مجلة شهرية - العدد (576)  | سبتمبر 2024 م- ربيع الأول 1446 هـ

عرس ابن عرس

أخيراً جاء اليوم الموعود: السابع والثلاثون من شهر خيزران الأول حسب التقويم الغابوي، موعد العرس الأسطوري لابن عرس، إنه العرس الذي كانت تنتظره جميع حيوانات الغابة البنفسجية وبقية الغابات المجاورة. قيل إنه عرس ليس له مثيل ولن ترى الحيوانات والنباتات والبكتيريا مثله في كل المجرات، لأن ابن عرس من عائلة غنية جداً، بل من أغنى أغنياء الغابة. فأبوه هو صاحب أكبر محلات بيع البذور وحبات الموز هناك.
نظم الحفل على مساحة كبيرة في الغابة، صمت رهيب وترقب كبير قبل العاصفة، كراسي الطراز الأول من جلد الإنسان وديكورات لا يمكن السماع عنها الا في قصص كليلة ودمنة أو ألف ليلة وليلة، أضواء في كل مكان استحال بها الليل نهاراً مشرقاً.
كل الطرق تؤدي إلى حفل ابن عرس، بدأت الحيوانات بالحضور تباعاً. كانت الزرافة الأكثر أناقة بينهم، كما تألقت اللبوءة بفستان لا مثيل له. أما الذئاب فكانت مجتمعة في طاولة خاصة للأشخاص المهمين بعيدة ما أمكن عن أسرة السلاحف، فبينهم عداوة كبيرة. وبدت النعامة كبرتقالة عفنة وهي ترتدي لباساً فضفاضاً بلون برتقالي.
لم تكف الغزالة نونو عن الرقص على نغمات أغنية غلطانة لسعد المجرد رغبة في نسيان حبها لنمرور. كانت السناجب ترقص مع طيور النحام على أنغام الركادة بانسجام قل نظيره. ظل الأسد ينظر لرقص الجاموس طويلاً رغم أنه أراد افتراسه أكثر من مرة. أما البومة فقد اكتفت بقراءة كتابها المفضل في طاولة منعزلة تماماً.
عند العرسان يكرم الحيوان أو يهان؛ هو شعار عائلة ابن عرس. بعد الرقص والغناء حان وقت الأكل، والغريب في الأمر أن أسرة ابن عرس خصصت طباخين مهرة لطبخ الطعام لكل حيوان. أعجب الكثيرون بالأكلات التي قدمت، وبخاصة الفيلة، إذ عشقوا أكل البسطيلة بأوراق الشجر، أما التماسيح فقد التهمت طاجين الضفادع التهاماً سريعاً. لوحظ أيضاً أن أرنوبة قد ابتعدت ما أمكن عن طاولة الثعالب، بعد رؤيتها لابن عمها المشوي في صحنهم، ولم تفرح الحمامة لولو أيضاً فقد كانت تأكل الحبوب بسرعة خوفاً من انقضاض النسر عليها في أي لحظة.
مرت ساعتان تقريباً، فبدأ الترفيه بعد الأكل والشرب. كانت البداية بلعبة رمي الموز على إنسان في قفص، ثم اللعب بفاكهة الأفوكا ورميها في الهواء. نالت الألعاب إعجاب أسر الأغنياء كثيراً، عكس أسر الفقراء. أما أنا فلم أحتمل كل ذلك البذخ والتبذير، وانسحبت بسرعة من الحفل، لذلك لن أستطيع إكمال هذه القصة لكم.

ذو صلة