يعد الأطفال الثروة البشرية لأي أمة، حيث يتوقف تقدم الأمم على اهتمامها بأطفالها وإعدادهم بدنياً وعقلياً ونفسياً واجتماعياً ومعرفياً وتربوياً، فأطفال اليوم هم شباب الغد وقادة المستقبل، ومما لا شك فيه أن الطفل العربي، حياته وثقافته، يشغل كل مهتم بمستقبل هذه الأمة حيث يعد الاهتمام بالطفولة في الوقت الحاضر مؤشراً مهماً لتقدم الشعوب والأمم، لذا نال مجال الطفولة في معظم دول العالم وبخاصة المتقدمة اهتماماً غير مسبوق، لأن تنمية الطفولة هي الركيزة الأساسية لمستقبل الشعوب العربية في بداية الألفية الثالثة.
ولقد أصبح انكماش العالم ممكناً بسبب الثورة العلمية والتكنولوجية الراهنة، والتي هي القوة المولدة للعالم الواحد الذي يتسم بأنه عالم بلا حدود اقتصادية أو ثقافية. وفي ظل الثورة المعلوماتية، وفي ظل التطور الهائل الذي يطالعنا مع إشراقه كل صباح في المجالات المختلفة عامة، والمجال الإعلامي خاصة، وفي ظل التقدم الذي لحق بالكمبيوتر والأقمار الصناعية، وفي ظل ظهور شبكة الإنترنت، كان لابد أن ننظر إلى أطفالنا نظرة تأمل فاحصة، لذا فإننا بحاجة لزرع رقابة داخلية في نفوس أطفالنا حتى نصل إلى مرحلة تجعلهم هم من يقررون ماذا يرون؟ ومتى وكيف؟ ومع من يرونه؟ ومتى يتوقفون عن المشاهدة أو يرفضونها؟ وذلك من أجل حماية أبنائنا في ظل الانفتاح العالمي.
والناظر إلى الإعلام العربي ونصيب الطفل منه يجده من الضآلة بحيث لا يكاد يُذكر، فقد تُرك الطفل العربي، فريسة للإعلام الغربي وبرامجه، خصوصاً بعد هذا التقدم الهائل في الوسائل والتقنية الإعلامية، ولو أخذنا التلفاز، كإحدى الوسائل التي تجذب إليها أكبر نسبة من الأطفال، وقمنا بتحليل برامج الأطفال فيها، لوجدنا الآتي: عدم جدوى معظم برامج الأطفال، والتي يتم عرضها، وبخاصة التي يتم إنتاجها في الدول العربية والإسلامية، حيث يخلو معظمها من المواد الهادفة، التي تساعد على النشأة القويمة للطفل العربي، وإن عُرضت برامج ذات جدوى، تعرض في أوقات لا تتناسب مع الأطفال.
كذلك قل أن تجد برامج تُعَلِّم الأطفال أمور دينهم، ولكن تركز الأغلبية منها على تعليمهم الرقص والغناء، وما لا فائدة فيه، زيادة على ما يتعلمونه من الكذب والمكر حيث نجد أن البرامج التي يتم استيرادها -والخاصة بالأطفال- تُعرض لهم دون تنقية.
إن ما يقدم للطفل العربي من مثيرات ثقافية لا يمكنه بحال من الأحوال أن يعبر عن طموح ثقافي حقيقي للنهوض بالطفل العربي ثقافياً وروحياً، كما أن أغلب ما يقدم للطفل في المستوى الإعلامي ينتمي إلى فئة الثقافة الرخيصة والهابطة والتي تستهدف عقل الطفل ووجدانه، إنها تراجمات وافدة لثقافة غربية تفيض بقيم غربية تقع خارج السياق القيمي للثقافة والإنسان في المجتمع العربي وبعضها إن لم يكن أكثرها يفيض بثقافة موجهة مضادة ومعادية للثقافة العربية بما تنطوي عليه من قيم سامية خلاقة تتميز بالرفعة والسمو والأصالة.
ولا شك أن لوسائل الإعلام دوراً مؤثراً وكبيراً على الطفل، واكتسابه للثقافة، حيث يعد التلفاز أكثر الوسائل الإعلامية تأثيراً على الطفل لأنه يجمع بين مزايا عديدة تجذبه، إذ إنه يجمع بين حاستي البصر والسمع، ويجمع بين الصورة والصوت والحركة واللون. وتستطيع وسائل الإعلام أن تنمي قدرة الطفل على خلق آراء حول موضوعات معينة بشكل جزئي وحسب سنه ولكنها تتغير فيما بعد، وبالتالي فعلى وسائل الإعلام القيام بما يلي:
- العمل على تنمية الوعي الإسلامي لدى أطفالنا، وغرس المبادئ الإسلامية في نفوسهم، وتلقيهم قيم الحضارة الإسلامية والحب والولاء للأمتين العربية والإسلامية.
- التخلي عن الطرق التقليدية في تثقيف أطفالنا والاستفادة من التراث الضخم الذي خلفه السلف الصالح وتاريخ الخلفاء وإنتاج الأدباء والعلماء المسلمين في عملية الصياغة الثقافية والتربوية.
- تعزيز الثقافة الدينية السلوكية في برامج الأطفال كربط الدين بالحياة والأخلاق، وفتح مجال الحوار مع الطفل حول الأسئلة المتعلقة بالدين وتقديم الإجابات الصحيحة التي تناسب عمره وقدراته العقلية.