لم يسبق أن اجتاح القلق والهلع أنحاء العالم، ولم تتجل سلبياته الاقتصادية على جميع الأصعدة مثلما حدث مع جائحة كوفيد-19. ومع تفاقم هذه الأزمة وجد العالم نفسه في مجابهة موجة عارمة وطاغية من سوء الفهم والتأويل، قارب وصفها بالوباء المنتشر الذي لف كل شيء، الأمر الذي أذكى الكثير من نظريات المؤامرة التي وجدت طريقها إلى وسائط التواصل الاجتماعي ومختلف وسائل الإعلام الأخرى. لقد انتشرت نظريات المؤامرة انتشار النار في الهشيم، حتى أمكن وصفها بالفيروس المنتشر في الشبكة العنكبوتية، حتى قاربت كثافة انتشارها كثافة انتشار الفيروس نفسه.
الآن وبعد مرور أكثر من عام على بروز أكبر تحد صحي وبائي للعالم، وبعد نجاح الجهود الحثيثة في تصنيع اللقاحات المضادة التي بلغت أكثر من ثلاثة عشر لقاحاً، اجتازت الكثير منها المرحلة الثالثة من الاختبار السريري وحاز عدد لا بأس به منها على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، وتصدر قادة العالم كخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الأمريكي (دونالد ترمب) والرئيس الفرنسي (عمانوئيل ماكرون) ورئيس الوزراء البريطاني (بوليس جونسون) حملات التلقيح، أمست نظرية المؤامرة من الماضي الذي يستحق المراجعة للاستفادة منه ولاستنباط الدروس.
وفيما يلي عرض لأشهر (10) نظريات تنضوي تحت لواء المؤامرة، التي قضت مضاجع العالم بكل معنى الكلمة، ولا تزال:
1 - صب اللوم على شبكة المعلومات من فئة الجيل الجديد (5G).
من السهل جداً دحض هذا الاحتمال، حيث من المستحيل على الفيروسات الانتشار عن طريق طيف الموجات الكهرومغناطيسية. تمتاز الموجات الكهرومغناطيسية بكونها موجات أو فوتونات، في حين تعتبر الفيروسات كائنات حيوية مكونة من البروتينات والأحماض النووية، إلا أن الوجه التحريضي لنظرية المؤامرة هنا يتجسد بكونها غالباً ما تربط بين شيئين يظهران للوهلة الأولى وكأنهما مرتبطان ببعضهما بالفعل. ففي هذه الحالة ارتبط انتشار استعمال شبكات (5G) في ذات وقت انتشار الجائحة. حاول جمع المفردات التالية مع بعضها ولنرى ماذا ينتج؟
Internet meme هو مصطلح يستخدم لوصف شعار أو فكرة تنتشر بسرعة من شخص إلى آخر من خلال الإنترنت، ساعد في ذلك إصرار الناشطين ضد فكرة التلقيح، ممن دأبوا على نشر الخوف من الموجات الكهرومغناطيسية، التي أرجعوا مصدرها إلى مركز الحكومة الروسية في (الكرملين).
وهنا تجدر الإشارة - وكما أكدت منظمة الصحة الدولية - أن من المستحيل على الفيروسات الانتقال والانتشار من خلال شبكات الهاتف النقال، وأن هناك الكثير من الأدلة التي تدعم حقيقة انتشار الفيروس بسرعة في الكثير من الأقطار التي لا تملك شبكات (5G)، ومع كل ذلك فإن نظرية المؤامرة، وبعد تم تبنيها ونشرها من قبل الكثير من المشاهير المتمتعين بالكثير من الأتباع دفعت إلى إحراق العديد من أبراج الهواتف الخلوية في المملكة المتحدة وفي غيرها من الدول.
2 - بيل جيتس ككبش فداء
للكثير من نظريات المؤامرة، شأنها شأن الفيروسات التي تروج لها، القابلية الدائمة على إحداث التغيرات والطفرات الوراثية، وتمتاز بوجود عدة أوجه أو نظائر لها تدور وتنتشر في نفس الوقت. لقد تضمنت الكثير من تلك الأفكار عبقري ومؤسس شركة مايكروسوفت (بيل جيتس)، الذي أمسى مصدراً للكثير من المعلومات المظللة بعد أن ندد، وبلطف، بتوقف تمويل منظمة الصحة الدولية. ذكرت صحيفة النيويورك تايمز أن المجموعة المسماة (Anti-vaxxers) وهي المجموعة المناهضة للتطعيم على اختلاف أنواعه ومصادره بذريعة تدخل ذلك بالحقوق الشخصية للأفراد، كانت قد ذكرت محاضرة سبق لبيل جيتس أن ألقاها في عام (2015)، وناقش فيها انتشار فيروس الإيبولا (Ebola)، وحذر من جائحة جديدة. ولدعم وجهة نظرها، ادعت تلك الجماعة أن (بيل جيتس) كان على علم بجائحة كورونا القادمة، أو أنه كان المسبب لها على الأرجح. أما النظير الحديث لهذا الوجه من نظرية المؤامرة، والتي يفضلها مناهضو التطعيم هو أن فكرة فيروس (كوفيد COVID-19) كانت عبارة عن خطة غادرة قادها بيل جيتس لتطعيم الغالبية العظمى من سكان العالم.
صحيح أن التطعيم سيمثل الخطوة الوحيدة الأكثر عقلانية وعملية لتلافي خطر الموت المحقق لملايين البشر، ولكن المناهضون لفكرة التطعيم لا يؤمنون بفعاليته أصلاً. عملت هذه الفئة على نشر الأكذوبة القائلة بأنه كانت في نية (بيل غيتس) استخدام التطعيم ضد الفيروس لغرض زراعة معالجات إلكترونية ميكروية في داخل كل من يأخذ التطعيم لغرض المتابعة والسيطرة على ملايين البشر. أما نتيجة هذه الأكذوبة فسيعني أن على الشركة التي تطلق على نفسها اسم (ID2020) وهي شركة صغيرة غير ربحية مختصة في وضع المعايير الشخصية للسكان حول العالم أن تقدم قضية تظلم إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI). ومن غريب الصدف أن تكون هذه الشركة ممولة جزئياً من قبل مؤسسة (بيل غيتس) وزوجته (مليندا غيتس).
3 - هروب الفيروس من أحد المختبرات الصينية
لهذه النظرية إيجابية واحدة وهي إمكانية ومعقولية تصديقها. بالاستناد إلى حقيقة كون مركز الإعلان عن فيروس الكورونا كان مدينة (يوهان الصينية)، التي عرفت بوجود مختبر متقدم لدراسة الفيروسات، يوظف الكثير من العلماء المختصين بدراسة الفيروسات التاجية (Corona Viruses) التي تصيب الوطاويط ومنذ زمن بعيد. اجتاح القلق والخوف ولأيام طوال واحدة من أشهر علماء الفيروسات الباحثات في هذا المختبر وهي العالمة (شي زنكلي- Shi Zhengli)، التي أمضت السنوات الطوال في جمع نماذج من براز الوطاويط من العديد من الكهوف النائية، والتي كانت من أوائل العلماء والخبراء بشأن جائحة سارس (SARS) السابقة. أمضت هذه العالمة الأيام الطوال في قلق شديد تُراجع سجلات مختبرها خوفاً من أن يكون خطأ ما قد حدث فعلاً، مما يمكن أن يكون السبب في الجائحة الجديدة. ولكنها أخيراً تنفست الصعداء عندما تأكد لها أن السلسلة الجينية للفيروسات التاجية الجديدة من نوع (SARS-CoV-2) لا تطابق أياً من نماذج السلاسل الجينية التي سبق دراستها في معهد (ووهان للفيروسات -Wuhan Institute of Virology) من قبل فريقها المتخصص.
ومع كل ذلك شكلت المصادفة الغريبة في وجود المختبر المتقدم لدراسة الفيروسات التاجية الخاصة بالوطاويط في ذات المدينة التي اعتبرت مركز انتشار جائحة فيروس الكورونا، فكرة يصعب إنكارها من قبل مروجي نظرية المؤامرة. أما مصدر الخبر فقد كان مقالاً وثائقياً نشرته صحيفة (إيبوك تايمز Epoch Times) وهي صحيفة تنشر باللغة الإنجليزية مركزها في الولايات المتحدة الأمريكية، ولها علاقة وثيقة برابطة دينية اسمها (Falun Gong) اشتهرت بعدائها للحزب الشيوعي الصيني . أصرت صحيفة (الإيبوك تايمز Epoch Times) على إطلاق تسمية (فيروس الحزب الشيوعي الصيني Chinese Communist Party Virus) على هذا الفيروس التاجي الجديد في كافة تغطياتها الإخبارية. بعد فترة وجيزة وجد هذا الخبر طريقه، وبسهولة إلى أمهات الصف العالمية من أمثال (الواشنطن بوست The Washington Post)، و(مجلة التايمز اللندنية The Times)، والكثير غيرهما.
4 - سبق تشكيل وصنع فيروس كوفيد-19 كأحد الأسلحة البيولوجية الجديدة
من الاحتمالات الغريبة، والمثيرة حقاً للجدل، ولاقت صدى واسعاً وانتشاراً غريباً في مختلف الأوساط كون هذا الفيروس (كوفيد COVID-19) ليس فقط فيروساً (هرب من المختبر)، وإنما هو سلاح بيولوجي ابتكره العلماء الصينيون كسلاح سري يضاف إلى ترسانتها من الأسلحة البيولوجية! ذكرت إحدى مؤسسات الأبحاث أن ثلاثة من كل عشرة أمريكيين يؤمنون جازمين أن هذا الفيروس هو عبارة عن ابتكار صيني تم تخليقه في المختبر، إما عن قصد أو بالصدفة المحضة، وكان حظ الاحتمال الأول أكثر إحصائياً، حيث ذكر 23 % من المشاركين في الاستفتاء أن هذا الفيروس كان قد تم تصنيعه عن قصد وعمد، في حين ذكر 6 % فقط من المشاركين بأنه قد تم التوصل إلى صناعته عن طريق الصدفة! لقد انتشرت نظرية التصنيع الصيني للفيروس بكثافة عالية جداً، وبالأخص في أوساط اليمين السياسي الأمريكي. يعود فضل انتشار هذه النظرية إلى السيناتور الجمهوري (توم كوتون Tom Cotton) من ولاية أركنساس، الذي عمد إلى تضخيم الرواية القائلة بارتباط معهد (ووهان للفيروسات The Wuhan Institute of Virology) ارتباطاً وثيقاً مع برنامج بكين المعروف للأسلحة البيولوجية، والتي سبق نشرها ولأول مرة في صحيفة (الواشنطن إكسامنر The Washington Examiner) وهي صحيفة محافظة معروفة.
لقد كان من السهل جداً دحض هذه النظرية استناداً إلى أدلة علمية لا تقبل الشك بفضل تحليل التسلسل الجيني والتي أثبتت كون السلاسل الجينية للفيروس (سارس-كوفيروس 2 -SARS-CoV-2) هي من أصول طبيعية تعود إلى فيروس حيواني المنشأ يعود أصلاً إلى الوطاويط. تم لاحقاً إضافة الاعتذار القائل بأن هناك احتمالاً أن تكون هذه القصة خاطئة إلى مقدمة أصل المقالة الأولى التي سبق نشرها.
5 - تصدير الجيش الأمريكي لهذا الفيروس إلى الصين كوسيلة لهدم اقتصادها
لقد جابهت الصين، وبسرعة رشقات النظريات المناهضة لها بنظريات مؤامرة من تصميمها هي، والتي قصدت من ورائها درء اللائمة عن نفسها وتوجيهها إلى نحر الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها. أول من صرح بذلك، والمسؤول عن هذه الفكرة كان الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية (زهاو ليجيانZhao Lijian) الذي ذكر في تغريدة له أن هناك احتمالاً كبيراً أن من أوصل هذا الفيروس المتحور إلى مختبرات (ووهان) الصينية هم عملاء الجيش الأمريكي والبنتاجون. ذكر راديو (صوت أمريكا) توضيحاً جديداً بخصوص هذه النظرية، واسعة الانتشار في الصين مفاده أن الصين تدّعي أن بعض المنتمين إلى الجيش الأمريكي هم من قام باستقدام هذا الفيروس إلى الصين أثناء مشاركتهم في الألعاب العسكرية العالمية عام (2019)، والتي أقيمت في مدينة (ووهان) الصينية في تشرين أول (أكتوبر) من ذلك العام. ذكرت صحيفة (الأطلسيThe Atlantic) أن هذه النظرية الصينية ودأبها على محاولة إعادة تسمية فيروس الكوفيد بـ (الفيروس الأمريكي-USA Virus) كانت مكشوفة كمحاولة سياسية للتملص من المسؤولية، وأنها مفيدة كدعاية مناهضة للولايات المتحدة الأمريكية ومساندة للحكومة الصينية، ولكنها لم تنتشر عالمياً ولم تنطل على الكثيرين.
6 - يقع اللوم على المحاصيل الزراعية المعدلة جينياً
لقد كانت المحاصيل الزراعية المعدلة جينياً هدفاً مقصوداً لرواد نظريات المؤامرة لسنوات طويلة خلت. ولهذا لم يكن من المستبعد ولا من المفاجئ أن تكون المحاصيل المعدلة جينياً هي من يقع عليها اللوم في أوائل مراحل انتشار جائحة (الكوفيد- 19). نشر المحامي الإيطالي (فرانسسيسكو بيلوتا-Francesco Billotaa) في شهر آذار (مارس) عام 2019 في صحيفة (المانيفيستو-Il Manifesto) مقالة غريبة ادعى فيها أن المحاصيل المعدلة جينياً هي المسؤولة عن التلوث الوراثي والتي مكنت فيروسات جديدة غريبة من الانتشار وذلك بسبب اختلال التوازن البيئي الذي نتج عن ذلك. لقد حاول المناهضون للتعديلات الجينية المجراة على المحاصيل الزراعية إلقاء اللوم على وسائل الزراعة الحديثة، الأمر الذي أذكى الغرابة والاستهجان لهذا الاحتمال بالنظر للحقيقة المعروفة والقائلة أن الطريق المعروف لوصول الكثير من الفيروسات إلى التجمعات البشرية كفيروس الإيبولا (Ebola Virus)، وفيروس نقص المناعة المكتسب (HIV)، كان من خلال ممارسة بني البشر لصيد واقتناص الحيوانات البرية، والتي هي ممارسة غائرة في القدم، أي عن طريق الحيوان وليس النبات.
ومن السخرية من هذه النظرية أن المحاصيل المعدلة جينياً كانت ولاتزال وستضل جزءاً مهماً من أي مشروع له علاقة باستنباط اللقاحات اللازمة لهذه ولغيرها من الجوائح. ومن المفيد أن نذكر هنا أن مشاريع اللقاحات ضد فيروس الكورونا والتي تفوق الـ (70) مشروعاً اعتمدت على الفيروسات المضعفة والمحورة جينياً، أو باستعمال مضادات الجينات المحورة والمنتجة في خطوط خلايا الحشرات والنباتات المحورة جينياً. إذا كانت الكائنات والمحاصيل الزراعية المحورة جينياً هي المعول عليها لإنقاذ البشرية من لعنة جائحة الكوفيد- 19، فلعل ذلك سيكون عزاؤنا في رفع اللعنة الملحقة بها منذ زمن بعيد.
7 - لا يوجد فعلياً فيروس اسمه كوفيد - 19
هناك متمرسون وممتهنون لنظريات المؤامرة من أمثال (دافيد آيك David Icke) و(أليكس جونز Alex Jones) اللذين أصرا على أن فيروس (كوفيد COVID-19) لا وجود له أصلاً، وهو بالحقيقة فكرة جاءت بها النخبة الساعية إلى السيطرة على العالم والسيطرة على الحريات الشخصية. ظهر النظير الضعيف لهذه النظرية وقام اليمين السياسي الأمريكي بنشره والذي ادعى أن هذا الفيروس الجديد لن يكون أسوء من أشكال فيروس الإنفلونزا العادي البسيط، وهو الذي سيقف مع المناهضين للإغلاق العام للمحلات في أمريكا الذين مازالوا يرفضون إجراءات الحضر والإغلاق وتفادي الاختلاط الجماعي. كان أولئك ولا يزالون أكثر عرضة للإصابة وتفشي الفيروس بينهم، وزيادة الويلات في تجمعاتهم.
8 - الجائحة من صنع، وأحد ألاعيب (الدولة الأمريكية الخفية)
يعتقد البعض أن فكرة وجود الفيروس هي من إنتاج قرائح نخبة من المتميزين الأمريكان العاملين ومنذ زمن على إسقاط الرئيس، وأن (الدكتور أنتوني فاووسي Dr. Antony Fauci) المسؤول الأول عن مكافحة هذا الفيروس هو أحد (الأعضاء السريين) في هذه المنظمة. لقد كان في إنكار (د.فاووسي) بوجود (الدولة الأمريكية الخفية) كافياً لدحض هذه النظرية.
9 - الفيروس من إنتاج كارتل شركات الأدوية العالمية كوسيلة لربح البلايين من الدولارات
يمكن أن يكون الكثيرون من مروجي نظرية المؤامرة هم من المحترفين في محاولات بيع السلع والمنتجات الزائفة. هناك أشخاص وتاريخ طويل لمثل هذه الممارسات من أمثال (أليكس جونز Alex Jones) الذي كان مروجاً خادعاً لبيع حبوب بأسعار عالية جداً ادعى أن بإمكانها شفاء كافة الأمراض. والدكتور (ميركولا Dr. Mercola) وهو مخادع آخر من المناهضين للتطعيم والمحاصيل المعدلة جينياً، والذي منعت نشراته من الظهور على صفحات الشبكة العنكبوتية بالنظر لعدم صحتها، ادعى أن الفيتامينات وبقية المستحضرات الطبية التي ينتجها ويبيعها لها قابلية الشفاء من فيروس (كوفيد COVID-19). هذا وقد نشر موقع (ناتيورال نيوز Natural News)، وهو موقع آخر مروّج لنظريات المؤامرة إعلانات عن مختلف الحبوب، والجرع الدوائية، والمستحضرات التي ادعى قابليتها على الشفاء من هذا الفيروس المستجد. يعتمد هؤلاء في ترويج ادعاءاتهم على دفع الناس للاعتقاد أن نظرية (الطب المستند على الأدلة Evidence Based Medicine ) وهو الطب الممارس في الوقت الحاضر عبارة عن خدعة من قبل شركات الأدوية العالمية لغرض زرع فكرة الأمراض في المجتمعات، ولترويج منتجاتها. تكاد آراء المناهضين لشركات الأدوية تتطابق مع أفكار المناهضين للتطعيم، وعليه ليس من المستبعد أن تتظافر جهود الفئتين ضد فكرة التطعيم ضد الفيروس التاجي المستجد.
10 - تجسيم خطر الفيروس وإعلان نسب وفيات عالية عارية عن الصحة
هناك فكرة تكاد تكون رائجة بين مؤمني نظريات المؤامرة مفادها أن هناك تهويلاً في أعداد الإصابات بالفيروس الجديد حول العالم. وعليه لا داعي لمراعات التباعد الاجتماعي بين أفراد المجتمع، كما لا داعي لمراعاة ضوابط غلق المحلات التجارية، وأماكن التجمع الاجتماعي الأخرى كصالات السينما والمسارح وغيرها. وتعتبر (الدكتورة آنني بوكيك Dr. Annie Bukacek) من الرائدات في هذا المجال حيث حذرت من إمكانية التلاعب بشهادات وفاة القاضين بفيروس الكورونا، وقد حقق إعلانها على (اليوتيوب YouTube) أكثر من ربع مليون مشاهدة. ولإضفاء المصداقية على ادعاءاتها، ظهرت الدكتورة (بوكيك) بصدريتها البيضاء وسماعة الطبيب حول عنقها. ولكن بالبحث الدقيق حول هذه الطبيبة، كما فعلت مجلة (رولنك ستون ماكازين Rolling Stone Magazine) ظهر أنها يمينية متطرفة مناهضة لمختلف ضروب التطعيم وللإجهاض. لم يوجد أي مبرر لادعاءاتها بتضخيم أعداد ووفيات الإصابة بفيروس الكورونا. وقد تكون الأعداد أقل من الواقع بكثير. وهناك الكثير من المصادر الموثوقة علمياً أخذت على عاتقها مهمة متابعة وتسجيل الإصابات والوفيات مثل جامعة جونز هوبكنز الأمريكية وأكسفورد البريطانية.
كيفية اكتشاف وتفنيد نظريات المؤامرة
من الضروري، بل من الواجب التصدي، وعن طريق الشبكة العنكبوتية لكافة أشكال نظريات المؤامرة التي يروّج لها، ودحض ادعاءات مروّجيها سواء بخصوص فيروس كوفيد-19، أو ما يخص التغيرات المناخية، أو غيرها.
لقد كان لمقالات كل من (جون كوك) و(ستيفان ليواندوويسكي) اللذين يتمتعان بخبرات واسعة ساهمت بدحض إنكار التغيرات المناخية التي لا يزال يؤمن بها البعض.
ملاحظة: لم تتم الإشارة إلى أي من المصادر على الشبكة العنكبوتية، أو مواقع التواصل الاجتماعي، والتي ساهمت بشكل كبير في نشر المعلومات الخاطئة والمضللة بشأن نظريات المؤامرة، وذلك لتفادي إذكاء التوجه لها، وإعطائها المزيد من الأهمية الزائفة.
* كاتب المقالة: مارك لايناس (Mark Lynas): كاتب وصحفي وناشط بيئي إنجليزي، مهتم بالتغيرات المناخية، ومراسل نشط لصحيفة (New Statement)، والإيكولوجست (The Ecologist)، ومجلة جيوكرافيكال (Geographical)، والكارديان (Guardian)، والأبزيرفر (Observer) البريطانيتين. ولد في جزيرة فوجي (Fuji) وترعرع في البيرو والمملكة المتحدة. حاز (مارك لايناس) على شهادتي الاختصاص في التاريخ وفي العلوم السياسية من جامعة (أدنبرة) البريطانية. له العديد من الكتب المنشورة مثل (الست درجات Six Degrees)، و(مستقبلنا على كوكب ساخنOur Future on a Hotter Planet). يؤمن: (بأن هناك أملاً في تفادي الخطر الداهم نتيجة لارتفاع درجة حرارة الكوكب تبلغ 50 %).
** المترجم د. إيمان نوري الجنابي: طبيب عراقي اختصاصي أورام، وأستاذ جامعي، وعالم أبحاث ومترجم للعديد من الكتب.