حدث مهم طارت به الأخبار والإعلام والأسفار، لاح في الأفق، كان يبشرنا عما قريب بالكشف المفيد الجديد مما توصل إليه العلم، ذلك بأن تلسكوب جمس ويب يبعث لنا أعمق وأقدم وأبعد صورة لعمر الكون، فجر الكون وولادته من بعد نظرية الانفجار العظيم، وتم الحدث على مباركة رئيس أمريكا كدليل على أهميته. بحثت في الطول والعرض في منصات التواصل العربية عما يواكب الخبر محور الاهتمام، وهيهات هيهات، هم في واد والعالم بواد آخر.
مهما بعدت عن جلد الذات مكرهاً سخرت من الواقع في بعض النكات، واستغليتها كمدخل كوميدي ساخر على واقع الحال وما يجري، عاتبت واحداً من أفراد قبيلتي، كونه مشغولاً في التيك توك بالسهم الملتهب وخلطناهم والتاريخ الرياضي، استعلمت لماذا أنت غائب كغيرك عن حدث الموسم؟ ثمرة مرصد جمس ويب الأولى. ماذا!! جمس بوند؟! قلت حقاً ما يحدث من غفلة الشباب العربي أمثالك. وغياب الهشتاقات المواكبة مؤشر تخلف في الثقافة العلمية، تابع حسابي ستعرف ما أحكي عنه، ثم بعد وقت قصير فتح الرابط وقال، هل أكتب محمد دوت كوم؟ ماكان مني ألا أن ارتطمت رأسي بالطاولة مردداً ياااااا جنون البقر!!. فعقب قائلاً ماذا دهاك يابن جدي؟! ياميس التاسع عشر. أجبت: على فكرة هذا الجد خاصمته، فرد: لماذا؟ قلت: لأنه جمعني بك، وبعض من لا أرغب بهم. ثم تابعنا الحدث الجلي في يوتيوب مباشر ورأيت قليلاً من تعاليق العرب، منهم من كان غضبان أسفا لأنهم لم يصوروا الكائنات الفضائية، وآخر مثقف ظريف خابت آماله لأنهم لم يجدوا أمثاله، وتوأم روحه في العالم الموازي! -كما يزعم- فيما محدثكم دقق في الصورة حديث العالم، تمعن مجرتها العتيقة والحديثة طالع نجمها اللامع والخافت، وتأمل كوكبها السيار ثم فكر غير محتار لو طبعت هذه الصورة على
سراميك كي أفرش به أرضية المطبخ!!. ما هذا الاستهتار بالشأن العلمي هل لأن الغرب بات صاحب السبق في هذه الإنجازات فأصبحت عند منصات الشعب العربي نجسة؟! إذ يجب أن نبحث عن بديل لها!. مصيبة حينما تختار التغذية العامة لدى جمهور الدهماء الزحف الصحراوي على واحات العلم والمعرفة بمحض الإرادة، لكن في خضم الحدث، ظهر أخيراً معلق عربي مختص بالفضاء يؤكد أن لا نلعن الظلام بل نوقد شمعة وأن لنا تاريخاً من الأمجاد ينتظر منا تجديده، ثم تعمق بنا في موضوع الكشف وأفهمنا بأن ما نراه من نجوم سداسية الشكل هو خدعة مرآة التلسكوب كما ترى صورتك في مرآة سداسية الشكل كيف ستبدو؟ إنها أطياف تتم معالجتها حسب أسس علمية، وإن الألوان الزرقاء تخبرنا بأن هذه النجوم قريبة أو حديثة الولادة وأن الألوان البرتقالية والحمراء التي شاهدناها على المجرات تخبرنا بأنها قديمة أو سحيقة البعد. ولا أعرف متى نتيقن بأهمية الرصد العلمي وأن الفرق عظيم بين تلسكوب جمس ويب وبين السراميك.