في إطلالته الشهرية استطاع الدكتور عثمان بن محمود الصيني في مقاله (مستقبل الثقافة العربية( أن ينكأ جراحاً قديمة وددنا من قلوبنا أن تندمل ومعه كل الحق، فالذين يُحسنون قراءة الماضي هم الأجدر بقراءة المستقبل. فالتغيرات المتلاحقة المتسارعة والمستجدات الطارئة التي يشهدها العالم في العقود الأخيرة تُثير الكثير من التساؤلات عما سيكون عليه مستقبل المجتمع الإنساني، بل وعن مصير الإنسان نفسه على حد تعبير الدكتور أحمد أبو زيد في كتابه (المعرفة وصناعة المستقبل), فلقد أصبح التفكير في المستقبل هو أحد أهم الهواجس التي شغلت تفكير الإنسان منذ بداية ظهوره على سطح البسيطة في العصور المبكرة . ففي نهايات القرن الماضي بدأت ثورة في وسائل الاتصالات والمعلومات أحدثت ومازالت تحدث الكثير من التغيرات حتى إنها أحدثت ثورة كبيرة في النشر الإلكتروني واستخدامات شبكات الإنترنت, وهذه التغيرات الجديدة أفرزت مفردات جديدة مثل الشباب والثورات والشبكات الاجتماعية مثل الفيس بوك وتويتر واليوتيوب. وتُعد الإنترنت ثورة عالمية جديدة، تضاهى إن لم تفق الثورة الصناعية وما نراه الآن من استخدام للإنترنت في مختلف مناحي حياتنا شاهد على ذلك، وفى إحصاء نشرته إحدى المجلات عن عدد المتعاملين مع الشبكة العنكبوتية، أكد أن هناك أكثر من مائة وخمسين ألف مستخدم في الولايات المتحدة وحدها وأكثر من 26 مليون مستخدم في ألمانيا، و29مليون مستخدم في بريطانيا، و23مليون مستخدم في إيطاليا والعالم العربي يعتبر حديث العهد بها، ولا يمكن تجاهل حقيقة مهمة أن العالم كله وليس العالم العربي وحده حديث العهد بالإنترنت. وفى دراسة مهمة للدكتور خالد العامودي الأستاذ بجامعة الملك عبد العزيز حملت عنوان (الحاسوب كوسيلة اتصال.. استخدامه ودوره في المجتمع السعودي) أكد في دراسته أن 90% من أفراد العينة اتفقوا على أن للحاسوب دوره المهم في تطوير مجالات التعليم والخدمات الصحية وخدمات الطيران. ورغم ما سبق فقد لاحظ العلماء والدارسون قلة المتعاملين مع الإنترنت في الوطن العربي فالمتعاطين للتكنولوجيا قليلون جداً، ففي آخر الإحصائيات عن نسبة الذين لديهم مدخل على الإنترنت في العالم العربي، تبين أن دولة الإمارات العربية المتحدة تمثل أعلى نسبة (15%) تليها مصر لأن عدد سكانها يزيد عن 80 مليون نسمة، ثم تأتى معظم الدول العربية في المرحلة الثالثة, وهذه النسب ليست مؤشراً دقيقاً لقياس التعامل مع الإنترنت وذلك لأن بعض الدول تستخدم نفس المدخل (Account) من قِبل أكثر من شخص سواء في الأسرة أو خارج الإطار العائلي وهذا يعنى أن المستخدمين الفعليين قد ترتفع نسبتهم إذا ما عالجنا هذا الخلل في القياس والكثير من الشباب والشابات تنتشر بينهم ظاهرة المحادثات الإليكترونية (Chat) وبالتالي فإن الكثير من الوقت المستخدم في التعامل مع الإنترنت ما هو إلا وقت ضائع، فأين نحن العرب من تلك التكنولوجيا العظيمة.