكن يعرف ذلك من النساء حينها باستثناء عائشة التيمورية، وزينب فواز التي نشأت في أسرة فقيرة في بلدة (تبنين) في صيدا جنوب لبنان. وتقربت من نساء آل الأسعد الست فاطمة التي أولت زينب بالرعاية فحفظت القرآن ودرست العلوم والتفاسير والفقه وكانت لها اهتماماتها بالعلم والأدب شعراً ونثراً ودرست شطراً من صباها في قلعة تبنين ملازمة لسيدات آل الأسعد خصوصاً السيدة فاطمة زوجة علي بك الأسعد حاكم إمارة علي الصغير.
تزوجت زينب برجل كان رئيساً لساسة الخيل من حاشية خليل بك الأسعد ولكن سرعان ما انفصلا لاختلاف الطباع، بعد ذلك هربت إلى بيروت مع قافلة من المكارين وراحت تطرق أبواب المنازل طالبة الاستخدام عند إحدى الأسر الغنية حتى تهيأ لها ذلك في أسرة يوسف حمدي يكن المصرية، ثم سافرت معها إلى الإسكندرية حتى استرعت انتباه الأستاذ حسن حسني الطويراني صديق أسرة يكن وصاحب جريدة النيل فعلمها الصرف والبيان والعروض والتاريخ وعلمها الشيخ محيي الدين النبهاني النحو والإنشاء وظلت عاكفة على الدرس والتحصيل حتى تمكنت من الكتابة ونظم الشعر، ولما ذاع صيتها راحت تكتب في جرائد النيل ولسان الحال والمؤيد والاتحاد المصري وأنيس الجليس وغيرها، موضوعات اجتماعية ونسائية بفهم ووعي وإدراك وجرأة فأعجب بأسلوبها الكاتب الدمشقي أديب نظمي فأخذا يتراسلان ويتبادلان الصور الشخصية حتى انتهى بهما الأمر إلى الزواج، ثم حضرت معه إلى الشام لكنها لم تستطع الحياة مع ضراتها الثلاث فافترقت عن زوجها بعد أن قضت ثلاث سنوات، وعادت إلى الإسكندرية التي شهدت ولادتها الأدبية فوضعت طفلاً تحمله في أحشائها أسمته (غريب) لكنه مات بعد ذلك بوقت قصير.
لقبت زينب فواز بدرة الشرق و(حجة النساء) حيث إنها ظهرت وسط بيئة إقطاعية تفشى فيها الفقر والجهل والقهر في مجتمع مقتصر فيه العلم على طبقة الموسرين والأغنياء من أبناء العائلات ذوات النفوذ، ونشرت مقالاتها في صحف المؤيد والنيل والأهالي واللواء والأستاذ والفتى وغيرها، وكانت مقالاتها تدعو للنهوض بالمرأة والمجتمع عن طريق العمل والمعرفة ودعت إلى تعليم المرأة والمطالبة بحقوق المرأة في المشاركة بالقضايا السياسية والفكرية، وشاركت مع الإمام محمد عبده في الرد على مزاعم (هانوتو) وهجومه على الإسلام، وحين تعرضت الجزائر إلى مجاعة وأزمة اقتصادية كتبت كثيراً تطالب المصريين بالتبرع لإخوانهم، وكانت من مؤيدي الزعيم مصطفى كامل وتحرص على حضور خطبه.
سبقت زينب فواز (قاسم أمين) في المناداة بتحرير المرأة وانتقدت إلغاء إرادة المرأة وفرض الحجاب عليها والتشدد في منعها من التعليم وهو ما يعني فرض الجهل عليها ومنعها من ممارسة أي دور اجتماعي أو سياسي أو ثقافي ووطني وقصرها داخل المنزل، أما قاسم أمين فقد كان متأخراً عنها بمناداته بتحرير المرأة في كتابيه (تحرير المرأة) و(المرأة الجديدة)، فمن الثابت أن رسائلها الزينبية في موضوعات المرأة التي كانت تنشر في الصحف المصرية بدأت قبل عام 1892 بينما لم ينشر قاسم أمين كتاب (تحرير المرأة) إلا عام 1898.
كانت زينب فواز تعقد في دار زوجها أديب نظمي مجالس أدبية أسبوعية يحضرها كبار الأدباء أمثال حسن الدوماني وسليم عنحوري ورشيد الحشيمي وسيد السلطجي وغيرهم من أدباء ذلك العهد فيتطارحون الشعر نظماً وتشطيراً ويتناقشون في قضايا الأدب، وكان زوجها رسولاً بينها وبين الحاضرين.
في القصة كتبت زينب فواز عام 1895 رواية (غادة الزاهرة) أو (حسن العواقب) أول رواية نسائية تكتبها امرأة عربية بطريقة صحيحة حيث كتبت اسمها على الرواية بشكل صريح، وهي رواية تاريخية اجتماعية ألبستها ثوباً رومانسياً، وتدور أحداثها حول الصراع بين الأميرين تامر وشكيب على حكم منطقة جبل شامخ وهما ابنا عمومة يتصارعان حول الزواج بابنة العم (فارعة) التي تحب شكيب وترفض الزواج بتامر الذي يخطفها من أجل الزواج منها وهي تفضل الموت على الزواج من تامر، وهي رسالة تؤكدها زينب فواز حول رأي المرأة في تحديد مصيرها واختيار الشخص الذي سوف ترتبط به.
وكتبت أيضاً رواية (كوروش ملك الفرس) وهي رواية تاريخية وغرامية جمعت الفائدة والفكاهة وصورت قبح العبادة المجوسية وحسن الوحدانية أبدع تصوير وتحدثت فيها عن سقوط دولة الميديين وحلول دولة الفرس محلها واستيلاء الملك كوروش عليها وعلى مملكتي نينوي وباب، وانقراض هاتين الدولتين العظمتين واندماجهما في مملكة فارس.
وفي المسرح قدمت (الهوى والوفاء) وهي مسرحية ذات أربعة فصول لم تطبع وطلت بين محفوظاتها الضائعة.
قدمت زينب فواز في السيرة (الدر المنثور في طبقات ربات الخدور)، وقد ترجمت هذا الكتاب لعدد من النساء الشهيرات منهن السيدة فاطمة الخليل الأسعد التي احضنتها في صغرها وكانت السبب في تعليمها وجمعت مادته من كتب تاريخية وأدبية تقرب من أربعين مؤلفاً، بالإضافة إلى ما أخذته من المجلات والجرائد من مقالات تؤيد تقدم المرأة وتدعو إلى تعليمها، أرخت زينب فواز في هذا الكتاب لـ 456 امرأة من نساء الشرق والغرب.
في الترسل لها (الرسائل الزينبية) وهو كتاب يقع في 218 صفحة ضم رسائلها وطائفة من المقالات التي عالجت فيها قضية حقوق المرأة ومكانتها في المجتمع وردودها على الكتاب كالأديبة هنا كسباني كوراني التي أخذت على نساء إنجلترا أطلبهن التدخل في السياسة.
وفي الشعر نظمت أشعاراً كثيرة لم تجمع في ديوان قالتها في مختلف المناسبات التقليدية المعروفة كالتهنئة في الزواج والولادة وجلوس السلطان والغزل والمرح. ولها كتب أخرى لم تطبع حتى الآن مثل كتاب (مدارك الكمال في تراجم الرجال) وكتاب (الجوهر النضيد في مآثر الملك الحميد) وغيرهما.
وتظهر نزعة زينب فواز التحريرية بدعوة أبناء وطنها للاشتراك في الجمعيات والمعارض والمؤتمرات العالمية وبخاصة مؤتمر الاتحاد النسائي العالمي في سانتياجو عام 1893 لدرس شؤون المرأة وحقها في العلم والعمل وحقها في ممارسة السياسة، وضربت زينب الأمثلة في ممارسة كيلوباترا وإليزابيث وملكة تدمر وغيرهم كثيرات مارسن السياسة وخضن الحرب.