بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين، من المتوقع أن ترتفع درجات حرارة سطح البحر في محيطات العالم بمقدار 0.4 - 1.4 درجة مئوية، مما يتسبب بانتشار متزايد وملحوظ للطحالب المجهرية التي تلون سطح الماء باللون الأخضر أو الأزرق أو الأحمر. حالياً تجتاح الطحالب المجهرية قرابة 70 % من بحيرات وأنهار العالم بنسب متفاوتة.
للطحالب المجهرية أهمية كبيرة في استمرارية الحياة على الأرض، فهي مسؤولة عن إنتاج 80 % من الأوكسيجين الذي نتنفسه. وبما أنها أحد أسباب وجودنا على هذه الأرض، فليس من المفاجئ أن تكون الضامن لاحتياجاتنا من الطاقة مستقبلاً.
الطحالب المجهرية عبارة عن نباتات مؤلفة من خلية واحدة تعتمد على الطاقة الشمسية وثاني أوكسيد الكربون لإنتاج وقود حيوي متجدد. يمكن للطحالب المجهرية إنتاج ما يصل إلى 250 ضعف كمية الزيت الذي ينتج من فول الصويا.
استثمارات بملايين الدولارات في عالم الطحالب المجهرية
بسبب اندلاع أزمة النفط في السبعينات، أولت الولايات المتحدة اهتماماً كبيراً للبحث العلمي في مجال (طاقة) الطحالب المجهرية، وبدأت العديد من برامج البحث الوطنية على نطاق واسع. ولكن الاهتمام الأكبر والأهم كان خلال العام 2005 مع بدء ارتفاع أسعار النفط متجاوزة 32 دولاراً للبرميل الواحد، ناهيك عن المخاطر المهولة جراء انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري.
منذ العام 2007، استثمرت وزارة الطاقة ووزارة الدفاع الأمريكية وفقاً للإحصاءات التقريبية مبلغاً يقدر بأكثر من 450 مليون دولار في البحث العلمي في مجال الطاقة البديلة من الطحالب المجهرية، وفي السنوات الأخيرة، قامت حكومة الولايات المتحدة بتقوية نقاط دعمها في مجال الوقود الطحلبي بمليارات الدولارات.
من جهتها، طورت الصين بسرعة عملها في مجال طاقة الطحالب المجهرية حيث قامت وزارة العلوم والتكنولوجيا باستثمارات كبيرة في مشروع إنتاج وقود الديزل الحيوي ذي الكفاءة العالية. وتشمل الأبحاث الصينية أيضاً بعض الخطوات المحورية مثل زراعة الطحالب على نطاق واسع، وتنقية سلالات الطحالب المجهرية الأمثل لإنتاج الزيت.
الطحالب بديل شرس للوقود الأحفوري
في نهاية عام 2014 بلغ إجمالي الاحتياطيات العالمية المؤكدة من النفط الخام أكثر من 1700 مليار برميل، وهو ما يكفي لتلبية نحو 52 سنة من الإنتاج العالمي. هذا يعني أن هناك حاجة لأنواع وقود بديلة، ولهذا السبب كان هناك تطور كبير وتسويق لفكرة الوقود الحيوي في السنوات الأخيرة.
في عام 2008، ثبت أن وقود الديزل الحيوي من الطحالب الدقيقة هو وقود الديزل الحيوي المتجدد الوحيد الذي يتمتع بإمكانات عالية للاستجابة للطلب العالمي على النفط، فبحسب دراسة لوزارة الطاقة الأمريكية تبين أنه إذا تم زراعة طحالب مجهرية في مساحة تحاكي مساحة ولاية تكساس الأمريكية فذلك سيكون كفيلاً بإنتاج وقود يكفي احتياجات العالم أجمع من الطاقة.
حالياً، تُزرع الطحالب الدقيقة في ظل ظروف خاضعة للرقابة بمساحة أكثر من 20 ضعفاً من عدد الهكتارات المستخدمة لزراعة البذور الزيتية مثل فول الصويا والكانولا.
مزايا الوقود الطحلبي
تمتلك الطحالب المجهرية قدرة امتصاص وتثبيت خارقة لثاني أوكسيد الكربون من الجو تصل إلى 40 مرة ضعف قدرة الأشجار، ما يشكل نقطة إضافية لرصيده في خانة الطاقة النظيفة. ويتميز الوقود الحيوي الناتج عن الطحالب المجهرية بتأثيرات بيئية أقل ضرراً مقارنة بالوقود الأحفوري، حيث يعتبر وقود الديزل الحيوي من الطحالب المجهرية مصدراً متجدداً ومستداماً للطاقة ولديه القدرة على أن يكون بديلاً مناسباً للوقود الأحفوري لفعاليته في الحد من انبعاث الغازات السامة في الغلاف الجوي. ويعتبر وقود الديزل الحيوي وقوداً نظيفاً لعدم احتوائه على مركبات عطرية أو كبريتية. كل هذه الخصائص تجعل منه مصدر وقود متجدد ونظيف مقبول على نطاق واسع عالمياً. لن يقتصر دور الطحالب على تنقية الهواء من غاز ثاني أكسيد الكربون، وإنما ستشكل في الوقت نفسه مادة بيئية، يمكن استخدامها في استخراج الوقود الحيوي الذي سيساهم بلا شك في حل مشكلة نقص الوقود الأحفوري من جهة وانبعاثات الغازات الدفيئة الخطرة من جهة أخرى.