تتناول (المجلة العربية) في عددها الحالي قضية نظن أنها جديرة بالاهتمام والعناية من ذوي الشأن؛ قضية تتناول إرث المبدع العربي، وبخاصة مكانه وسكنه ونُزله، الذي أمضى فيه حياته في مسيرته الإبداعية، كاتباً أو شاعراً أو فناناً. ولئن كُنا نقرأ للمبدعين العرب الذين نثروا إبداعاتهم عبر الكتاب، أو نشاهد أعمالهم الفنية، أو نسمع لهم عبر ما تركوه من تراث فني؛ فإن زيارة تلك النُزل التي عاشوها وعاشوا بها، وهي تضم ما تركه هذا المبدع؛ تختلف في واقعها، عن لقراءة أو المشاهدة أو الاستماع.
تحويل منزل هذا المبدع أو ذاك إلى مكان يختلف إليه الناس في زياراتهم؛ يُعزز من قيمة المبدع ووجوده في مجتمعه لدى محبيه، ويمنح الكثير من الوفاء تجاهه، ويبقيه حياً في ذاكرة الناس، ويُلهم كثيرين أفكاراً، وليس ما ننشده هو إنشاء مؤسسات أو مراكز ثقافية تحمل اسم هذه الرموز، ولكن المطلوب هو الإبقاء على منازلهم وتحويلها إلى ما يشبه المتاحف لتكون معالم سياحية، تضم ما تركوه لنا من إرث ثقافي وفني، يزورها الناس ويطلعون على الإنتاج الإبداعي لأهلها، وهذا لن يتم دون مساهمة الجهات الحكومية، المعنية بالثقافة والفن والتراث وحتى الرياضة، لتحقيق هذا المشروع الثقافي الطموح، من خلال تشجيع ذوي المبدع وتسهيل الإجراءات المتعلقة بهذا الموضوع، وتقديم الدعم المادي والمعنوي. كما أن على القطاع الخاص مسؤوليته تجاه هذا الأمر. إن إنشاء مثل هذه المتاحف في بيوت المبدعين هو أقل ما يُقدم لهم، تقديرا لدورهم الثقافي، وأحسبُ أننا -في دول العالم العربي- تأخرنا كثيراً في هذا المجال، ومن سيقرأ قضية العدد، سيجد أن عدداً من المختصين الذين شاركوا المجلة قد تناولوا نماذج من صور الاحتفاء والتقدير الذي يجده المبدعون في غرب العالم وشرقه.