حين قال الشاعر العربي الكبير أبو الطيب المتنبي (303 - 354 هــ)، ساخطاً وساخراً:
أغاية الدين أن تحفوا شواربكم
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم
كنا ننزعج ونمتعض، لأن أمتنا فيها الشيء الجميل والكثير من الخير والتاريخ المشرف المشرق القادم، حتى وصلت إلى هذه الحال للأسف!
ومن الطرائف يقال:
سألوا رجلاً روسيّاً عجوزاً:
لماذا اعتقلتك الحكومة ثلاث مرات؟
قال العجوز: كنت شاباً حين انضممت إلى الحزب، وكنتُ أرافِق مسؤول الحزب وهو يشرح تأريخ الحزب وإنجازاته ومبادئه العظيمة، وعند مرورنا أمام الكرملين قال لي:
إن سور الكرملين عالٍ.
سألته: لماذا هو عالٍ؟
قال لي: كي لا تقفز الحمير من فوقهِ!
قلت له: من الخارج للداخل أم من الداخل للخارج؟
فاعتقلوني ولم يفرجوا عني حتى مات ستالين.
وحين أفرجوا عني فَرِحتُ، ووضعتُ صورة خروتشوف بجانب صورة ستالين، فجاءني مسؤول الحزب وسألني:
هل لا زلتَ تضع صورة هذا الحمار؟
سألته: أي منهما؟
فأعادوني إلى السجن، ولم يفرجوا عني حتى مات خروتشوف.
وفي المرة الأخيرة كنتُ أحتفل بعيد ميلاد أحد أحفادي،
فاتصل بي مسؤول الحزب وقال لي:
لماذا لم تأتِ إلى اجتماع الحزب الأخير؟
قلت له: لو علمتُ أنه الأخير، لكنت جئت مع كل عائلتي واحتفلنا. فاعتقلوني للمرة الثالثة!
ويقال إن هناك مسؤولاً عربياً تدرج في أحد الأحزاب العربية حتى وصل منصباً مرموقاً من الدرجة الحزبية، فقال له مرؤوسوه يا أستاذ والدك العجوز يختلط مع الناس البسطاء والمسحوقين جداً ويحكي كثيراً، وأنت مسؤول أمني رفيع، فاعزله عنهم، فقال والدي اجتماعي ويحب العمل دائماً ولا يستطيع الجلوس بالمنزل، فقالوا له سوف نجد له وظيفة تلائمه، فقال لهم هو أمي لا يقرأ ولا يكتب، فأجابوه وظيفته لا تحتاج منه جهداً كثيراً ولا قراءة وكتابة، فقط يجلس بالمقهى يتابع الناس ويراقبهم، ويأكل ويشرب على حسابنا مع المكافأة الشهرية التي يتقاضاها نظير ذلك، وإذا تطاول أحد على النظام القائم يخبرنا عنه بالحال، ونحن نتصرف.
وحين جلس الرجل المسن والد المسؤول، رأى شخصاً يقرأ صحيفة يومية بيده ويردد، لعن الله هذه الحكومة العفنة (الخائبة)! فانتبه له وشنف أذنيه وكل حواسه، فتأكد من شكله وسكنه بعد متابعته، وأخبر الجهات المعنية بالأمر واعتقلوه بالحال.
وحين مضت عليه فترة بالمعتقل، تغير مسؤول السجن، وتفقد ملفات المعتقلين لديه، سأل الشخص المعني لماذا أنت معتقل كل هذه الفترة، قال له لا أعلم بتهمتي، فقال كيف لا تعلم وأنت خطير على الوطن وخائن وعميل ومتخاذل وشتمت النظام القائم علناً، فتذكر الواقعة بالمقهى، فأجاب نعم يا سيدي، ولكن فهمتموني غلط، والصحيفة التي تثبت كلامي هذا موجودة، فأحضروا الصحيفة المؤرخة بتاريخ اعتقاله في ذلك اليوم، وقال أنا شتمت تلك الحكومة التي لم تتضامن مع بلدي في محنته.
وهذا (المانشيت) الذي دعاني أشتم تلك البلاد التي وقفت ضد بلدي!
فقال السجان أحضروا لي المخبر الذي ظلم هذا المواطن الصالح وأعطى صورة مغايرة ومعلومة مضللة ومغلوطة وأشغل السلطات، ولما أحضروه وسألوه، هذا لا يقصد حكومتنا بأنها (خائبة) بل تلك الدولة المعادية لنا، فقال لهم: أنا لا أعلم بأن هناك حكومة (خائبة) غير حكومتنا؟!
نسوق هذا الكلام المضحك المبكي، للأسف لبعض الدول العربية، التي كانت تنظر للحرية وللديموقراطية والعدالة والمساواة والعدالة الاجتماعية، وأصبحت الآن قرى خربة ومناحة شؤم، ومنابع للإرهاب ومصدراً للاقتتال والتفرقة والعنصرية، وتفتك بها الطائفية والمذهبية والقتل على الهوية.