أثارت الدكتورة إيمان محمد مسعود، في رؤيتها المعنونة (مشاريع النهضة العربية.. السير عكس الاتجاه) المنشورة على صفحات (المجلة العربية) العدد (420) ديسمبر2011م، الكثير من الأسئلة من أهممها: كيف يمكن أن نؤسس مشروعاً نهضوياً وحضارياً جديداً؟. هل الصهيونية سبب فشل مشاريع النهضة العربية؟.
إن الحديث عن أن الصهيونية سبب في فشل مشاريع النهضة العربية، مجرد وهم. ولكن كان للاستعمار دور كبير في إجهاض أول مشروع نهضوي عربي في العصر الحديث، وهو مشروع محمد علي.. كما يذكر الدكتور معن زيادة في كتابه (معالم على طريق تحديث الفكر العربي)، حيث يقول: «لقد استطاع الاستعمار أن يجهض تجربة محمد علي، خاصة وأن محمد علي الذي أعد العدة لكل شيء أهمل أهم شيء، وهو إعداد الجماهير لحماية الدولة الحديثة، فقد بنى دولته على حساب الجماهير لا من أجلها، وقد سار ورثته على خطاه».
فلماذا أجهض هذا المشروع رغم أنه سار في عملية الإصلاح فترة طويلة.. ورغم أن اليابان قامت بمشروعها النهضوي مستفيدة من تجربة محمد علي ومن الأخطاء التي وقع فيها مشروعه.. كما يذكر د.مسعود ظاهر في كتابه (النهضة العربية والنهضة اليابانية.. تشابه المقدمات واختلاف النتائج) فيستعرض حركات التحديث للسلطنة العثمانية ومصر واليابان، ويذكر: «إن مقدمات حركات التحديث الثلاث تكاد تكون متشابهة إلى حد بعيد. وظهرت تباعاً في النصف الأول من القرن التاسع عشر. وفي طليعة المقدمات عامل الخوف من سقوط سلطنة إسلامية عثمانية، في المركز والأطراف، تحت قبضة (الكفرة) من فرنسيين، أو إنجليز، أو روس من جهة، وخوف اليابانيين من أن تدنس أرضهم المقدسة أقدام (البرابرة) من أمريكيين، أو فرنسيين، أو إنجليز، أو روس من جهة أخرى. وفي خاتمة تلك المقدمات فإن حركات التحديث الثلاث قد اتخذت شكلها النهائي في ظل رقابة مركزية أوروبية صارمة وسعي أوروبا للسيطرة على العالم. ورغم تشابه النتائج، نجح اليابانيون حيث فشل العرب والعثمانيون معاً».
فكيف نؤسس مشروعاً نهضوياً حديثاً.. يجيب على ذلك المفكر الجزائري (مالك بن نبي) في كتابه (شروط النهضة) الذي ينطلق من مفهوم الآية الكريمة (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (الرعد:11). ومن هذا المنطلق يقدم لنا شروط النهضة التي تنطلق من ثلاثية: الإنسان، التراب (الأرض)، الوقت.
فكيف نبدأ، يقول الدكتور محمد عمارة في كتابه (العرب والتحدي): «المطلوب هو البدء من بعض أصول الماضي الصالحة، والتي استلهمها الأوروبيون عندما استعانوا بتراثنا في نهضتهم، مع وعينا بأنها هي المدخل والسبيل الذي يعين على التجديد والتحديث والتطوير».