الساعة على حائط الحياة تدق.. وقلبك على حائط جسمك يدق دقات رتيبة ومنتظمة في الداخل والخارج. ودخان أسود يخرج من مدخنة أحد المصانع في بلادي. ودخان أشد سواداً يخرج من فمك أيها الإنسان عقب كل سيجارة تنفث دخانها. الفرق شاسع وبعيد بين الاثنين، فالأول للإنتاج والتقدم، والثاني للهدم والتأخر. الأول ينادي هذا زمن العلم والمعرفة، والثاني يصرخ قائلاً: شر البلية ما يضحك. وشتان ما بين الاثنين والجميع يسير في موكب الحياة الأم. في طاحونة الزمن. ساعة على الحائط وساعة أخرى في المعصم لها عقربان مطليان باللون السماوي يحثانك على العمل والكفاح ويوقظانك من نومك وعلى الفور تقوم وتعمل من أجل الإنتاج ولحياة أفضل. والكارثة الكبرى في الوقوف. فاحذر أن تقف لحظة واحدة دون عمل وإلاّ داستك عجلة الزمن والتقدم والعمل. وذهب المركب عنك بعيداً وبقيت وحيداً متعباً.
أيها الإنسان.. لك تصرفاتك الخاصة حيال ما تريد، فتارة تتمرد على الزمن، وأخرى تغضب لأتفه الأسباب، وثالثة تضحك وفي نفسك من الداخل تتدافع انفعالات، وعواطف، وحب، وخداع، ووفاء، ونفاق، وإخلاص.
متناقضات عديدة؛ لأنك الآن في عصر الآلة، عصر العلم والتطور، كل شيء تحوّل إلى آلة، إلى أرقام، إلى حسابات معقدة، إلى رموز كمادة الجبر سابقاً أو أشد. والمطلوب منك أن تسير مع المركب وأن تجاري الواقع، وإلاّ فلا تلم إلا نفسك عندما تصبح وحيداً في هذه الحياة إلاّ من أوهامك ومن تأسفاتك وندم حيث لا ينفع الندم.