في أواخر الستينات ومطلع السبعينات نشأت الحاجة إلى ناد أدبي في نفوس بعض شباب أبها ذلك الحين، وعلى رأسهم الأديب علي محمد علوان، فاتخذوا من دار السيد والوجيه محمد حيدر ما يمكن اعتباره نواة للنادي الأدبي، حيث كانوا يقيمون بعض المحاضرات والمسامرات والأنشطة الثقافية البسيطة.
ثم توسعت أنشطة النادي وأصبحت شاملة للرياضة، ورُشح الأديب يحيى المعلمي لرئاسته، والذي كان له دور كبير في انتساب كبار الموظفين في المدينة كأعضاء فخريين وإداريين.
وبعد انتقال الملازم يحيى المعلمي للعمل خارج عسير وليت الرئاسة للأديب أحمد بن إبراهيم النعمي، واستمر النادي على هذا الأساس في مزاولة أنشطته بطريقة ذاتية وبإدارة أفراد لهم طموحاتهم وقدراتهم الثقافية والأدبية.
هذه النوادي انضوت تحت إشراف الرئاسة العامة لرعاية الشباب، فأصبح اسم النادي (الوديعة)، ليتحول إلى ممارسة الرياضة مع شيء من الثقافة.
وبدعم كامل كان أقرب إلى الإيعاز من لدن سمو أمير المنطقة حينها الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز، اجتمع المثقفون لمناقشة فكرة طموحة: تأسيس ناد أدبي مستقل بالثقافة عن الرياضة.
وكان المجتمعون يمثلون شرائح مختلفة بين قاض وموظف إداري وشاعر، ومنهم: عبدالله بن علي بن حميد، وهاشم النعمي، ومحمد إبراهيم النعمي، وعباس السحلي، ومهدي الراقدي، وأحمد عسيري، وعلي القرني، وحسين الأشول، وعبدالمعطي عسيري، وبمساعدة مكتب رعاية الشباب في أبها، تقدموا بطلب إنشاء ناد أدبي في أبها وتمت الموافقة عليه وذلك سنة 1398 هـ/ 1978 م.
ومن تلك المجموعة تشكل أول مجلس إدارة للنادي برئاسة عبدالله بن حميد، حتى توفي 1399 هـ/ 1979 م، ليتم اختيار ابنه الأديب محمد ليحل خلفاً لوالده، الذي رحل العام المنصرم 1439 هـ/ 2018 م. يرحمهما الله.
وفي تلك الحقبة، كان نادي أبها الأدبي مؤسسة لامعة في المنطقة بلغت سمعتها أقطاراً عربية شتى.
فقد انطلق العمل فيه من دعوة رجالات الفكر والتعليم والمهتمين بالحركة الثقافية والأدبية في المنطقة إلى اجتماعات متتابعة لشرح أهداف النادي، الذي افتتح رسمياً 1400 هـ/ 1980 م.
وقد تبوأ المركز الأول بين الأندية الأدبية على مستوى المملكة لعامي 1404/ 1405هـ، 1984/ 1985 م.
وقد انتبه سمو أمير المنطقة في وقت مبكر إلى ثراء المنطقة الفني، خصوصاً الفنون الشعبية وتعدد ألوانها، ما أفضى إلى تأسيس فرع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في وقت مبكر ليجد مكاناً ثراً في مجال التراث والفن الشعبي ويخفف العبء عن النادي الأدبي، كان ذلك مطلع العام 1402 هـ/ 1982 م.
أما مركز الملك فهد الثقافي (قرية المفتاحة) فلعله يمثل تتويجاً لغرس البذور الأولى للثقافة والفن في عسير.
وتُمثل قرية المفتاحة معلماً بارزاً من معالم منطقة عسير من حيث الموقع والتصميم المستوحى من روح العمران العسيري الجميل وقبل ذلك من واقع ما تحمله من قيمة فنية وجمالية وتاريخية.
تضم القرية أهم نشاط اجتماعي واقتصادي عرفته المنطقة ألا وهو سوق الثلاثاء الشعبي، ومسرح المفتاحة الذي مازال إلى هذه اللحظة يعد من أجمل المسارح في الشرق الأوسط.
كما تضمنت القرية 12 مرسماً وصالات عرض لإقامة المعارض الفنية وغيرها من المعارض المتخصصة مثل معرض الكتاب و13 محلاً للصناعات الحرفية اليدوية التراثية.
لاشك أن هذه القرية تعتبر نجمة الثقافة والفن في عسير، ويعول عليها في المستقبل كثيراً بخصوص صناعة الترفيه في المنطقة. حيث بدأت هذه الأيام العروض السينمائية في موقع مخصص لها بالقرية، آخذة الشكل الجديد في صناعاتها الأصيلة.