مجلة شهرية - العدد (580)  | يناير 2025 م- رجب 1446 هـ

مشاعر (الثبيتي) المقدسة!

تحدثت وكتبت كثيراً في مناسبات وفعاليات جمّة عن الرمز الشعري الكبير محمد الثبيتي، وذلك من خلال مجالسته وسماعه وقراءاتي لتجربته العميقة والاستثنائية فنياً وإنسانياً.
ولعلي هنا أعرّج -وفي ذكرى رحيله العاشرة- إلى تركة الشاعر الثبيتي الشعرية، التي تعدُّ حصاد سنوات لمكابداته الشعرية، وعذاباته الإنسانية، والتي بدأت تشرق ملامحها ويتشكّل ضوؤها ووضوؤها منذ مطلع الثمانينات الميلادية، وحتى بداية العقد الثاني من الألفية الثانية.
من الناحية الفنية والنقدية كُتبت عن تجربته الخصبة عشرات القراءات، وألفت العديد من الكتب، وأقيمت الكثير من الندوات والمسامرات والمهرجانات التي تحتفي بهذا الشاعر المُلهم.
ولكن قبل عدة أسابيع شاهد ملايين المتابعين فقرة من سهرة على تطبيق الإنستغرام يغني فيها الفنان محمد عبده قصيدة للشاعر الثبيتي، وكانت مبادرة جميلة من وزير الثقافة، وذلك بعد أن شُكّلت لجنة لاختيار نصوص شعرية لشعراء سعوديين -وأعتقد شعراء عرب- لغنائها، وكان من ضمن النصوص نص (بوابة الريح) للثبيتي، بحسب ماسمعت مباشرة من أحد أعضاء هذه اللجنة.
ومن خلال متابعتي لأقنية السوشل ميديا رصدت الكثير من ردات الفعل المتأرجحة بين ضعف اللحن والأداء لقصيدة عالية مثل (بوابة الريح)، وبين التساؤل المشرع والمشروع: هل تم استئذان زوجة وأبناء (سيد البيد) لغناء هذه القصيدة؟!
وبعد التقصي والتواصل الشخصي مع الصديق نزار محمد الثبيتي -ابن الشاعر- أشعرني أنه لم يتم أخذ الإذن من العائلة، ولكن وبعد الضجة التي حدثت في مواقع التواصل الاجتماعي حول حفظ الحقوق الفكرية والمادية لنصوص شعراء لم يفت على موتهم عقد من الزمن، ومازال أبناؤهم أحياء، جعلني أتساءل كمتابع للمشهد الثقافي والفني.. كيف نحفظ لمثل هؤلاء الرموز حقوقهم الفكرية والمادية كتكريم لهم على أقل تقدير بعد أن كرّمهم التراب؟!
الثبيتي كتجربة مهولة يجب أن تحاط بأسوار من الإجلال، وغيره كثير، ولكني هنا أتحدّث عن اسم ووسم، عن تركة مكدسة.. ومشاعر مقدسة، يجب أن تُطرح كمنجز فني ثقافي للأجيال الناشئة والمقبلة، ليكون هذا الصوت كغناء في حلوق الصبايا، وأنشودة لا تموت.. ويكفي.

ذو صلة