الضاد في خطر إذا توقف الإنتاج المعرفي.. ومجامع اللغة العربية تعيش غربة في وطنها سواء في التعليم العام أو الجامعي أو التعامل في المجتمع والتجارة والتخاطب. اللغة في أزمة وتحتاج دعم السياسيين.
كانت تلك تحذيرات ضمن توصيات خرج بها المؤتمر الثاني للغة العربية الذي نظمه المجلس الدولي للغة العربية بالتعاون مع منظمة اليونسكو واتحاد الجامعات العربية ومكتب التربية العربي لدول الخليج وعدد من المنظمات والهيئات الدولية, تحت عنوان (اللغة العربية في خطر.. الجميع شركاء في حمايتها) في السابع من مايو 2013م بدبي, بمتابعة من القيادة السياسية التي تمثلت في كلمة حاكم دبي خلال المؤتمر الذي شدد على ضرورة احترام «أميرة اللغات وتاجها؛ لأنها لغة القرآن الكريم».
وكان ذلك بحضور أكثر من ألف شخص من سبعين دولة عربية وإسلامية وعالمية, ناقشوا أكثر من 372 بحثاً في ثلاث وستين جلسة, تم جمعها وطباعتها وتوزيعها على المشاركين قبل بدء المؤتمر الذي أشرف عليه المنسق العام للمجلس الدولي للغة العربية الدكتور علي بن موسى الذي قال في كلمة له إن اللغة العربية تفقد مواقعها في سوق العمل, وأخطر من هذا كله أن اللغة العربية تبتعد يوماً بعد يوم عن العلوم والمعارف والإدارة والتقنية والصناعات والتجارة الحديثة لتصبح غير قادرة على استيعاب للمستجدات, لا لعجز فيها وإنما بتخاذل أبنائها عندما تصبح اللغة الأجنبية فرض عين واللغة العربية فرض كفاية لمن استطاع إليها سبيلاً.
وأضاف المنسق العام أن اللغة العربية هي اللغة الموحدة والجامعة المانعة التي تضمن السيادة والريادة والقيادة وتتكفل بالشعور بالانتماء والولاء والصدق والوفاء والبناء للوطن ومؤسساته وللمواطن الصالح, وإعادة إنتاج المجتمع وقيمه وثوابته؛ لأن اللغة مصدر من مصادر الذات لا تنفصل عنها مهما كانت المسببات.
وأوضح موسى أن اللغة العربية في خطر شديد ليس في تراكيبها وصياغاتها وقواعدها ومفرداتها ولكن في وجودها في مواقعها الطبيعية وفي استخدامها بشكل صحيح في الحياة اليومية, حيث إنها تعاني من الإقصاء في التعليم وسوق العمل والإدارة والإعلام والتجارة والتقنية والسياحة وغيرها, في الوقت الذي يتم فيه تشجيع واشتراط استخدام اللغة الأجنبية ومعرفتها في هذه المجالات الحيوية.
مبيّناً أن سوق العمل والتقنية الحديثة والتجارة والإعلام؛ جميعها فرضت على المؤسسات التعليمية والمجتمع تبني اللغة الأجنبية, مطالباً في الوقت نفسه وزارات التربية والتعليم في الدول العربية بإعادة النظر في بناء وتصميم الخطط الدراسية, بحيث تتبلور وفق معايير تراعي الكفايات اللغوية في كل مرحلة عمرية ودراسية.
كما أشار إلى أن على جميع مؤسسات التعليم العالي والجهات المعنية بالتوظيف اشتراط إتقان المتقدم لها للغة العربية وفق معايير واختبارات وطنية تضعها تلك الجهات.
واقترح المنسق العام مؤتمراً قادماً تحت عنوان (الاستثمار في اللغة العربية ومستقبلها), مشيراً إلى النجاح الذي تحقق في المؤتمر الأول ببيروت. وأبان أن المؤتمر أطلق قانوناً لحماية اللغة يتضمن 23 مادة.
هذا وشهد المؤتمر نقاشات ومداخلات كثيرة لأوراق العمل والبحوث, طالب بعض المتخصصين بتوحيد الجهود العربية في الترجمة, إذ تضم المكتبات كتباً هائلة تنتظر تقنيات خاصة لنقلها إلى اللغة الرقمية. حيث الجامعات تقاعست عن دورها في الترجمة أمام هيمنة اللغات الأجنبية, بينما آخرون طالبوا بوضع تشريع (لساني لغوي) لأن الضاد في خطر إذا توقف الإنتاج المعرفي.