تتسم اللهجة الشفاهية المحلية في منطقة عسير بسماتٍ خاصة، سواء أكان ذلك على مستوى طريقة نطْق بعض الألفاظ، ، أم من خلال استخدام بعض الألفاظ في معان غير معجمية، فضلاً عن أنه بقيت على ألسنة أهل عسير بعض آثار اللغة الحِمْيرية، التي ظهرت في بعض قصائد شعراء عسير ظهوراً واضحاً، مما يجعل الشعر في عسير ذا سمات لفظية مستمدة من اللغة الشفاهية.
وقد تنبه الدكتور ربيع عبدالعزيز إلى هذه القضية اللغوية الظاهرة عند شعراء عسير، وكان له حولها رأي يؤكد على أهمية وضوح معاني الألفاظ المحلية، ويأخذ على الشعراء عدم وضوح بعضها، محتجاً بأن ينظم قصيدته للمتلقي العربي في كل مكان، ولا ينظمها لأهله وعشيرته وحسب. يقول: (ومهما يكن من أمر فالعسيري ينظم قصائده لا لعشيرته فحسب، بل لجمهور القراء في العالم العربي، وما يكون مألوفاً من الألفاظ التراثية عند، أو معروفاً لدى عشيرته، قد يكون مهجوراً عند قطاعٍ كبير من قراء الشعر العربي. وإذا كان من واجب أن يحيى المهجورَ من ألفاظِ اللغة، فإن ذلك مشروطٌ بقدرته على زرع الكلمة المهجورة في بيئة لغوية تُذهب غرابتها، وإلا فإن عواقب وخيمة سوف تترتب على استخدام مثل تلك الألفاظ، على رأسها صد المتلقي عن قراءة الشعر، وإتلاف لذة القراءة حين يبحث القارئ عن عونٍ دلالي في معاجم اللغة)، وربما غاب عن الدكتور ربيع أن نفراً من شعراء عسير يوردون هذه الألفاظ عمداً، ذلك أن فيهم من يرى أن لهجة أهله وأجداده فصيحةٌ كلها، وأن الاستقراء اللغوي الناقص عند جامعي اللغة، وواضعي المعاجم العربية، قد غيب قدْراً من ألفاظ هذه اللغة، وعن هذه القضية يقول إبراهيم طالع الألمعي: (فالشعر العربي العظيم جداً، يمثل لهجة سائدة من لغات العرب، ولا يمثل شعر من لم يرو شعرهم هنا، ولا لهجة من لم تُرو لهجته).
وعليه، فمن السائغ أنْ نقول إن ورود بعض الألفاظ المحلية الشفاهية في الشعر العسيري الحديث والمعاصر، لم يكن عفوياً، وإنما كان إحضاراً مقصوداً، يهدف إلى التأكيد على فصاحتها التي يؤمن بها هؤلاء الشعراء.
وإذا كنا نؤكد، من خلال آراء شعراء عسير أنفسهم، على قصدية إيراد الألفاظ المحلية، وأنهم ينطلقون في ذلك من إيمانهم بفصاحتها، فإن من الأمانة الإشارة إلى أن هذه الظاهرة اللغوية، ليست محصورة في شعراء عسير، وإنما هي إحدى خصائص القصيدة الحديثة، وقد وُجدت عند بعض الشعراء السعوديين المجددين بأشكالٍ مختلفة.
والناظر في الألفاظ المحلية الواردة عند شعراء عسير، يلحظ أنها تتوزع على أنواع منها: ألفاظ باقية من اللغة الحميرية، وألفاظ المصطلحات المحلية ومسميات الأشياء وأوصافها، واتباع الطريقة المحلية في نطق بعض الألفاظ، وإيراد الألفاظ الفصيحة المندثرة التي بقيت عند أهل عسير، وستكون دراسة الشواهد الشعرية مبنية على هذا التقسيم.
أما الألفاظ الباقية من اللغة الحِمْيرية، فإن أكثر شواهدها وضوحاً هي تلك التي تُستخدم فيها: (ام)، عوضاً عن (ال) التعريف، أو (ال) العهدية، وتُوصَف اللغة الحِميرية القديمة بأنها لغةٌ طُمطمانية، أي أعجمية غير مبينة، وتُضاف إلى أهلها فيُقال: طُمطمانية حِمْيَر، ولم يبق من آثار اللغة الحِميَرية، عند أهالي منطقة عسير، سوى إبدال اللام في: (ال) التعريف ميماً، فيقولون: اموادي، أي: الوادي، وامشمس، أي: الشمس، وهكذا، وهي ما تزال مستخدمة في أكثر جهات منطقة عسير، وبخاصة عند أبناء عسير القبيلة، سواء أكانوا يقطنون أعالي جبال السروات، أم الجهات التهامية، كما توجد عند بعض أبناء القبائل القريبة من بلاد عسير، والمتاخمة لها.
وقد وُجدت هذه اللغة عند نفرٍ من شعراء عسير، يستوي في ذلك المقلدون والمجددون، ويأتي إبراهيم طالع الألمعي، على رأس هؤلاء، ذلك أنه لم يكتف باستخدام (ام) عوضاً عن (ال)، في ألفاظ بعض قصائده، وإنما استخدمها في عنوان أحد دواوينه، وهو ديوان: (سهيل اميماني)، مما يشي بإصراره على نشرها، وحرصه على إثارة أسئلة المتلقين حولها، حتى إن ناشر الديوان اضطر إلى تعريف القراء بلغة العنوان، فجاء في المقدمة التي كتبَها الناشر: .. ونحن سعداء بتقديم هذه المجموعة الشعرية للأستاذ: إبراهيم طالع، وهو الضليع في اللغة العربية، والذي أصر على تعريف سهيل بلهجة أجداده من حِمْير. ومن نماذج إيراده: (ام) في أثناء الأبيات الشعرية قوله:
وَلا خَيْلَ عِندي وَلا طَولَ مَالٍ فأُهديهِ لكْ
وَلا أَنا -في الشعر- بالفارِسِ الفَذ كي أنْحَلَكْ
فَخُذْ يا (سهيل امْيَمَانيْ) منَ الشعر ما لَذ لَكْ
وفي قصيدة عنوانها: (مِسْرِيَة)، لم يجد أبلغ من لفظة: (امصبايا)، في التعبير عن المعنى الدقيق لمراده، ذلك أنها تتردد على ألسنة سكان عسير، في السياقات اللغوية التي تصور الحب والغزل وحب النساء حباً مطلقاً، فلا تكون لفظة: (الصبايا)، موازية لها في أداء هذا المعنى. يقول:
عاَشَ ذيبانُ قروناً يتهجى أبجدياتِ الظماَ وامْصَبَاياَ
يَعْتَلِفْنَ الْغَبن مِنْ شَط الرزَاياَ
ويتماهى معه أحمد عسيري، في قصيدةٍ إخوانية يمدحه بها، فيعنْونها بـ(سهيل امتهامي). يقول:
عَفْوَ القَوافي إذَا أسْرَجْتُها ركَضَتْ
هَبْنيْ -فَدَيْتُك- شِعْرَاً مِنْ ثَرَى وطَنِي إلى (سُهيل اميَمَاني) عَدْوُهَا خَبَبُ
فَأَنْتَ في شِعْرِنَا عَم لَنَا وأبُ
وليس مثل هذا الاستخدام محصوراً في المجددين، لأن الوعي باختلاف إيحاءات الألفاظ المحلية، عن نظيراتها، راسخٌ في أكثر من جيل، ولذا فإن أحمد مطاعن، يستخدم لفظة: (امصبايا)، كما استخدمها إبراهيم بن طالع، حين يقول:
وبوداي (رُجال) و(المَيلِ) طُفْنَا
ولَعِبْنَا مع امصَبَايا امكعابهْ
وهو يفضل -حين يستحضر الماضي- أن يورد بعض الألفاظ كما كان ينطقها آباؤه وأجداده، ولذا جاءت عنده لفظة: (املوية)، مُعرفةً بـ(ام)، وهو مصطلح يُطلق على أغصان من الشيح وبعض النباتات العطرية التي كان الرجال، في عسير، يضعونها على رؤوسهم بغرض الزينة. يقول:
عن جُهوفي وعن عِقاصي وطِيْبيْ
وعن الشيحِ مِشْقَري وامْلويه
وترد عند شعراء عسير، ألفاظ المصطلحات المحلية وأسماء الأشياء وأوصافها، ومن المهم فنياً -هنا- ألا يكون إيراد هذه المصطلحات مجرداً من روح وتفاعله مع ما تدل عليه، وأن تكون جزءاً من أجواء النص العامة، وألا يكون إيرادها إحضاراً مجرداً، هدفه الإحضار نفسه، لأنها -على هذه الصفة- تتحول إلى تسجيلٍ توثيقي لعناصر من أدوات الحياة، فتبقى دون إيحاءات، وتستمر في معانيها المألوفة، بمعنى أنها تبقى شيئاً كالأشياء كلها، إذا لم تنحرف دلالاتها إلى دلالةٍ تتجاوز الواقعَ الحسي، بتفاعل معها، ووضعها في سياقٍ يأخذها إلى ما هو أبعد من تسجيل الواقع المعاش.
ويأتي علي آل عمر عسيري في مقدمة الشعراء الذين ضمنوا قصائدهم ألفاظ أسماء أدوات الزراعة والرعي المحلية، وبخاصة حين يحن إلى الزمن الماضي، أو يستعيد شيئاً من تعب الطفولة، لتصور قصائده في هذه الموضوعات حياة الريف العسيري كما هي بجمالياتها ومشاقها، ومن ذلك استخدامه: (محراث الوتى)، وهو مصطلحٌ يُطلقه القرويون في منطقة عسير على الرأس الحديدية للمحراث المصنوع محلياً، ويُستخدم عند الحرث بالأبقار. يقول:
كُل شيءٍ..
يَعْشَقُ الفَجْرَ هُنا..
وَمِنَ الفَجْرِ أتى
الصخورُ السمْرُ..
والأمطارُ والحُزنُ..
و(مِحْرَاثُ الوَتَى)
وأنَاشِيْدُ رُعاةِ المَاعِزِ الغُر..
ومَوالُ الفَتَى
ويصف الخبزة بأنها حالية، وهو وصف للخبز حين لا تكون عجينته قد خُمرت، لأنه يُخبز على عجل في حالات الجوع، ف»الخبزة الحاليَة»، تركيب لغوي محلي ذو دلالة دقيقة على نوع الخبز، والحال التي يؤكل فيها. يقول:
وأصبْتُ القليلَ القليلَ مِن الحظ والخُبزةِ الحالية
وترد الألفاظ المحلية المتعلقة بحياة الفلاحة، وأدوات المعيشة، عند أحمد عسيري، سواء أكان ذلك حنيناً إلى ذكريات ذلك الزمن، أم استحضاراً لما كان فيه من المشاق، وهو ما كان عنده في قصيدةٍ عنوانها: (صَبْر العسيري)، ومن هذه الألفاظ الفِلاحية المحلية: (عِجال السوْق، وعيدان الغروب)، و(الطرْش). و(العِجال): جمع عجلَة، وهي التي تُوضَع في أعلى البئر لتدور حولها الحبال التي يُستقى بها الماء، و(السوق)، بفتح السين، هو فعل استخراج الماء من البئر إذا كان القَصد منه إسقاء المزروعات، و(الغُرُوب)، جمع: (غَرْب)، وهو حاوية ماء كبيرة تُصنع من الجِلد، يَجتمع فيها الماء الذي يُسكب في مجاري الماء الموصلة إلى الزرع، وله عيدان تحفظ له انفراجه ليستوعب الماء، أما (الطرْش)، فهو مصطلحٌ يُطلق على الغنم التي ذهبت بعيداً للرعي، وقد يكون ذهابها إلى مناطق بعيدة، ويسمونها: (طرش، أو طارشة). يقول أحمد عسيري، جاعلاً هذه الألفاظ مدار اهتمام بطل قصيدته السردية: (صَبْر العسيري):
وحُلُولِ القَيْظِ والريْحِ الهَبُوبْ
وجِهَازِ الحَرْثِ و(الطرْشِ) الحَلوبْ
وعِجالِ السوْق.. عِيدانِ الغُرُوبْ
وَجَرَادُ الصيفِ يَغْزُو كُل دِيْرَهْ
وفي حقلٍ دلالي آخر، من الألفاظ المحلية، تبرز أسماءُ الملابس وأوصافها كما كان يسميها أهل عسير أو يصفونها، لكنها -وبخاصةٍ في الغزل- لا تأتي خاليةً من الإيحاءات والظلال، وهي إيحاءات محلية خالصة، ومن ذلك ذكرُ (المنديل الأصفر) دون غيره من المناديل ذات الألوان الأخرى، وذلك لأنه كان غطاء الرأس الخاص بالصبايا اللاتي لما يتَزوجْن، فإذا تزوجت المرأة تركته وغطت رأسَها بغطاءٍ أسود، أو جعلت على المنديل الأصفر نفسه غطاء ذا لون آخر، ولهذا كان المنديل الأصفر موحياً بالشباب، والجمال، والحب، وانتظار زوج المستقبل، والابتهاج بالأيام القادمة، وقد ورد ذكره عند أكثر من شاعرٍ من شعراء عسير، ومن ذلك قول محمد زايد الألمعي:
كلامُ حبيبتي سُكرْ
وفي منديلِها الأصفرْ
وعيناها عسيريهْ
نَمَا قَمرٌ وجُوريهْ
ويرد ذكر (المنديل الأصفر)، عند إبراهيم طالع الألمعي، فيربطه بالوفاء، حتى إنه يتساقط منه. يقول:
وأنْبَت فيكِ نشيدَ الحياةِ
فأمرعتِ أنتِ وذابَ الغناءْ
فهُزي إليكِ...
بجذْعِ الوفاءِ
يُساقِطْهُ مِنديلُكِ الأصْفرُ
وترد عند ة فاطمة القرني لفظة: (الكُرْتَة)، وهي هيئة معينةٌ لنوعٍ من الملابس النسائية، وتأتي ثياب (الكُرْتَة) عند نساء عسير، في المرتبة الثانية، من حيث الشيوع، بعد الثوب العسيري المطرز:
حُبي وأنتَ عَرَفْتَني
حَلْوَى الخُدُودِ
.. و(كُرْتَةً) صفراءَ يَومَ العِيْدِ..
أسْحَبُهَا.. أمِيْرَهْ!!
ولا يقف ظهور آثار اللهجة المحلية الشفاهية عند آثار اللغة الحِمْيَرية، وأسماء الأشياء، وبعض العامية العامة، وإنما يتجاوزها إلى اتباع الطريقة المحلية في نطق بعض الألفاظ، سواء أكانت ناجمة عن إبدال بعض الحروف بحروف قريبة منها في المخارج، أم عن القلب المكاني، أم عن تسهيل الهمز، ومن ذلك إبدال السين بالصاد، كما هو الحال عند إبراهيم طالع الألمعي، حين استخدم لفظة: (الأصاطير)، عوضاً عن: (الأساطير)، في قوله:
مَوْطِنَ الشعر والأَصَاطِيْرِ غَردْ
ما انْتَشَى في جِبَالِكَ الخُضْرِ مُنْشِدْ
وهو لا يستبدل السين بالصاد جهلاً، وإنما يبني ذلك على رأيٍ يؤمنُ به، ثم يطبقه، منطلقاً من كون: (الرسو) في اللغة شائعٌ عند أهل عسير، وعنه يقول في كتابه: (الشعر الشعبي نبضُ حياة: محمد بن مانع الهازمي أنموذجاً)، في في أثناء كلامه عن بعض المظاهر اللغوية في منطقة عسير: (الرسو: إبدال الصاد من السين والزاي والعكس نحو: مسطرة: مصطرة- سلطان: صلطان أسطورة أصطورة.. وذلك معروف في القراءات لدى أهل اللغة نحو: (ن، والقلم وما يسطرون (يصطرون)، (لست عليهم بمصيطر).. وليس ذلك في كل الأحوال بل يحكمه علاقة حرف السين الصوتية بما قبله أو بعده).
ويميل بعض أهالي عسير إلى تسهيل الهمز في بعض السياقات الصوتية، فيقولون: (وني) عوضاً عن: (أني)، وهو ما مال إليه مريع بن علي سوادي في إحدى قصائده، مضيفاً إليه استخدام لفظة: (ابر)، عوضاً عن (ابن)، وهو الشائع في اللهجة العسيرية في أكثر الجهات، ولفظة: (لا يُوني)، بمعنى لا يتوقف، وهي شائعة بهذا المعنى، إذ يقولون: فلانٌ ما ونى، أي لم يتوقف عن فعلٍ ما، أو لم يكل أو يتعب، أو: ما ونيت، أي لم أتَوقف أو أتعب. يقول:
حينَ أشْتَاقُ، وأضْواءٌ لنَا في الدارِ..
لا زَالتْ تُغَني:
(ليتَ وَني وابرِ عَشْقَةْ لا يُوَني)
يَنْثُرُ الحِناء في لحْني وغُصْني
كما وردت عند شعراء عسير، ألفاظٌ ذات دلالات محليةٍ خالصة، ومن ذلك أن أهل عسير يستخدمون مفردة: (ياسين)، للتحسر، فيقول أحدهم للآخر عند اللوم أو العتاب: (ياسين عليك)، بمعنى: واحسرتاه عليك، أو يقول أحدهم: (ياسين على ذاك الزمان)، وهو يريد التحسر على زمنٍ مضى، وقد وردت هذه اللفظة، بهذا المعنى، عند محمد زايد الألمعي، في ختام قصيدة تحمل الكثير من معاني العتاب، حيث يقول:
فـ(ياسين)
(ياسين)
كيفَ نَسِيْنَا،
وقَدْ أدْرَكَتْنَا القصَائِدُ،
أنْ نُدْرِكَ الزمن المُهْدَرا
ويستخدم إبراهيم طالع الألمعي لفظة: (يَغْنى)، بمعنى: (يكون)، أو (يعيش). جاء في (القاموس المحيط): (غَنِيَتْ دارُنا تِهامَةَ،:كانت)، والعسيريون يستخدمون في أحاديثهم الشفاهية الفعل: (غَني)، في معنى (عاش) أو (كان)، فيقول أحدهم: غَنِيْنَا نزرع الأرض، أي عشنا نزرعها، أو كنا نزرعها. يقول إبراهيم طالع من قصيدةٍ في رثاء أمه:
وَسدْتُ ماَ بَيْنَ الْجَناَدِلِ خَدهاَ
وَكَأَنهُ لَمْ يَغْنَ أَمْسِ مُنَعماَ
وبعد، فإن الناظر في المعجم الشعري عند شعراء عسير، يلحظ أن استخدام الألفاظ المحلية بجميع أنواعها، سواءً أكانت فصيحةً في أصلها، أم عاميةً صرفة، يكاد يكون محصوراً في عددٍ محدودٍ من الشعراء لا يتجاوز العشرة، وأن جل هؤلاء هم من ساكني مدينة أبها والأرياف القريبة منها، بينما لا نجد هذه الألفاظ عند الشعراء الذين ينتمون إلى مدنٍ أو أرياف بعيدةٍ نسبياً عن مدينة أبها، ولعل ذلك عائدٌ إلى كون شعراء الحاضرة الكبرى في المنطقة، أكثر اطلاعاً على التجارب الجديدة في العالم العربي، وعلى النظريات التي ترى أن لغة الشعر يجب أن تكون لغة الناس، فضلاً عن أنهم أقرب إلى بعضهم، وأكثر تواصلاً، مما يجعلهم يديرون حوارات مرتبةً أو عفوية، حول لغتهم الشعرية، وفصاحتها، ومدى ارتباطها بالمكان، وتعبيرها عنه، فيتأثر بعضهم ببعض، ويحاولون إيجاد سمات لغوية متشابهة تميز شعرهم عن غيره.